يعملن على المريخ
عدد من النساء يشاركن في متابعة الرحلة الاستكشافية
|
إعداد: خلود باسالم
منذ بداية العام الميلادي الجديد وكل العالم منشغل بمراقبة أخبار المركبتين الآلية أوبرتونيتي (Opportunity) وسبيريت (Spirit) اللتين تتجولان على سطح المريخ بهدف الكشف عن تاريخ هذا الكوكب الأحمر ودراسة مكونات تربته وبيئته وغلافه الجوي والتأكد من وجود الماء عليه في الماضي.
استغرقت دراسة هذا المشروع 4 سنوات وكلف تنفيذه حوالي 800 مليون دولار. وبعد سنوات الدراسة والإعداد أُطلقت السفينة الفضائية التي تحمل المركبة الآلية الأولى (سبيريت) في تاريخ 3 يونيه 2003 لتسافر إلى المريخ في رحلة مدتها سبعة أشهر، لتجعل العلماء على أعصابهم وهم يراقبونها أثناء رحلتها المليئة بالمخاطر. ولحقتها في تاريخ 27 يونيو 2003 السفينة الفضائية التي تحمل المركبة (أوبرتونيتي) لتصل أيضاً بعد سبعة أشهر.
كان من بين علماء مشروع مهمة المريخ أكثر من 50 امرأة شغلن مراكز رئيسية وعملن بجد لإنجاح هذا المشروع.
في يوم السبت 24 يناير في تمام الساعة التاسعة وخمس دقائق مساء بتوقيت الباسفيكي، وعندما شاهد الجميع عملية هبوط مركبة (سبيريت) بسلام على سطح الكوكب الأحمر علا صوت هتافات أنثوية فرحة لتملأ مبنى تحكم مشروع مهمة المريخ بطوابقه الأربعة.
وفي الشهر التالي تجددت الفرحة مرة أخرى عند وصول مركبة (أوبرتونيتي) بتاريخ 25 فبراير إلى سطح الكوكب بسلام.
المشاركة النسائية المميزة في مشروع مهمة المريخ ستكون بمثابة إنجاز علمي جديد للمرأة في مجال علوم الفضاء والفلك. فقد شاركت المرأة في كل أقسام المشروع سواء المجال العلمي أو المجال الهندسي أو مجال معالجة الصور.
2% من فريق العمليات العلمية المكون من 154 عضوا كان من النساء، أما الفريق الهندسي المكون من مائتي عضو فقد مثّلت النساء فيه نسبة 10%.
عدد من هؤلاء النساء يشغلن مراكز كبيرة وحساسة، سواء في معمل الدفع النفاث المخصص لمراقبة المركبتين المتجولتين على سطح المريخ أو في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) والتي موّلت ودعمت مشروع مهمة المريخ.
وفي دراسة أجريت العام الماضي من قبل الجمعية الفلكية الأمريكية لمعرفة نسبة النساء المهتمات والعاملات في مجال علوم الفلك والفضاء، وُجد أن النساء المتخصصات في علوم الفلك واللاتي أعمارهن أقل من 23 سنة يمثلن 57% وأغلبهن طالبات دراسات عليا، بينما 10% تزيد أعمارهن عن 50 سنة، و14% طالبات جامعيات، ثم أن 5% منهن أستاذات في الجامعة من كل الأعمار.
تقول جان تشوداس مديرة التطوير: (عملت كمهندسة في معامل الدفع النفاث منذ عام 1980 وفي ذلك الوقت كان عدد النساء في هذا القسم قليلاً جداً، ولكن الآن وبكل فخر أصبح كل فريق عملي من الجنس النسائي.
ومن المهندسات المشرفات على هذا المشروع (ايميلي الكيما)، (شونت رات)، (سينا غاندتشي).
كما أن هناك سيدات يعملن في مراكز متخصصة جداً مثل (جوي كراسب) وهي عالمة قديمة في مجال علوم الفلك، (جولي تاونسند) مهندسة نظام إلكترونيات طيران، (هيلين مورتنسين) متخصصة في مجال معالجة الصور، (جنيفر ميندوك) إخصائية إلكترونيات طيران، (كاسي بومان) خبيرة علوم الروبوت. ومعظم هؤلاء النساء أعمارهن تتفاوت بين منتصف العشرينات وأواخرها.
بعد هبوط المركبتين (أوبرتونيتي) و(سبيريت) على أرض المريخ بدء كل العلماء التركيز على المرحلة الأكثر حماس في هذا المشروع، وهي اكتشاف تاريخ أقرب جار للأرض، الكوكب الرابع في مجموعتنا الشمسية.
هل تدفق الماء يوماً ما على كوكب المريخ؟ هل هناك دليل يثبت وجود حياة على سطح المريخ؟ من لحظة وصول المركبة إلى سطح المريخ بدء العلماء مهمتهم للبحث عن أجوبة لكل أسئلتهم.
