بعد مرور ثلاث سنوات على الأحداث الدامية
الفشل التقني وراء أحداث الحادي عشر من سبتمبر
* القاهرة مكتب الجزيرة عاطف عوض:
|
مع حلول الذكرى الثالثة لأحداث الحادي عشر من أيلول الإرهابية، لا تزال الولايات المتحدة تعاني من مشكلة تكامل المعلومات ومشاركة المعلومات الأمنية المتفرقة في عدة إدارات وولايات وذلك بالرغم من مرور هذه السنوات على الأحداث الدامية التي كشفت بوضوح عن وجود خلل خطير في طريقة عمل الوكالات الفيدرالية. تقريران حديثان بالإضافة إلى تقرير ثالث يرجع إلى العام الماضي.. كانت أسباب كافية لكي يثار الجدل مرة أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية حول صلاحية البرامج والنظم التي تعمل في ظلها تقنية المعلومات في الوكالات الفيدرالية الأمريكية.
والأول تقرير صادر عن مكتب المفتش العام لادارة الأمن الوطني خلص فيه إلى أن ستيفن كوبر رئيس قسم المعلومات في الإدارة إدارة الأمن الوطني لا يمتلك الصلاحيات السياسية التي تمكنه من تغيير الإجراءات البيروقراطية المطلوبة من أجل تطوير بنية تحتية تمهد لتكامل نظم المعلومات في 22 وكالة تابعة لادارة الأمن الوطني.
وتبين في تقرير آخر أعده (مكتب مصداقية الحكومة) سيتم تقديمه إلى الكونجرس الأمريكي هذا الشهر أن إدارة الأمن الوطني لا تمتلك حتى الآن أية خطة عمل واضحة المعالم لاستكمال عملية تغيير النظم والاستفادة من آلاف الملايين من الدولارات التي تم إنفاقها على دعم أصول تقنية المعلومات.
يذكر أن ميزانية استثمارات تقنية المعلومات في إدارة الأمن الوطني لهذا العام قد بلغت 4 مليارات دولار وهي بذلك تعد ثالث أكبر ميزانية تقنية معلومات للإدارات الحكومية الفيدرالية.
تقرير لجنة الكونجرس
وكان تقرير مماثل صدر العام الماضي وألقى باللوم على الوكالات الحكومية الأمريكية وخاصة المباحث الفيدرالية ووكالة الأمن القومي بسبب عدم تلقي موظفيهم وعملائهم المنتشرين عبر البلاد الدعم الفني المطلوب من نظم المعلومات.
وضرب مثلا بعدم وجود قاعدة بيانات مركزية لمكافحة الإرهاب.
وقد أشار عدد من عملاء المباحث الفيدرالية في ولايات (فونيكس) و(مينابوليس) و(نيويورك) إلى تقنية المعلومات بوصفها إحدى ثلاث مشاكل تواجههم أثناء مكافحة الإرهاب! وقد قامت إدارة الأمن الوطني بعد قرار تشكيلها منذ عدة سنوات بعدة مجهودات لتطوير عملية الاتصال بين 22 وكالة تابعة لها وشمل ذلك ربط نظم البريد الإلكتروني وتوفير خدمة إنترانيت داخلية.
وكان تقرير إحدى اللجان التابعة للكونجرس الأمريكي كانت مكلفة بالتحقيق في فشل المخابرات الأمريكية في التنبؤ بأحداث 11 سبتمبر، قد أكد أنه كان يمكن تجنب هذه الخسائر لولا فشل التقنية في مساعدة المحققين في توقع الأحداث.
حيث وجد التقرير أنه وبالرغم من توافر عدد ضخم من المعلومات المخابراتية والدلائل التي تشير إلى قرب حدوث عملية إرهابية كبيرة داخل الولايات المتحدة، لكن بعض العيوب الخطيرة في نظام المعلومات، بجانب الخلافات السياسية بين وكالة المخابرات المركزية سي أي ايه ووكالة الأمن القومي (ان اس ايه)، حيث أرادت كل جهة منهما السيطرة على استخدام وتطوير تقنيات معينة، كل هذا أدى إلى عدم الالتفات إلى هذه المعلومات والأدلة الخطيرة.
ونقل التقرير على لسان أحد عملاء المباحث الفيدرالية قوله (ان المباحث الفيدرالية عضو في مجتمع المخابرات ويجب أن يكون هناك تنسيق دائما بيننا.. يجب أن تكون هناك قاعدة بيانات تحقق هذا التكامل.. أما الآن فلا يوجد شيء من هذا القبيل.. إنها مشكلة خطيرة).
وبالفعل فإن ضعف قدرات تقنية المعلومات كان يمثل مشكلة كبيرة أمام تحريات المباحث الفيدرالية قبل 11 سبتمبر والتي كانت تحقق في الخطط القادمة لمنظمة القاعدة.
