هل تسبب التكنولوجيا الحديثة الأذى للأطفال
|
تحكي إحدى الأمهات واسمها بيركنز أن ولديها التوأم البالغين من العمر 13 عاماً، شديدي الحب للالعاب، يمتلكون 3 أجهزة كمبيوتر، واثنين من أجهزة البلاي ستيشن، ونينتاندو جام كيوب، وأكسبوكس من ميكروسوفت.
ثم تلفت النظر بعد ذكر هذه القائمة من الأجهزة إلى أنهم، من الناحية الجسمانية لديهم صفة غريبة وهي أنهم يستطيعون أن يثنوا إبهامهم الى الوراء بدرجة كبيرة ويقومون باستمرار بفرد وطقطقة مفاصل أصابعهم بسهولة، ويستخدمون إبهامهم في أعمال مثل، قرع جرس الباب والاتصال بالهاتف وتقليب المحطات من خلال جهاز التحم عن بعد.
كتبت بيركنز في رسالتها عبر الانترنت تقول: (أحياناً يتطرق لذهني أن هذه مشكلة في المفاصل).
ومن الممكن أن يرجع سبب مرونة أصابع إبهام أولاد بركنز الى عامل وراثي أو من الممكن أن يكون ذلك نتيجة جسمانية طبيعية لاهتمامهم بالألعاب أكثر من اللازم.
وذلك مثلما يمتلك قائدو الدراجات أفخاذاً قوية، ويمتلك السباحون أكتافا قوية.
وبغض النظر عن هذه الحالة، يتوقع بعض الاطباء والباحثون والاطباء المعالجون وجود سلسة من إصابات الضغط المتكررة الجديدة، في السنوات القادمة، بسبب تعرض أطفال الجيل الحالي الى فترات طويلة من التكنولوجيا. من ناحية أخرى أظهرت إحدى الدراسات تم إنهاؤها عام 2000 في إحدى المدارس في استراليا، عن تأثير أجهزة الكمبيوتر المتنقلة، أن 60 % من الطلاب في المرحلة العمرية ما بين 7 الى 10 سنوات، يعانون من تعب في الرقبة والظهر أثناء استخدام الكمبيوتر.
ووفقاً لتقرير جمعية الإرجونومكس العالمية فإن مهمة الأطفال والكبار لم تتغير بطريقة كبيرة منذ تطوير اللغة المكتوبة(. إلا إننا للأسف نفتقد إلى وجود أبحاث جادة حول موضوع دراسة أوضاع الكمبيوتر الخاصة بلأطفال).
إلا إن الباحثين ليسوا أقل قلقاً.
يقول كيين هاروود، مدير قسم الممارسة في جمعية العلاج الطبيعي الأمريكية: (يتوقع أن تكون خطورة تعرض الاطفال الى مخاطر الأوضاع الخاطئة أعلى من تعرض الكبار لها، بسبب الوقت الكبير الذي يمضيه الاطفال على أجهزة الكمبيوتر في المنزل والمدرسة).
ويضيف هاروود قائلا: (لذلك، نتوقع رؤية المزيد من مرض الإصابة بضغط متكرر (الأر أس أى) في الاطفال، في السنوات القادمة، حيث إن هؤلاء الاطفال بدأوا في التطور، ولكننا نفتقر إلى الأدلة التي تثبت ذلك).
وجود مرض الضغط المتكرر في سن الثامنة يُشير بعض الاطباء المعالجين وأطباء الاطفال الى وجود حالات من مرض الأراس أي في أطفال، يصل عمرهم الى 8 سنوات.
ويشكو الاطفال من وجود آلام في الرأس ومتاعب في العنق وآلام في الظهر. وعندما يعجز أطباء الأطفال عن التعرف على سبب ذلك، سيرسلون الاطفال الى طبيب معالج. قالت دوريين فرانك، الطبيبة المعالجة بنيويورك: (نرى المزيد من أطفال المدرسة المتوسطة يعانون من (آلام) في الرقبة والظهر، وعندما نقوم بفحصهم نجد أنه لا يوجد أي رضوض او نشاط جديد، حيث ينحصر الموضوع في مشكلة جلوسهم لوقت طويل، وقيامهم بعد ذلك بالجلوس للعمل على الكمبيوتر لفترات طويلة).
ولا يشعرالكثير من الاشخاص الذين شاهدوا تبديل الاطفال لهوايتهم المفضلة، مثل، كرة القدم أو الرقص بمهمة الإرسال وألعاب الكمبيوتر، بالاندهاش من هذه المخاوف.
ولكن قد يُعاني حتى الاطفال الرياضيين، بسبب الجلوس لساعات طويلة أمام الكمبيوتر، بدون أخذ راحة، مما قد يُؤثر على عضلات ومفاصل النمو.
وقالت فرانك: إنه على مدار الخمسة أعوام السابقة يمثل أطفال المدرسة المتوسطة الذين يعانون من آلام في الرقبة والظهر 5% من مرضاها، ولم يتعد بعضهم الصف السادس.
أما آلن هيدج، أستاذ علم الاوضاع المهنية في جامعة كورنيل، فيقول: (إن الاشخاص الذين لا يستخدمون الكمبيوتر بكثرة، استغرقوا حوالي من 5 الى 10 سنوات، للإصابة بمشاكل الأر أس أى. فبهذا المعدل، يستعد أطفال المدارس الثانوية والجامعة اليوم لاستقبال إصابات الضغط في مرحلة العمل وسيتم تصنيفها على أنها إصابة عمل).
