دور المجتمع المدني في مكافحة العدوان الإجرامي عبر الإنترنت
|
* إعداد - إبراهيم الماجد:
ظهر مصطلح (الجرائم المستحدثة) نتيجة التغيرات في البنية الاجتماعية وقيمها وتحولها إلى العالمية التعولم، التي ولّدت سلوكيات جديدة متعارضة مع الخصوصية الحضارية والثقافية والدينية لمجتمعنا.
كما ظهر هذا المصطلح نتيجة تغيرات البنية الاقتصادية الناجمة عن عولمة المال والاقتصاد وعن زيادة الترابط الإلكتروني، والاعتماد المتزايد على التقنية والاتصالات. ولهذه البُنى مُسميات عدة وجديدة منها: الطريق السريع للمعلومات أو الإنترنت، البناء التحتي المعلوماتي العالمي، أو النادي التحتي المعلوماتي الإلكتروني مما عكس وضعاً أمنياً ضاغطاً نحو عولمة القانون والأمن.
إن الانتشار الكبير للإنترنت في الحياة العملية، أظهر الحاجة الضرورية إلى وضع حلول قانونية للمشكلات الناتجة من استخدامه إضافة إلى وضع قواعد خاصة لتنظيم استخدامه في بعض المجالات الحيوية واستخلاص القواعد الرئيسية وتبيان الأحكام الشرعية لاستخدام الإنترنت في بعض المجالات، وذلك لاعتبار أدواره الثلاثة رموزاً في حقل الجريمة:
- فهو أما وسيلة متطورة لارتكاب الجرائم التقليدية بفاعلية وسرعة أكبر من الطرق التقليدية كما في التزوير أو الاحتيال.
- أما الهدف الذي تتجه إليه الأنماط الحديثة من السلوك الإجرامي التي تستهدف المعلومات كما في اختراق النظم والدخول إليها من دون تحويل وغيرها.
- وأما البيئة بما تضمه من محتوىً غير قانوني كالمواقع الخاصة، وهو البيئة التخزينية والتبادلية التي تسهل ارتكاب الجرائم، وخصوصاً العابرة للحدود.
تعولمت الجريمة وظهرت أنماط جديدة منها، من دون الحاجة إلى الفعل الفيزيكي بموضوع الجريمة مثل غسيل الأموال وتحويلها عبر الإنترنت بل يكون ذلك إلكترونياً بتحويل أرصدة من حسابات إلى أخرى من دول أخرى، إضافة إلى أنماط عدّة شكلت تحدياً جديداً في تفسير الجريمة ووسائل الوقاية منها ومكافحتها مثل جرائم الحاسب، الملكية الفكرية، التجسس العسكري والإلكتروني.
إن الحاجة إلى تثقيف القائمين بالضبط والخبراء وسلطات التحقيق هي من أهم الأساليب لمواجهة خطر جرائم الإنترنت، حيث أساليب التحقيق والرصد أو حتى مجال التوعية والتثقيف، حتى تتكون درجة من المعرفة الفنية تتناسب مع حجم المتغيرات والتطورات في مجال الجرائم.
من هنا برز الدور التطوعي لمصر ضد مظاهر العدوان الإجرامي عبر الإنترنت من طريق إنشاء جمعية أهلية تطوعية تخضع للقانون المصري في مكافحة الإجرام عبر الإنترنت.
تهدف الجمعية الأهلية التطوعية في مصر إلى نشر الوعي بالجرائم الناشئة عن استخدام الإنترنت عن طريق التثقيف الاجتماعي والقانوني والاقتصادية.
كما تهدف إلى إعداد الدراسات والبحوث عن العلاقة الرقمية بالقاعدة الموضوعية والاجرائية وإعداد قاعدة احصائية للجرائم ومتابعة التجمعات العلمية والأكاديمية وحضور الندوات والمؤتمرات.
كذلك تقديم الدعم والعون العلمي للمؤسسات والأفراد، حيث تنمية الكوادر البشرية في مكافحة الجرائم عبر الإنترنت والعمل على تشجيع البحث العلمي في هذه الجرائم.
يتم ذلك عبر نشاطات الجمعية في اعداد المؤتمرات والندوات والبحوث والإحصاءات ومتابعة الفقه والقضاء المقارن في كل ما ينشر، والمبادرة إلى تعميمها من طريق إصدار المصنفات والمطبوعات وإنشاء المؤسسات التدريبية والمساهمة في تطوير قانون الإجراءات الجنائية ليتفاعل مع الأدلة الرقمية، وتقديم الاستشارات والخدمات المتخصصة في مجالات عمل الجمعية وتبادل الخبرات والدراسات المشتركة مع الجهات المعنية.