وذكر مسئولون بالمخابرات أمام اللجنة أنه بالرغم من أن العلاقات بين وكالة الأمن القومي والمخابرات المركزية جيدة للغاية على مستوي العملاء الميدانيين لكنها سيئة على المستويات الإدارية المتوسطة والعليا! وقد خلص التقرير إلى أن المخابرات المركزية تنظر إلى وكالة الأمن القومي على أنها تحاول التحكم في التقنية وتطويرها حسب هواها، بينما ترى هذه الأخيرة أن الأولى تضطلع بعمليات هي من صميم اختصاص وكالة الأمن القومي!
مذكرة فونيكس
وهناك قضية مشهورة باسم (مذكرة فونيكس) عندما قام أحد عملاء المباحث الفيدرالية بإرسال بريد إلكتروني من ولاية (فونيكس) في يوليو2001 الى المقر الرئيسي ولم تكن لديه طريقة معتمدة للبحث في نظام معلومات المباحث الفيدرالية لتحديد ما إذا كانت هناك تقارير أخرى عن قيام متطرفين بالتدريب على قيادة الطائرات داخل الولايات المتحدة كما اكتشف هو في ولاية (فونيكس).
علاوة على ذلك، فقد كشف التقرير أنه بسبب ضعف نظام ملفات القضايا الآلي الذي تعمل عليه المباحث الفيدرالية ويعرف اختصارا باسم (ايه سي اس)، لم يعلم عدد كبير من قادة المباحث الفيدرالية من بينهم رئيس وحدة متابعة المتطرفين بهذه المعلومات قبل وقوع الهجمات.
وكانت المباحث الفيدرالية قد قامت بتشغيل نظام (ايه سي اس) في عام 1995 ليحل محل التقارير والمذكرات والملفات الورقية التقليدية.
وقد اشتكى عملاء المباحث الفيدرالية من محدودية خاصية البحث في هذا النظام وصعوبة استخدامه وعدم دقته.
وبلغ هذا النظام من الصعوبة في الاستخدام حتى أن أحد عملاء المباحث الفيدرالية ذكر للجنة التحقيق البرلمانية أنه كان هناك 68 ألف دليل ومعلومة خاصة بعمليات مكافحة الإرهاب ترجع إلى عام 1995 لم يرها أحد من المسؤولين حتى يوم 26 سبتمبر 2002 الماضي!
جذور المشكلة
وقد أدت مخاوف عملاء المباحث الفيدرالية من نظام (أي سي اس) هذا إلى إعاقة استخدام النظام. فقبل الحادي عشر من سبتمبر لم يكن من المعتاد أن يقوم العملاء الميدانيون للمباحث الفيدرالية بتضمين معلوماتهم السرية في النظام حيث كانوا يعتقدون أن النظام غير مؤمن جيدا! أما من كانوا يقومون باستخدام النظام فكانوا يحجبون عملية الدخول على هذه المعلومات من أجل تقليص عدد عملاء المباحث الفيدرالية الذين بإمكانهم الاطلاع على هذه المعلومات! وهذا ما أثر بالطبع على قيمة المعلومات التي يمكن للعملاء استرجاعها من هذا النظام كما استنتج التقرير.
وقال رئيس (وحدة تعقب المتطرفين) في مكتب التحقيقات الفيدرالي أمام لجنة التحقيق (ان الاتصالات التي تأتينا من وكالة الأمن القومي أو وكالة المخابرات المركزية لا يمكن أن تتكامل مع قواعد البيانات التابعة لنا.
فإذا ما قام أحد عملائنا مثلا بالبحث عن مشتبه فيه في قاعدة البيانات فإنه لن يعثر على شيء مع أن هناك احتمالا لوجود معلومات أخرى عن هذا الشخص المشتبه فيه كان أحد عملاء المباحث الفيدرالية أو وكالة الأمن القومي قد قام بجمعها سابقاً.
وبالتالي يجب عليه هنا أن يذهب إلى جهاز (آخر) وقاعدة بيانات (أخرى) تتطلب إجراءات (أخرى) للبحث مرة (أخرى) عن هذا الشخص)! يذكر ان وكالة الأمن القومي قد قامت بتوقيع عقدا قيمته 282 مليون دولار في أكتوبر 2002 مع شركة (التطبيقات العلمية الدولية) لتطوير عملية جمع البيانات والقدرات التحليلية لبرامج الوكالة.
وهكذا فقد كان الفشل التقني أحد الأسباب المهمة فيما آل إليه يوم الحادي عشر من سبتمبر، ولولا ضعف الترابط التقني بين أجهزة الأمن الأمريكية في بلد تتمتع بأحدث التقنيات الإلكترونية لكان من الممكن إيقاف هذا الحدث الجلل الذي هز العالم بأسره.
.....
الرجوع
.....
| |
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 