كثيراً ما نسمع عن السيارة الذكية، والكارت الذكي، والقرية الذكية وأخيراً ظهرت لنا العاصمة السعودية (الرياض) بالمدينة الذكية. ولكن هل سمعنا يوماً عن (الملابس الذكية)؟؟.. إن فكرة دمج لوحة مفاتيح (كي بورد) في كم سترة أو جهاز كمبيوتر في جيبها، أو شاشة منتهى الصغر في النظارة لم تعد ضرباً من الخيال العلمي الذي يقرأ عنه المرء في الكتب أو يشاهده على شاشة وإنما أصبح حقيقة واقعة.
فقد تمكن (البروفيسور الكساندر بوسيجين) من جامعة يندرهاين للعلوم التطبيقية من وضع مثل هذه التطورات الثورية موضع التطبيق من خلال مشروع يعمل على تنفيذه، وذلك بعد أن كانت بمثابة مزحة فيما سبق. وفي ظل هذه التطورات يصبح كافياً تغذية الكمبيوتر المدمج في نسيج السترة بالبيانات اللازمة له من خلال نقرة أصبع على الكم.
كما تساعد الأقطاب الكهربائية المدمجة في نسيج الملابس من يرتديها على التواصل مع الحاسب الآلي المدمج بدوره في ردائه. وقد نجح (بوسيجين) في تصنيع مثل هذه الملابس الذكية بمعاونة أعضاء فريق من الباحثين في مدينة (مونشن جلادباخ) الواقعة شمال غرب مدينة كولونيا. على أية حال فإن الأيام التي كان يحدث فيها تصنيع المنسوجات بالشكل التقليدي قد ولَّى.. ففي الوقت الحالي بات بوسع الآلات تصنيع أغطية من خامة آليات الكربون لمقعد (دراجة نارية) فيما لا يتجاوز أربع دقائق ونصف الدقيقة. ويذكر أحد العلماء أن تقنية البعد الثالث تمكننا من تفصيل القماش بالطريقة الصحيحة ويشرح هذا العالم وجهة نظره هذه بتطبيقها على قطعة مربعة من قماش خشن صلب يبرز نتوءاً في منتصفه، وباستخدام مادة (الريتنج) تتحول هذه القطعة من القماش إلى خوذة أشبه بتلك التي يحدث ارتداؤها في مواقع التشييد والبناء. أما الميزة التي تفرق بين هذه الخوذة المبتكرة وتلك التقليدية أن الخوذة الجديدة أقل كثيراً في الوزن، وهو ما يوضح هذا العالم أهمية أن تلك الميزة تبدو أكثر وضوحاً عندما يرتديها المرء ثماني ساعات يومياً، (حينها) تشكل قلة الوزن ولو بـ20جرام فارقاً كبيراً.
هذا وبشكل إجمالي ينهمك (15) عالماً من تخصصات مختلفة تشمل الفيزياء والكيمياء والإلكترونيات والنسيج والتصميم في الفعل على تهذيب وتطوير الكثير من الأسطح، ومن بين الكلمات المحورية في هذه العملية تكنولوجيا (النانو) التي تتعامل مع الجزئيات الدقيقة للغاية.
وعلى سبيل المثال يمكن من خلال هذه الجزئيات تفصيل ستائر أو مفارش للمائدة، وكذلك أحذية قوية تستطيع مقاومة المياه والأوساخ والشحوم والاحتكاك العنيف، وفي نفس الوقت توفر (الجوارب) ميزة متفردة تكمن في أن الجوارب التي تعمل الكترونياً من خلال بطارية تحافظ على درجة حرارة الجسم وتحمي مرض السكر من الانفخاض الحاد في درجة الحرارة، ولهذا السبب يمكن أن تساعد هذه الملابس (الذكية) مرضى السكر ممن يعانون خللاً في الإحساس بدرجة حرارة أجسادهم.
وتتيح الملابس الذكية إمكانات تكاد تكون غير محدودة، (مثال) يمكن أن تنقل أجهزة الاستشعار الإلكترونية المدمجة في نسيج الملابس الداخلية أي توترات تحدث في الجلد إلى كمبيوتر الجيب مما يتيح إجراء عمليات رسم القلب بطريقة مريحة على المدى البعيد.
ويقول (بوسيجين): لا نزال نعمل على تطوير قميص محكم ليلائم جسد الإنسان على مدى فترات طويلة، وعلى عكس الطرق الحالية التي تستخدم فيها أجهزة الاستشعار والوسادات الصغيرة التي تثبت على الجسم لرسم قلب المريض يمكن من خلال هذه الطريقة الحديثة رصد نبضات قلب الإنسان لحظة بلحظة على مدار أسابيع وشهور.
ويقول (بوسيجين): يتوق أي شخص عانى من قبل أزمة قلبية إلى أن يكون بوسعه الحصول على أي تحذير من التعرض لأزمة مماثلة ولو قبل ثانية واحدة من حدوثها.
وثمة إمكان في أن تؤدي هذه التطورات إلى خدمة عالم الرياضة أيضاً، وهو ما اكتشفه مركز القلب في مدينة مويرتال التي يشارك علماؤها في الأبحاث الجارية حول الملابس (الذكية) من خلال المشاركة في تجربة هذه المنسوجات على مرضى القلب.
ويتصور (بوسيجين) أنه سيأتي اليوم الذي يرى فيه شخصا مثل (أزاموا) لاعب كرة القدم الألماني خلال المباراة يرتدي قميصاً مدمجاً فيه جهاز استشعار الكتروني !!! ولكن هذا غير محتمل الحدوث على أية حال حيث إن القميص الداخلي المزود بأجهزة استشعار لن يكون جاهزاً قبل سنتين.