كما يقول: (إن الباحثين لا يستطيعون فهم مدى التأثير، بسبب عدم وجود بيانات تتبعية لحالات أوضاع الاطفال في المدارس). ولكن، مازال هناك أمل، في أن يستطيع أطفال جيل التكنولوجيا من التكيُف مع استخدامهم الزائد للكمبيوتر.
وتفترض نظرية يطلق عليها اسم (تأثير العامل ذي الصحة الجيدة) انه عندما يقوم شخص ما بتكرار نشاط معين مثل حمل صناديق ثقيلة او تصفح الانترنت، لفترة طويلة، فإن ذلك ينمي القدرة على مقاومة المشاكل المصاحبة لهذا النشاط.
ووفقاً لهاروود، يمكن أن ينمو هذا التأثير، فوفقاً لذلك يستطيع الأطفال أن ينمو جسمانياً بطريقة تجعلهم يتحملون المزيد من ضغط المتاعب المهنية عن الذي قد كانوا يستطيعون تحمله إذا بدأوا في مزاولة هذا النشاط في سن كبير.
يقول هاروود: انه ليس من السهل التعرف على أعراض الأر أس أى وربطها بنشاط معين، وإنما يتم عمل معظم البحوث من خلال الإحصائيات ولا يقوم الاطفال بملء هذه الاستمارات بطريقة صحيحة.
ويقول على أي حال أظهرت الكثير من الدراسات التي اُجريت على البالغين العلاقة بين استخدام الكمبيوتر وأعراض الأر اس اى ويمكن تطبيق ذلك على الاطفال.
ويضيف أنه يجب تتبع استخدام الأطفال للتكنولوجيا الحديثة على مر الوقت، لقياس التأثيرات المستقبلية.
كثيرمن الوقت كل يوم وتعتمد المخاطر الممكنة على عوامل كثيرة.
يُعد وجود أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وإرسال الرسائل النصية والفورية والشبكات الجماعية وأي شيء آخر تأتي به التكنولوجيا الحديثة، بالطبع، واحد من هذه العوامل، حيث يستخدم أكثر من 80% من الاطفال الامريكين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 الى 17 سنة، الانترنت وأكثر من نصف هؤلاء الاطفال يستخدمونه يومياً، وذلك وفقاً لدراسة بيو أنترنت وأمريكان لايف.
ويستطيع اطفال اليوم أن يمضوا ساعات في التحدث في الهاتف المحمول وهم يلوون رقبتهم، ويلعبون على الكمبيوتر ويجلسون مترهلين أمام جهاز كمبيوتر بينما يرسلون رسائل الى أصدقائهم ويستمعون الى الموسيقى. وذلك بالإضافة الى الوقت الذي يقضونه على الكمبيوتر في المدرسة للبحث عن موضوعات للبحث وعلى شبكة الانترنت والانتهاء من واجباتهم المدرسية.
هذا ويشعر الخبراء بالقلق حيال المتاعب المهنية التي قد تسببها اجهزة الكمبيوتر في المدارس على الأخص، بسبب ان معظم معامل الكمبيوتر تم تصميمها لتلائم مقاسا واحدا. فربما لا يحصل الأطفال على مقاعد ملائمة أو على شاشات كمبيوتر ملائمة لنظرهم، تساعد على تجنب المتاعب المتكررة.
في الماضي كان أطفال المدارس والكليات يقرؤون الكتاب المدرسي على اريكة او في فراش، ولكن الآن تتم المذاكرة على جهاز كمبيوتر مما يُضيف المزيد من الساعات أمام الكمبيوتر، فمثلاً أصدرت ولاية ماين على سبيل المثال تشريعاً بأن يتم تزويد كل أطفال المدارس بأجهزة كمبيوتر.
وقامت ميكروسوفت أيضاً، بالتبرع بأجهزة كمبيوتر للمدارس. ولكن يقول الخبراء: إن الكثير من هذه المبادرات لا تتضمن البرامج اللازمة التي تعلم هؤلاء الأطفال كيفية استخدام تلك الاجهزة بطريقة صحيحة، لتجنب اي إصابات. يقول د. ستيفن نيكولاس، مدير مؤسسة نيكولاس للطب الرياضي والإصابات الرياضية: (سنواجه مشكلة ولكننا سنتكيف معها).
من ناحيتها قالت كارين لوندا، وهي طبيبة معالجة في توسكان، باريز، انه عندما يتعلق الموضوع بالأطفال، يفكر الناس في إصابات التطور التي يتعرضون لها، عند أداء الكثير من الأنشطة، يتم تعليم الرماة في بطولات البيسبول على سبيل المثال العديد من طرق الرمي التي تمكنهم من تجنب إصابة ذراعهم. وتقول: إنه يجب ضمان حصول مستخدمي الكمبيوتر على شيء مماثل، وتضيف انه ربما يجب إجبار الاطفال على أخذ قسط من الراحة بعد كل 1000 دقة على لوحة المفاتيح.
ويقول الخبراء: إنه باستثناء مبادرات قليلة، لم يتم عمل الكثير لحماية الاطفال من التعرض لإصابات الكمبيوتر، وتعليمهم العادات الصحيحة، مثل، أخذ أقساط من الراحة بانتظام والاوضاع الصحيحة والتمدد. في امريكا، استعرضت ولاية نيو جرسي، تشريعاً يضع مقاييس معينة لأثاث المدارس، بحيث يدعم استخدام الكمبيوتر، ولكن لم يتم تفعيله بعد.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|