في زحمة الحياة وتعدد مسؤولياتها والظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه الشباب في مختلف أنحاء العالم، أصبح موضوع الزواج مشكلة صعبة يعجز الشباب أحياناً عن حلها. ومنذ زمن بعيد كانت الخاطبة أحد أهم وسائل الزواج. ثم أصبح الزواج يتم من طريق الإعلان في الصحف والمجلات، حين خصصت هذه الإصدارات أبوابا للإعلان عن عروض للزواج، مع شرح تفصيلي لمزايا (العريس) و(العروس)، ثم تطور الأمر حتى بات في الإمكان اختيار الشريك بواسطة شبكة الإنترنت ومكاتب الزواج بالكومبيوتر، ولا سيما في ظل الثورة المعلوماتية والتكنولوجية الهائلة التي يعيشها العالم الآن، و بات بالإمكان رؤية الأخر من خلال الكاميرا webcam والتحدث مباشرة من خلال الإنترنت voice chatting، مهما تطول المسافات وتبعد الساعات.
في أيلول 2003 أجريت دراسة عن نجاح الزواج عبر الإنترنت. وأشارت إلى أن 5 في المائة من المسجلين على شبكات الإنترنت استطاعوا الزواج عبر الطرق الإلكترونية. ورغم أن هذا الرقم ضئيل مقارنة بالوسائل الأخرى المستخدمة، لكنه حلٌّ في المراتب الأولى على قائمة وسائل التعرف عالمياً..
الهرب إلى العالم الخيالي
المعروف أن عدد مستخدمي الإنترنت في تزايد مستمر، حيث تنتعش مقاهي الإنترنت بالشبان، ناهيك عن دخول خدمة الإنترنت إلى معظم البيوت، حتى بات الزواج والطلاق عبر الإنترنت ظاهرة جديدة ومتفشية في بعض الدول. بها يعيش عدد كبير من الشبان الوهم ويركبون موجة الأحلام ليهربوا من الواقع إلى العالم الافتراضي المنسوج عبر كلمات بعيدة عن كل زمان ومكان. وبين التحاور وصرخة العقل، يتأرجح الحلم ليعود إلى الواقع الأليم أو يبقى في حب المجهول، لتبقى شاشة الكومبيوتر الشاهد الوحيد على بداية حب ربما يكون ضرباً من الخيال.
ترتكز فكرة مواقع الزواج على الإنترنت لتلبية حاجة ملحة وحل أزمة داخل مجتمعنا العربي بل في العالم كله أيضاً، والغريب أنها تلقى إقبالاً كبيراً. وبسبب الإقبال الجماهيري أصبحت المواقع على شبكة الإنترنت تتبارى في توفير خدمات البحث عن الحب والزواج، ولكن سواء نجحت الفكرة أو فشلت، عارضها البعض وأيدها البعض الآخر، أو اعتبروها فكرة دخيلة على مجتمعاتنا الشرقية باعتبار أن في الزواج بهذه الطريقة نوعاً من تزييف الحقائق، وخصوصاً أن زوار مواقع الزواج لا يكشفون عن هويتهم الحقيقية غالباً، وقليلون هم من يقولون الحقيقة للطرف الآخر. فتجد الشخص يضع في شخصيته كل ما تمنى وجوده فيها، ولكنه لم يستطع على أرض الواقع. فتراه يقدم نفسه في أفضل صورة، ولكن قد يتضح في النهاية أن الشاب الوسيم الطويل هو شاب قصير، وقد يكون خلف ذلك الاسم الأنثوي الجميل رجل، ففي عالم الإنترنت نحن أشبه ما نكون في حفلة تنكرية.
أسباب اللجوء إلى
زواج الإنترنت
هناك الكثير من الدوافع والأسباب التي جعلت بعض شباب الوطن العربي يلجؤون إلى ما يعرف بزواج الإنترنت ومن أبرز تلك الأسباب ما يلي:
1- الفراغ العاطفي الناتج عن المجتمع المتكتم وغياب الحوار والتفاهم بين أفراد العائلة.
