مصطلحات عويصة
|
إعداد: سليم إبراهيم الحسنيه
الخَادِم و المَخْدُوم client / server
ضمن هذه النافذة التي فتحتها لنا جريدة الجزيرة الغرّاء،لنطل منها على المصطلحات العويصة في مجال تكنولوجيا المعلومات،نبحث اليوم في مفهوم معمارية (الخَادِم والمَخْدُوم) client/server، بعد أن درسنا سابقاً مفهومين عويصين هما: العالم المحاكِِ virtual world ولغة التّوسيم markup language،وسنبحث في حلقات قادمة إن شاء الله مصطلحات عويصة أخرى.
قصة :electric ray
تذكرني قصة الخادم و المخدوم بقصة: electric ray،فعندما يصادف القارئ هذا التعبير سيجد أفضل مقابل له بالعربي،دون أي إشكال،هو: (شعاع كهربائي)،ولكنه يظل في حيرة من أمره! ماذا يعني هذا الكلام،في سياق غير سياق النص الذي يقرأه ؟ فيكون أمامه ثلاثة خيارات: أولاً إما ترك الموضوع والانصراف عنه،أو القبول بجزء من المعرفة على هشاشتها و التباسها،أو الاستمرار بالبحث والتمحيص للوصول إلى الحقيقة.
للأسف الشديد،في معظم الحالات،يقبل المرء الذي في عجلة من أمره بالحل الثاني،فيكتفي بأقل من نصف الحقيقة،ويترك على القارئ،إذا كان كاتباً،البحث عن النصف الثاني من الحقيقة،وأحياناً كثيرة البحث عنها كلها. وذلك بسبب اختياره من القاموس الثنائي،على سبيل المثال،كمقابل لتعبير: electric ray) الرَّعاد الكهربائي(. دون أن يشرح لنا ماذا يعني (الرَّعاد الكهربائي)،هل هو جهاز أم مفهوم كهربائي،أم طبيعي،أم ماذا ؟ ولكن إذا عدنا إلى المعاجم العربية سنجد أن (الرَّعاد) هو نوع من أنواع الأسماك إذا لمسته بيدك،ارتعدت يدك و أصابتك رجفة و يمكن أن يسبب لك خدراً فيها.
وسمك الرَّعاد موجود قبل الكهرباء وتعرفه العرب من قبل واسمه الرَّعاد أو الرَّعد، ولكن عند اكتشافه في الغرب وإجراء تجارب عليه،ووجدوا فعلاً أن هذا النوع من الأسماك يحمل في جسمه شحنات كهربائية،يفرغها عندما يريد أن ينقض على فريسته فسموه electric ray،أوcrampfish.
مسرد من الترجمات للتعبير الواحد
لنعد الآن إلى الخادم و المخدوم client / server،ونبحث أولاً عن سبب ترجمته إلى عدد غير قليل من المصطلحات،نذكرها فيما يأتي حسب درجة استخدامها،مثل: الخادم/العميل،المُخَدّم/العميل،الخادم/الزبون،ال خادم/المخدوم،وحدة خدمة/وحدة مستعملين،المشغل/العميل،المزود/المخدوم،حاسو ب مخدم/حاسوب زبون،المخدم/الضيف، وهناك أيضا الصيغة المعمارية المعاكسة: الزبون/المزود،المستفيد/الخادم ،العميل/الخادم،المخدوم/الخادم،برنامج طالب خدمة/برنامج مقدم خدمة،ويمكن أن نجد غيرها من التركيبات.
لماذا كل هذا المسرد الطويل من المصطلحات للتعبير عن مفهوم واحد يستخدم له بالإنكليزية تعبير واحد: client/server (والطبع صيغته المعاكسة serverclient)،مفهوم سهل وواضح جداً بالنسبة لواضعه،و غامض وضبابي بالنسبة للمستقبل أو الناقل الذي هو المثقف أو المهندس العربي!
بكل بساطة جاء الالتباس من أن الخدمة في الثقافة العربية و التركيبات اللغوية لها تكون بين أفراد أحياء أو بين أحياء و جمادات،مثل خدمة الإنسان للأرض. ولكن الأشياء غير الحية أو الجمادات لا تقوم على خدمة بعضها بعض.
و بالتالي يوجد صعوبة في تصور أو تخيل أن هناك حاسوب( جماد أو شبه جماد )يمكن أن يخدم أو يقدم خدمة لحاسوب آخر مثله جامد.
