فوائد محدودة ومساوئ لا يمكن حصرها المحادثة الإلكترونية
|
إعداد: فيصل محمد الصانع
لاشك أن الإنترنت أصبح لغة العالم المشتركة، لتبادل الأفكار والمعلومات والثقافات، وهو زائر جديد دخل منازلنا ومع مرور الوقت سوف يصبح جزءا من حياتنا، وسنعرف مع الوقت كيف نستفيد منها ونتلافى أضرارها. مع أن أضرارها على مجتمعنا سبقت المنافع، فقد فتحت علينا أبوابا كانت مغلقة، وقبل أن نستفيد من هذه التكنولوجيا، أصبحنا نخشى ضررها علينا وعلى شبابنا وفتياتنا. وأول أضرارها يتمثل في ما يسمى (بالشات) أو غرف المحادثة أو الدردشة، فأبناؤنا يضيعون فيها أوقاتهم، وينشغلون عن العبادات وأداء الواجبات، وأصبحوا يتبادلون فيها الصور الخليعة، وكثر فيها الغزل والعبارات الساقطة، والنكات والدخول إلى المواقع الممنوعة، إضافة إلى الصداقات غير المشروعة.
صداقات عابرة
غرف الدردشة من أشهر تطبيقات الإنترنت التي يقبل عليها الشباب والفتيات في المجتمعات الخليجية والعربية بشكل كبير، ولم يعد التحادث فيها عبر الكتابة فقط بل وصل إلى التحادث بالصوت والصورة، ولكي نعايش هذه المشكله أجرت (مجلة العالم الرقمي) لقاءات مع الشباب والفتيات في مقاهي الإنترنت، وعبر مواقع المحادثة، لمعرفة أسباب انجذابهم لهذه الغرف، و إيجابياتها أو سلبياتها عليهم، ولنعرف ماذا يدور في هذه الغرف، وهل يصلح الانترنت لتكوين صداقات وعلاقات مع أشخاص لم تعرفهم من قريب وهذا ما دفعنا إلى استطلاع هذه الظاهرة وتسليط الضوء على بعض من جوانبها.
من خلال استطلاعنا وجدنا أن العديد من الشباب والفتيات يكونون صداقات عبر الإنترنت، ويقدمون معلومات عن بعضهم البعض، ويستخدمونها للتعرف على أحوال الشباب في المجتمعات الغربية وطريقة حياتهم، كما أن الإنترنت يقوم بدورالخاطبة في بعض مواقع المحادثة التي خصصت لهذا الغرض، ويقول المشرفون على هذه المواقع انه حصلت حالات زواج عن طريقها، وتطرقوا لبعض السلبيات خاصةالصداقات التي تكون مع أشخاص خارج مجتمعنا أو مع أشخاص منحرفين متخلين عن القيم والعادات الإسلامية.
مقاهي الإنترنت
بدأنا مشوارنا بأحد المقاهي، وبالطبع كان أغلب الحاضرين على مواقع المحادثة، وأكثرها استعمالا «المسنجر» الذي يكون بالصوت والصورة، وهو الأكثر شعبية لدى المراهقين من الشباب والفتيات، (لاحظت في مقاهي الإنترنت تقسيمات للأجهزة فهناك أجهزة مفتوحة للعيان وهناك أجهزه توضع في غرف خاصة سعر الساعة فيها أغلى من الأجهزة الأخرى).
أحد أصحاب المقاهي ( ص.ر) سألته عن أعمار مرتادي المقهى، فقال إنهم من الشباب، وعن اهتماماتهم حسب المواقع أوضح أن الغالبية منهم يهتم بمواقع المحادثة ومواقع الأغاني والسيارات، وسألته إن كان بعض الشباب يقومون بفتح مواقع خليعة وما دوركم حيال ذلك؟ قال: هناك بعض الشباب يحاول فتح هذه المواقع، ونحن نراقبهم شخصيا أو عن طريق جهاز التحكم، فنقوم بإيقاف اشتراكه، كما أن مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية يغلقون مثل هذه المواقع، وهذا سبب لنا ارتياحا كبيرا.
ويرى (عبدالعزيز الحميدي) وهو موظف قابلناه في المقهى، أن الغالبية العظمى من الشباب لم يستفيدوا من الإنترنت، لأنهم يقضون أوقاتهم فقط على غرف الدردشة التي أضرارها أكبر من منافعها، ويقول إنه يجلس تقريبا على الإنترنت ما بين3 إلى 5 ساعات.