2- الاعتقاد أن الخطوبة التقليدية لا تناسب العصر الشبابي، إضافة إلى التشكيك في قدرة الأهل وأهليتهم في اختيار النصف الآخر.
3- الرادع الديني والوازع الاجتماعي والعادات والتقاليد التي تمنع الاختلاط بين الجنسين في بعض المجتمعات، فيأتي اللجوء إلى غرف الدردشة في عالم الانترنت هو الأمثل.
4- معالجة مشكلتي العنوسة والعزوبية.
5- كثرة المواقع والمحطات الفضائية التي تتحدث عن هذا الزواج، وفضول الفرد في خوض هذه التجربة التي قد تبدأ بالتسلية وتنتهي بالزواج.
سلبيات وإيجابيات
الإنترنت وسيلة يمكن استخدامها في كثير من شؤون الحياة، ودوره في الزواج هو مجرد وسيلة تعريف وتعارف، ولا يمكن بحال أن يُقال أن هذا الزواج عبر الإنترنت أفضل من غيره، إذ إن الزواج الموفق يعتمد على توافر الشروط المناسبة في الزوج والتوافق العام بين الزوجين. فإذا توافرت الشروط - مهما تكن وسيلة التعارف - كان الزواج ناجحاً وحال الزواج بواسطة الإنترنت حال غيره، فلا يمكن أن نقول إن الزواج عبر الحب أو غيره أفضل، فكم من زواج سعيد تم من دون حب والعكس صحيح، وكم من زواج تم عن حب وفشل. المهم في الزواج أن يتم بإخلاص ونية صادقة وتفهم واقعي لمشكلات الحياة والتزام ومسؤولية بين الطرفين. كما أن الحياة لا تبنى على الأوهام والخيالات بل على الواقع. فليس في البشر من حولنا مَن ليس فيه أي نقص، وينبغي أن يعي الزوجان تلك الحقيقة التي تساعدهما على فهم الحياة وتحمل المصاعب. ولا يشترط في الزوجين التطابق والاتفاق في كل تصوراتهما وأفكارهما، بل إن ذلك مستحيل، فلا تجد شخصين متطابقين حتى أن التوأمين يختلفان عن بعضهما البعض في الكثير من أفكارهما وأخلاقهما، ولكن المطلوب تفهم البعض للبعض الآخر والتعايش معه.
بعض المواقع للزواج عبر الإنترنت
* مركز (الفرح للزواج) الإلكتروني
http://www.amity.co.uk/amira
* شبكة (الزفاف)
http://www.webplaza.com/ alzafaf/default.html
* موقع (الوصل العربي)
The Arab Connection
http://www.geocities.com/ Heartland/Plains/8608
من العالم الافتراضي
إلى الزواج
لقد تغيرت قواعد اللعبة في التجاذب المفتوح الآفاق، بين الجنسين. وفي المقابل، بقيت لغة الحب على حالها. وفي أوقات سالفة، كان الزواج يدبر بين العائلات القريبة جغرافياً. وراهناً، يتنافس الجميع على مواقع الإنترنت لإيجاد ما يناسبهم قبل غيرهم. كان موعد اللقاء مهماً لأنه مفتاح قبول القلب للشخص الآخر وعندما يكون الشخصان متأكدين من عواطفهما يلتقيان.
وإن لم يكن في وسعنا تقبل ما يمكن حصوله اليوم على أرض الواقع، فليس مطلوباً منا أن نحكم حكماً مطلقاً أمام ثورة التكنولوجيا والتقدم العلمي بأنها من الخيال، لأن كثيرين من أبناء اليوم يلجؤون إلى الخيال لأسباب قد يعتقدونها كافية لبناء عالمهم الافتراضي الذي يتحول في مصادفات عدة واقعاً ينتهي بزواج، وإنْ بدأ عبر شبكة الإنترنت.