يستخدمونها في اختراق شبكة الإنترنت تحول اللصوص من السرقة التقليدية إلى التقنيات العالية
|
* القاهرة مكتب الجزيرة أشرف محمد:
أوضحت الإحصائيات الخاصة بالسلطات الأمنية البريطانية أن الكثير من اللصوص والمجرمين بدأوا يتجهون إلى سرقة التقنيات العالية وهجر السرقات التقليدية. وكانت الشرطة البريطانية ومسؤولو الجمارك قد أطلقت خلال العام الماضي مبادرة تسمى (عملية جرافتون) والتي تتضمن محاولات للحد من الجرائم عالية التقنية. وقد تفجرت المشكلة عقب قيام بعض اللصوص باختطاف شاحنة تحمل أجهزة حاسبات تقدر بمبلغ 7 ملايين جنيه إسترليني وذلك في أواخر شهر أكتوبر من عام 2003 الماضي في منطقة بجوار مطار هيثرو. وفي شهر يناير الماضي قام بعض اللصوص بتهريب رقاقات حاسبات يقدر ثمنها بنحو 4.6 ملايين جنيه استرليني تحتوي على معالجات بانتيوم 4 سرقت من شاحنة وتم تفريغها وتركوها بجوار مخزن غرب لندن. أما خلال الشهر الماضي فقد قاموا بالسطو على أحد المخازن ببريطانيا أيضا وتمكنوا من سرقة بعض رقاقات الحاسبات ويقدر ثمنها بحوالي 3.5 ملايين جنيه استرليني كانت تخص شركة سامسونج.
أوضح عدد من الخبراء انه من المعتقد أن اللصوص يقومون بسرقة الرقاقات وتصديرها إلى بعض بلدان الشرق الأقصى وأوروبا الشرقية كجزء من السوق السوداء المزدهرة في تلك البلدان خلال الفترة القليلة الماضية على حد تعبيرهم. وأكد مدير أمن تلك المبادرة أن هناك بعض اللصوص يقومون بترويج بضائعهم المسروقة عبر شبكة الإنترنت من خلال شركات وهمية يعلنون عنها مشيرا إلى أن اللصوص اتجهوا نحو تلك الأدوات نظرا إلى عائدها المادي الكبير كما أن العديد من المؤسسات الأمنية تولي اهتماما اكبر إلى حراسة البنوك ومحلات المجوهرات والأشياء الغالية الأثمان، كما هو العرف منذ زمن بعيد إلا انهم لم يتنبهوا إلى أهمية حراسة التكنولوجيات الحديثة.
استخدام شبكة الإنترنت :
أما فيما يتعلق بارتكاب الجرائم من خلال التقنيات العالية عن طريق شبكة الإنترنت فان مدير أمن وحدة الجريمة عالية التقنية البريطانية قد طالب خلال الأيام القليلة الماضية الأفراد بضرورة المساعدة في القضاء على الجرائم عالية التقنية ومنها ما يحدث على شبكة الإنترنت، وقال: إن من اهم ما يمكن أن يقوم به الأفراد هو الإبلاغ عما يتعرضون له من احتيالات وغش ولا يجب عليهم السكوت عما يحدث لهم إذ يعتبر النصب والاحتيال من خلال شبكة الإنترنت واحدا من الجرائم المخفية عن العيون والتي يكون الإبلاغ عنها أحد الأدلة الهامة في أيدي السلطات الأمنية للكشف عن الجناة. وأضاف أن ( اللامبالاة ) هي اخطر شيء في زيادة انتشار الجرائم عالية التقنية كما يمكن أن يقوم الأفراد بالإبلاغ عما يحدث حتى ولو لم يكن معهم وان يتخلوا عن مبدأ أن المشكلة ليست معي ولكن مع شخص آخر. وأشار إلى أن سكوت الأفراد عن الإبلاغ يساعد هؤلاء اللصوص والمحتالين على توسع أنشطتهم ويعد هذا السلوك واحدا من (التضاريس الرقمية) التي يجب الاعتناء بها من خلال الخبراء والمتخصصين وان تقوم أجهزة الأعلام بتوعية الأفراد لأهمية مشاركتهم في الإبلاغ عن حالات الاحتيال التي يتعرضون لها أو غيرها من المعلومات التي قد يعرفونها.
وأضاف أن الدراسة التي أجريت مؤخرا تحت عنوان (تأثير الجرائم عالية التقنية) قد كشفت أن ما يقرب من 167 شركة قد عانت من خسائر بلغت نحو 195 مليون جنيه استرليني بسبب الجرائم المستحدثة واستخدام التقنيات العالية وأهمها ارتكاب الجرائم من خلال شبكة الإنترنت.