لا مبالاة
ويقول (فيصل العرفج) طالب في جامعة الملك سعود: الذي يحزنني في غرف المحادثة هو عدم مشاركة الجميع في المواضيع المفيدة، فعلى الرغم من وجود الكثيرين الذين يحرصون على طرح مواضيع مفيدة للمناقشة، إلا أن الكثيرين يبدون لامبالاة واضحة تجاه تلك الموضوعات، فقسم يتواجد في تلك المواقع للترحيب والتوديع عند دخول الآخرين وخروجهم، والبعض يأتي للحديث مع شخص بعينه وفي مواضيع قد تكون خاصة، وهكذا يكون النقاش المفيد محصوراً بين شخصين أو ثلاثة، وبقية الموجودين يكتفون بالهزل والنكت والكلام غير المفيد أحيانا.
أما (سامر أبا الخيل) طالب في المرحلة الثانوية، فيهتم بالماسنجر وغرف المحادثة ويشارك كثيرا في المنتديات، خاصة في المواضيع التي تخص أجهزة الكمبيوتر.
كما يقول إنني أستفيد من المنتديات أكثر من غرف المحادثة، لأن المنتديات تكون أغلب مواضيعها جادة ومفيدة، وعن غرف المحادثة الأشهر لدى الشباب والفتيات يقول: يوجد غرف كثيرة جدا ولكن أنا أفضل (شات شله، شات كزنوفا، شات علي بابا) وهناك مواقع أشهر مثل (المايكروسفت شات، والماير سي) ولكن مشكلتها أنها يكثر فيها الهاكرز.
فهد منصور، أخبرنا بوجود متابعات أخرى غير غرف المحادثة، فأنا أتابع مواقع السيارات والجوالات ومواقع الفنانين، ونتابع برامج الإنترنت والجديد منها، وعن الأوقات التي يقضيها على الإنترنت أضاف: لست من مدمني الإنترنت فهناك شباب تجده يجلس من 8 ساعات إلى 10 ساعات، أما أنا من ساعة إلى ساعة ونصف فقط.
من داخل الغرف
لنتعرف أكثر على مايدور داخل غرف المحادثات، وما هي موضوعات النقاش، استكشفنا هذه الظاهرة من خلال بعض المقابلات في نفس غرف المحادثة. في البداية ذهبت لموقع كازنوفا فوجدت مجموعة من الغرف وعدد الأشخاص من أسمائها (غرفة المواضيع الجادة، الشعر، الصراحة، غرفة قطر، غرفة البحرين، غرفة الكويت، وغرفة جدة)، وغيرها من الأسماء، أما الأسماء التي يدخل بها المشاركون فمنها:(مستريح البال، ولد الرياض، بنت الرياض، وحدة فاضية، الحزين، شينة، جيمس بوند، المنتهي، الصقر، الوردة، ) وهناك من يشارك بأسماء الفنانين مثل: (خالد عبد الرحمن، أحلام، نبيل شعيل، كاظم الساهر، الرويشد، وهكذا)، فغالبية هؤلاء الشباب والفتيات يدخلون بأسماء وهمية.
ومن الغرف ما هو عام لجميع الموجودين، ومنها الخاص (البرايفت)، وهي أن يتكلم شخصان لوحدهما، وهي كثيرة في مواقع المحادثة .
(غ، أ) كما رمزت لنفسها تقول إنها استفادت كثيرا من غرف المحادثة، حيث عرفت كيف تتعامل مع جموع كبيرة من الأشخاص، وتعرفت على ثقافات مختلفة، ولكنها قالت إن كثيراً من الشباب لم يستفيدوا من الدردشة، وبعضهم يستغلها للغزل أو بتبادل الصور، وهذا الغالب على غرف المحادثة ويكثر في الماسنجر وغرف المحادثة التي تسمح بتبادل الملفات.
هل يصلح الإنترنت لتكوين صداقات
تقول (ن، م) صداقات الإنترنت أكثر حميمية والسبب الرئيسي هو عدم وجود قيود على الإنترنت، فأنا أتحدث كما أشاء وأقول أشياء قد أستحي من قولها وجها لوجه، وتضرب مثالا على ذلك بشخص كانت تربطها به علاقة عمل عبر الإنترنت وكان يبدو لها شخصا اجتماعيا ومنفتحا ويتحدث في كل المواضيع ولكن عندما قابلته بعد ذلك في الواقع وجدت أنه خجول للغاية عكس ما كان يبدو على الإنترنت.
وبسؤال (ش،أ) هل تشكل السن أهمية في تلك العلاقات؟ قالت: لا أرى أن صداقات الإنترنت للشباب فقط، وتضيف أنها تعرفت على أشخاص من سن ثلاثين فأكثر عن طريقها، وما يجمعها بهم هو الاهتمامات المشتركة، ولا تشكل السن أهمية في تلك العلاقات.