كان الهدف من إرسال مركبتين في فترة واحدة هو استكشاف أكبر مساحة ممكنة من هذا الكوكب في نفس الوقت. وقد هبطت كل مركبة في منطقة مختلفة.
أثناء الشهر الأول كانت المركبة (سبيريت) تستكشف فوهة بركان قديم عمره 4 بلايين سنة، وأرسلت صوراً لصخور الحمم البركانية التي احتوت على مادة الكربونات والتي تعتبر مؤشراً جيداً على احتمال وجود الماء على الكوكب.
ولكن بسبب مشكلة في برامج المركبة قطعت سبيريت الاتصال بالأرض مؤقتاً. ولكن تمكن العلماء من إصلاح المشكلة وعادت سبيريت لتعمل بصورة طبيعية.
أما المركبة الأخرى (أوبرتونيتي) فلم تواجه أي مشكلة إلى الآن وقد أخذت عينات من صخور تكتشف لأول مرة على كوكب المريخ. وأرسلت صوراً مذهلة للكثبان الرملية والتربة الموجودة على سطح الكوكب.
يأمل العلماء أن تعمل المركبتان لمدة خمسة أشهر أخرى. إذ أنها في كل يوم ستقطع مئات الأقدام وستلتقط آلاف الصور وتجمع عينات التربة والصخور لتحليها أثناء مواجهة رياح تصل سرعتها إلى 600 ميل في الساعة. وفي درجات حرارة منخفضة تصل في الليل إلى أقل من 157 درجة فهرنهايت.
وبالرغم من أن كل مركبة تأخذ يومياً فترة قيلولة لإعادة شحن البطارية، إلا أن العلماء الذين يتحكمون بالمركبتين لن يتوفر لديهم وقت للراحة. فأثناء وقت قيلولة المركبتين سيأتي وقت تبديل البطاريات والتأكد من أن كل الأنظمة تعمل بشكل سليم ولابد أيضاً من تحليل آلاف الصور الفوتوغرافية التي استُقبلت في هذا اليوم.
ومعظم العاملين في هذا المشروع أصبح توقيت حياتهم اليومية هو توقيت كوكب المريخ الذي يزيد يومه عن يوم كوكب الأرض بـ37 دقيقة.
وللعمل في ضوء النهار على كوكب المريخ سيبقى علماء المشروع مستيقظين حتى الصباح. أي أنهم يعملون 16 ساعة متواصلة يومياً.
تقول (جنيفر تروسبر) مهندسة أنظمة المشروع: (ليس هناك وقت للنوم مطلقاً، كل نومي عبارة عن غفوات بين الاجتماعات، الحماس والإثارة التي أجدها في استكشاف هذا الكوكب كفيلة بأن تبقيني مستيقظة).
تقول (جان تشوداس): (لدى المرأة مهارة كبيرة في التفاوض وتحمل المخاطر وتلعب هذه المهارات دوراً حاسماً وحرجاً في مثل هذا المشروع الحساس الذي يتطلب سرعة وجدية في اتخاذ القرارات).
بعد النجاح المبدئي الذي حققه فريق العمل في هذا المشروع. احتفل العنصر النسائي بشكل خاص واشتركن في إعداد عرض فيديو تم عرضه بشكل حي ومباشر في موقع ناسا باسم (نساء يعملن على المريخ (Women Working on Mars!) ،حيث عرفت كل واحدة منهن على نفسها وعلى دورها وطبيعة عملها في المشروع، كذلك تم تقديم شرح مدعوم بعروض فيديو شيقة لكل تفاصيل المهمة على الكوكب من لحظة إرسال المراكب من الأرض إلى بداية عملها على سطح المريخ.
كذلك شارك السيدات في عدد كبير من المؤتمرات الصحفية التي نوقشن فيها عن تخصص المرأة في مجال الفلك والفضاء وأجبن على أسئلة عامة عن المشروع.
تقول (جان تشوداس): (أتمنى أن تتأمل كل امرأة صغيرة في مقتبل العمر في ما قد عملناه وأن تدرك أن بإمكانها أن تعمل مثل هذا العمل وأكثر، إن مهمتنا كنساء متخصصات ليس فقط العمل على إنجاح المهمة على سطح كوكب المريخ، المهمة الأهم من ذلك هي إلهام الجيل القادم بمهمات مستقبلية وإقناعه ليتخصص في المجالات العلمية.
لمزيد من المعلومات عن هذا الموضوع يمكن زيارة قسم المشروع في موقع ناسا على هذا الرابط:
http://quest.arc.nasa.gov/projects/ space/marsrover
ورابط عرض الفيديو (نساء يعملن على المريخ) الذي أعده العنصر النسائي المشارك في المشروع: http://quest.arc.nasa.gov/ltc/ ram/mars051602v.ram
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 