وأوضحت الدراسة أن الجرائم عالية التقنية تكلف المؤسسات الكثير من الأموال بالإضافة إلى أن هناك الخسائر المتعلقة بسمعة الشركات التي يتم اختراقها وهو ما يسبب إحجام بعض العملاء من حيث الإقبال عليها وهو ما يعنى المزيد من ضياع الأموال. وحذر مدير الأمن من زيادة جرائم عالية التقنية موضحا احتمال وصولها في المستقبل إلى جميع الأعمال التي تمارس أنشطتها من خلال شبكة الإنترنت وعدم اقتصارها على بعض الأنواع الحالية مثل الاحتيالات المالية من خلال بطاقات الائتمان. وأضاف أن أحد الاستطلاعات الذي أجري خلال الفترة الماضية قد كشف انه خلال الاثني عشر شهرا الماضية وقع حوالي 83% ممن يتجولون أو يستخدمون شبكة الإنترنت في أعمالهم فريسة للمجرمين والمحتالين، فعلى سبيل المثال فان الفيروسات تهاجم المؤسسات وأجهزة الأفراد ما يقرب من 255 مرة خلال العام وهي نسبة تعد كبيرة جدا مقارنة بالكثير من الجرائم التقليدية التي كانت ترتكب في الماضي وهو ما يعنى أيضا دخول شرائح جديدة إلى المجرمين وهي طبقة متقني تكنولوجيا المعلومات بالإضافة إلى أنها مؤشر هام فيما يتعلق بتحول الكثير من المجرمين إلى سرقة التقنيات أو استخدامها في أعمالهم الإجرامية. كما كشف الاستطلاع أن اكثر من واحد من بين 10 عينات قد تعرضت مواقعهم على الإنترنت للتشويه أو تعرضوا لسرقة بياناتهم الشخصية وأسيء استخدامها.
وقال انه رغم زيادة الوعي بين المسؤولين عن المؤسسات بتلك الجرائم عالية التقنية إلا أن الكثير من الواجبات لا يزال عليهم إدراكها للحد من تلك النوعية من الجرائم. وأشار الاستطلاع إلى أن ما يقرب من 23% ممن تضمنتهم العينة كانت تغيب عنهم الخطط اللازمة لعمل التدقيق الأمني الذي يوقف تلك الهجمات كما أن ما يزيد عن ثلث العينة التي شملها الاستطلاع لم تراع معايير التامين اللازمة لحماية المؤسسات والمواقع أو حتى بيانات الأفراد المالية الشخصية.
وأضاف انه على الرغم من بلوغ نسبة الحفاظ على المواقع والبيانات ضد اللصوص والمهاجمين إلى 16% إلا أنها نسبة غير مرضية في عالم مكافحة جرائم التقنيات العالية نظرا لانتشارها يوما بعد يوم.
وكان بعض خبراء علم الاجتماع ومكافحة الجرائم عالية التقنية قد أكدوا أن الأمر لا يحتاج المزيد من التشريعات أو العقوبات التي توقع على مرتكبي الجرائم عالية التقنية بل الدور الأساسي يكمن في التوعية التي يمكن أن تقوم بها أجهزة الأعلام والتنبيه إلى خطورة تلك الأدوات. وحذر مدير الأمن في نهاية حديثه قائلا: إن استخدام تكنولوجيا المعلومات من قبل اللصوص يقتصر حاليا على فئة معينة وهم مقتنو تلك الأدوات إلا أن المستقبل يحمل زيادة انتشار تلك الجرائم واحتمال أن تكون مسرحا لجميع اللصوص والسارقين.
28 شابا يرتكبون جرائم على الإنترنت يوميا :
ومؤخرا حذر أحد التقارير من أن نسبة ارتكاب المراهقين والأحداث (صغار السن) للجرائم من خلال شبكة الإنترنت في زيادة مستمرة وتشكل خطرا كبيرا يجب الانتباه له خلال السنوات الماضية. وذكر التقرير أن هناك ما يقرب من 10 آلاف قاصر قد وقعت عليهم العقوبات بسبب ارتكاب الجرائم عبر شبكة الإنترنت على الرغم من جهود العديد من الهيئات والمؤسسات الأمنية والتربوية للحد من تلك الجرائم. وحذر بعض المتخصصين من أن المستقبل يحمل زيادة مطردة لهؤلاء المجرمين نظرا لكثرة إقبال المراهقين على شبكة الإنترنت. وتشمل الجرائم التي ذكرها التقرير من قبل المراهقين سرقة الألعاب ونسخها من على الشبكة وتشويه المواقع ومهاجمتها وسرقة البيانات.
وقال: إن المراهقين لديهم إحساس قليل بالذنب تجاه ارتكاب الجرائم من خلال شبكة الإنترنت وهو ما يعني الحاجة إلى المزيد من التوعية والمراقبة الأسرية.
وطبقا لبيان إحدى الوكالات الأمنية فان ما نسبته 70% من الجرائم التي يرتكبها الشباب على شبكة الإنترنت تتعلق بسرقة الألعاب. فقد اعتقلت الشرطة خلال العام الماضي عدد 10187 شابا صغيرا بسبب محاولاتهم لاختراق وتحميل برامج من مواقع الألعاب، وتجارتهم في المواد المنسوخة في هذا المجال، بالإضافة إلى بعض جرائم الإنترنت الأخرى. وأوضح التقرير أن ما يقرب من 28 شابا يرتكبون يوميا الجرائم المختلفة على شبكة الإنترنت إما بسبب الألعاب المنسوخة أو مهاجمة مواقعها.