هذه المشكلة لا تواجهنا نحن فقط أبناء الضاد و لكن تواجه كل الشعوب التي تكون لغاتها مستوردة للمفاهيم و الأفكار الجديدة. فإذا عرضنا على مترجم إنكليزي نصاً من الشعر الجاهلي يصف فيه الحياة الصحراوية،فسيقف عاجزاً عن إتيان بالمفردات الإنكليزية الملائمة التي تعكس فعلاً أحاسيس الشاعر العربي كما تعكسها اللغة العربية،وهكذا يحدث للمترجم العربي ،فكيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟
الخروج من المأزق
الخروج من هذا المأزق بكل بساطة هو العمل كما عمل أجدادنا وكما تعمل كل الشعوب الحية. وذلك بتحميل المخزون اللغوي السابق من المفردات بمعاني ومفاهيم جديدة. فعندما تفتح المعجميات العربية،مثل لسان العرب،أو الأجنبية،مثل أكسفورد فسوف تجد للكلمة الواحدة عشرات المعاني،المتناقضة في بعض الأحيان. فإذا عدت إلى المعاجم الإنكليزية قبل عقدين من الزمان فلن تجد التعبير: client / server ولا المعنى الاصطلاحي الذي يحمله اليوم وتزدحم فيه أوعية النشر والمواقع الإلكترونية.
أما الكلمتان:client وserver كل على حدة فهما موجودتان تاريخياً،بمعانيهما المعروفة،فقد استعاروا هذه المعاني،الموجدة أصلا في اللغة،لتطبيقها على الأجهزة الإلكترونية. فهناك جهاز،مثله مثل النادل في المطعم،يقدم الخدمات (مثل توزيع البريد الإلكتروني،معالجة البيانات,...) إلى جهاز آخر يطلب منه هذه الخدمات,كما يفعل تماما الزبون المخدوم في المطعم. أي حُملت الكلمات القديمة بمعاني تكنولوجية حديثة. هذا ما يجب أن نفعله نحن أيضاً،وأن يصبح ذوقنا اللغوي الإلكتروني يتقبل مثل هذه التطورات،واللغة العربية قادرة على ذلك لتميزها بخاصية التصريف.
يحيا الخادم والمخدوم
نطبق هذه القاعدة على المفهوم الذي نعالجه في هذه المقام (الخادم و المخدوم) client/server.
فنبحث أولا عمّا هو المقصود ب client / server باللغة الإنكليزية،دون الخوض بالتفصيلات،سنجد أن الفكرة تقوم في بيئة الحوسبة الموزعة ونتيجة تعقيدات عمل الحواسيب على تعين حاسوب مركزي تتوفر فيه إمكانات أكبر من الحواسيب الأخرى،مهمته الأساسية تقدم خدمات للحواسيب الأخرى ضمن شبكة معينة ،مثل المعالجة و إدارة الملفات وخدمات الطباعة والتخزين وغيرها. يستقبل الحاسوب الرئيسي الطلبات من حاسوب أو حواسيب أخرى مرتبطة معه داخل الشبكة،فيقوم بمعالجتها وتلبيتها. بالتالي يكون هذا الحاسوب الذي يزود الحواسيب الأخرى بالخدمات هو الحاسوب الخادم server والحاسوب الذي يطلب الحصول على الخدمة هو الحاسوب المخدوم client،ونطلق على العملية ككل التخديم الموزع distributed service أو حوسبة الخادم والمخدوم client / server computing.
بهذه المعاني لكلمتي: (خادم و مخدوم)،نكون حملناهما معاني جديدة مشتقة من المعاني الأصلية لهما؛ فعوضا على أن تكون الخدمة بين إنسان وإنسان آخر،هي الخدمة نفسها ولكن بين آلة وآلة أخرى. في البداية يمكن أن نستخدم تعبير (حاسوب خادم وحاسوب مخدوم)،حتى يستقر المصطلح ويلقى القبول فنجرده من الزوائد والملحقات. هذه القاعدة يمكن أن تعمم فنقول (برنامج خادم وبرنامج مخدوم)،ومحطة خادمة ومحطة مخدومة وشبكة خادمة وشبكة مخدومة وهكذا.
نلاحظ هنا أن جوهر المعنى لم يختل ويتسق مع كل التفرعات المنبعثة من فكرة الخادم والمخدوم،بخلاف التعبيرات الأخرى التي هي بالأصل مثقلة بالمعاني مثلك كلمة (عميل).
ونكون في هذه الحالة قد استغنينا عن كل تلك القائمة الطويلة من المصطلحات التي تدور حول معنى المفهوم و لا تطرق جوهره.
هذا بالإضافة إلى سهولة صياغة التعبير وسهولة لفظه أيضاً: (الخادم والمخدوم)،وسهولة فهم المعنى الدقيق للتعبير: تبادل الخدمة،وذلك دون الخوض في سلبيات كل مصطلح من المصطلحات المتداولة حالياً.
فكلمة زبون على سبيل المثال ليس لها تصريف وهي شائعة الاستخدام في مجالات أخرى كثيرة،وكذلك مضيف ومشغل،وكلمة مزود مخصصة ومقبولة في مجال التزويد بخدمات الإنترنت وهكذا.
ونختمها بالقول: إن الحواسيب بعضها لبعض خدم، تيمنا بقول الشاعر:
الناس للناس من بدو وحاضرة
بعض لبعض وان لم يشعروا خدم
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|