جرائم التجسس والإرهاب الإلكتروني
عبر الإنترنت
إن بعض نشطاء الإنترنت أساءوا التعامل معه واستغلاله، وتم تركيزهم على الاستخدامات السلبية غير المقبولة أو غير المشروعة، حتى أصبحت كلمة الإنترنت مرادفاً للإباحية والانفلات وصار الإنترنت المتهم البريء في كل مشكلة وكارثة تحل بالعالم.
يُعتبر النشطاء إما من الجواسيس للتلصص على الدول أو الهيئات أو البنوك أو الافراد بغية انتهاك الامن أو الخصوصية أو الحرمات، واما من الاباحيين الذين يعرضون الصور المشبوهة والموضوعات المثيرة المنحرفة.
إن شبكة الإنترنت شبكة معلوماتية لها معايير ثلاثة تراوح بين سرية المعلومات المخزنة في أجهزة الحاسبات أو المنقولة عبر الشبكة وعدم الاطلاع عليها إلا من الاشخاص المخولين، وبين سلامة المعلومات وضمان عدم تغيير المعلومات المخزنة على الجهاز إلا من الأشخاص المخولين، وأخيراً بين وجود المعلومات وعدم حذفها إلا من الاشخاص المخولين.
إن صعوبة السيطرة في حماية الخصوصية أثناء تصفح الإنترنت بمجرد خروجها من الجهاز تجعل أهداف سرقة المعلومات أو تغييرها أو ربما حذفها من جرائم الإنترنت الدائمة، إضافة إلى تعطيل أو تخريب أجهزة الحاسب، وتهديد الجهات المعنية وبعض الاشخاص وابتزازهم.
جرائم التجسس الإلكتروني لقد تحولت وسائل التجسس من الطرق التقليدية إلى الإلكترونية، بفعل استخدام الإنترنت وانتشاره عالمياً، امراً مباحاً للتجسس والبث الفضائي. فلم تقتصر الخروقات على العبث أو إتلاف المحتويات من HACKERS، بل تخطت ذلك لتشمل عمليات تجسس تقوم بها الأجهزة الاستخبارية للحصول على أسرار ومعلومات دول وافشائها لدول مُعادية واستغلال ذلك للمصلحة الوطنية الدولية إضافة إلى التجسس التجاري للانشطة التجارية والصناعية.
ومن أبرز حالات التجسس الدولي:
مفتاح وكالة الامن القومي الأمريكي NSA، والشبكة الدولية للتجسس الإلكتروني في اشراف وكالة الامن القومي الأمريكية بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات والتجسس في كندا وبريطانيا وأوستراليا ونيوزيلندا لرصد المكالمات الهاتفية والرسائل بأنواعها كلها التي يطلق عليها اسم Echelon.
بعد اعتداءات 11 ايلول على الولايات المتحدة الأمريكية، ارتكز تجسس الأقمار الاصطناعية الأمريكية، المخصصة لالتقاط الاتصالات اللاسلكية والهاتف المحمول بالإضافة إلى التقاط الصور الفائقة الدقة، على أفغانستان للبحث عن الجماعات المعادية، حيث تُحال كل هذه الاتصالات والمعلومات على الولايات المتحدة الأمريكية وتدخل في أجهزة كومبيوتر متطورة لتحليلها.
جرائم الإرهاب الإلكتروني
إن عصر الازدهار الإلكتروني في زمن قيام حكومات إلكترونية بّدل نمط الجريمة التي يحتفظ البعض حتى الآن باسمها التقليدي مع تغير بسيط في طرق ارتكابها، حيث اخذ الشكل الحديث يتماشى مع التطور التقني فباتت جريمة الإرهاب الإلكتروني السائدة حالياً من الجرائم الحديثة في يومنا هذا.
فاقتُحمت ودُمرت المواقع، وتغير محتواها من طريق العبث بها وإزالة البيانات والاستيلاء عليها والدخول إلى شبكات الاتصالات وتعطيلها وحتى تدميرها في محاولة للوصول إلى اغراضهم. ان المتأمل في حالة شبكة الإنترنت يدرك جيداً ما قدمته هذه الوسيلة من تسهيلات للانشطة الاجرامية - المنظمة والفردية - جاعلة الامن الاجتماعي والاقتصادي والقومي عرضة لأخطار انماط جديدة من الجريمة الذكية التي تهدد كيان المجتمع الإنساني كله في البلدان المختلفة.
من هنا حدد بعض الخبراء خصائص متفردة للجريمة لا تتوافق والجرائم التقليدية من حيث الاسلوب والطريقة والفعل، إضافة إلى تأملات حول التصدي للجريمة المعلوماتية.
(تتبع حلقة ثانية)
دراسة محمد محمد الألفي، عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية لقانون الإنترنت، ونائب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لمكافحة جرائم المعلوماتية والإنترنت.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|