وأكد التقرير أن صغار السن تتزايد معدلات إدمانهم للألعاب التي يشاركون بعضهم البعض من خلال شبكة الإنترنت. ووفقا لتصريحات المسؤولين بشركة Ncsoft فان عضويتها بلغت حوالي 2 مليون فرد معظمهم من الشباب. وأضاف التقرير أن العديد من الشباب يقومون بنسخ مواد الألعاب عبر شبكة الإنترنت أو سرقة الأموال. وذكرت الشرطة أن عدد الشباب الذين وقع عليهم عقاب بسبب المشاكسات على الإنترنت بلغ 8 آلاف و250 شابا خلال عام 2002 مقابل 400 فقط خلال عام 2001 وأكدت الشرطة أن بعض طلاب المدارس والجامعات يشكلون مجموعات لتعلم كيفية اختراق مواقع الألعاب وتحميل البرامج منها بالإضافة إلى تداول المعلومات والخطوات فيما بينهم التي تساعد على سرقة الأموال عبر شبكة الإنترنت.
وقال الخبراء أن هناك بعض الأولاد الذين أدمنوا العاب الإنترنت يحتاجون إلى ممارسة تلك الأعمال بما يساوى 5 ساعات يوميا والا يواجهون مشاكل نفسية. وأضاف الخبراء أن قلة التدابير الأمنية من قبل المسؤولين عن المواقع تعد أحد الأسباب التي تشجع المراهقين على ارتكاب هذه الأعمال. في حين أكدت السلطات الأمنية أنها وجهت العديد من النداءات إلى أصحاب المؤسسات إلا انهم لا يهتمون بذلك بحجة ارتفاع تكاليف التأمين رغم أن الإهمال في هذا الجانب يكلفهم اكثر مما يظنون بسبب خسائر الاختراق كما حدث مع شركة أس سوفت خلال شهر سبتمبر من عام 2003 الماضي.
اختراق كبرى المؤسسات المالية في العالم :
أوضح التقرير الذي صدر عن مؤسسة (consultant Deloitte's 2004 Global Security Survey ) أن اللصوص تمكنوا من اختراق اكبر المؤسسات المالية على مستوى العالم وان الأمر لم يتوقف عن حد المؤسسات الصغيرة فقط. وقد اعترف ما يقرب من نسبة 25% من الشركات والمؤسسات التي شملها البحث انهم قاموا بتجميد الميزانيات الخاصة بتأمين المعلومات والبيانات على الرغم من زيادة الهجمات وما تسببه من خسائر مالية فادحة لهم. وذكرت الدراسة أن ما يقدر بنحو 83 % قد اعترفوا بتعرضهم للمساومات مع المخترقين خلال العام الماضي مقابل 39% فقط خلال عام 2002. ومن بين هؤلاء حوالي 40% تعرضوا بسبب هذه الهجمات إلى الخسائر المالية الكبيرة وكشفت التقرير أن نسبة 70% يرون أن التهديد الأكبر يتمثل في الفيروسات والديدان خاصة خلال الاثني عشر شهرا الماضية رغم انخفاض معدلاتها إلى نسبة 87% مقابل 96 % خلال عام 2003.
وأوضح ثلث من شملتهم الدراسة في التقرير أن تقنياتهم الأمنية لم يحسن استغلالها بينما ربع المستطلعين أكدوا أن مؤسساتهم أحسنت استخدام تقنيات الأمن. وتتوقع الدراسة أن برامج الأمن الخاصة بإدارة الهوية والكشف عن مناطق الضعف سوف تنتشران خلال الثمانية عشر شهرا القادمة. وقال سايمون اوين الشريك في المؤسسة التي أجرت البحث أن مسؤولي الأمن التكنولوجي في المؤسسات اصبحوا في مواجهة التحديات حاليا اكثر من أي وقت مضى خاصة في المؤسسات المالية مشيرا إلى انهم في معارك مستمرة مع التهديدات الداخلية والخارجية للحفاظ على البيانات والمعلومات والأموال ويعد التطور المذهل الذي يتحرك من خلاله اللصوص والمهاجمون واحد من أدوات هذا التحدي. وأضاف انه على الرغم من زيادة التهديدات التي تندرج تحت تلك الاسماء إلى أن مسؤولي الأمن لديهم عقبة كبيرة تتلخص في قلة الأموال التي ترصدها المؤسسات لمحاربة تلك الجرائم. وادعى أن الشركات تتراجع للخلف فيما يتعلق بالتكنولوجيات التأمينية.
وقال اوين: إن من حق المؤسسات مضاعفة ربحيتها بينما الأهم أن تحافظ على أمنها التكنولوجي.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|