ويقول (أ.غ) إن صداقات الإنترنت في الغالب تكون بين الشباب، وانه إذا دخل مواقع أو منتديات على الإنترنت، فهو يدخلها بشخصية وهمية، ولا يحاول إقامة صداقات لان صداقات الإنترنت غير جادة وربما تضر الشخص.
هل تعالجون مشاكلكم
عبر الإنترنت؟
ترى (س، ب) أنه لا يوجد من يبحث في المواضيع الاجتماعية وحل مشاكلها عبرغرف المحادثة، مضيفة أنها تطغى عليها المعاكسات، أما المشاكل فهي لا تطرح على الغرف العامة التي يتواجد بها عدة أشخاص، وحتى لو تطرح فإنها لا تجد اهتماماً، لأن الحوار غير منظم.
أسماء وهمية
يقول (الفارس) هكذا كان اسمه في غرفة المحادثة، إنه يخسر الكثير من المال والوقت عبر غرف المحادثة ويقضي ساعات طويلة عليها، وعن دخوله باسم وهمي: أغلب الموجودين يدخلون بأسماء وهمية مثل أسماء ارتبطت معظمها بمشاهير المحبين بدءا بقيس بن الملوح، وجميل بثينة، وروميو، وهؤلاء يبحثون عن الغزل وتجدهم ينشرون أرقامهم أو عناوينهم الإلكترونية.
أما (ع.ش.ق) وهي مراقبة في أحد مواقع المحادثة فتقول إنها تعلم بأنها تضيع المال والوقت على الإنترنت، دون أن تستفيد منها شيئا، وأكملت تقول إنها تجزم كل يوم إذا دخلت الإنترنت ستبحث عما يفيد، ولكن حينما أفتح مثلا الإيميل أجد دعوات إلى مواقع محادثة، أو على المسنجر فأذهب إليها وهنا يبدأ الوقت يتسرب دون أن أشعر تمر الساعات الطوال، وهذا إدمان أصاب غالبية الشباب والفتيات.
ويرى (ط.ع) أن المشكلة ليست في مواقع المحادثة فقط، بل أيضا في الإيميل الذي خطره يوازي خطر الشات إذا لم يستعمل الاستعمال الأمثل، وأضاف أن هناك رسائل توجه عبر الإيميل من شركات للمواقع الإباحية، وهذه المواقع ترسل رسائل لمواقعها الإباحية عبر الإيميل وحين ما يفتحه الشخص في نفس اليوم من إرساله فان بعضها قد يفتح معه، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لم تقصر في حجب المواقع الإباحية ولكنهم لا يستطيعون حجب جميع المواقع، لأنه يستجد في اليوم مئات المواقع الإباحية.
رأي مختلف
أما (م، ي) فلها رأي آخر، فهي تقول إن مواقع المحادثة مفيدة لدرجة كبيرة، فعبرها تتعلم ثقافات المجتمعات الأخرى، وأسلوبهم في الحياة وعاداتهم، فتتعلم وأنت خلف الشاشة، فمواقع الشات في رأيها بحر من المعلومات، وتضيف نعم يوجد هناك من استغل هذه المواقع الاستغلال السيئ، فالإنسان الذي يريد أن يستفيد ويتعلم سيجد ما يريده والعكس كذلك، فالذي يبحث عن المساوئ سيجدها، ولكن أنا أرى أن الأغلبية يبحثون عما يفيدهم، وأضافت أنه يوجد مواقع محادثة للتعليم، وهذا تعليم مباشر ومجانا كتعليم الطبخ، والأشياء التي تخص أجهزه الكمبيوتر، وبرامج الإنترنت، وغيره من الأمور المفيدة جدا.
هل تصدق من يحادثك؟
في الحديث عبر الإنترنت لا يمكنك أن تتأكد من شخصية من تتحدث معه، أو من أين يحادثك، فأي شخص يستطيع أن يقول لك ما يشاء دون وجود وسيلة للتأكد، فمن يضمن لك أن من تصادقه هو فعلا من يدعي؟
تقول (سراب) إنه في بداية تعرّفك على أي شخص عبر الإنترنت، تكون حذرا ومتشككا، ولا تبوح له بكل ما يخصك، ولكن بعد عدة مرات تستطيع أن تعرف ما إذا كان صادقا معك أم لا، وبالتالي هل تستمر معه أم لا، لذلك فالغالبية من تستمر معهم في صداقة يكونون فعلا أهلا للثقة.
إيجابيات
لصداقات الإنترنت إيجابيات كثيرة، ففي حالة (م.هـ) و( ن.س) يستخدمان المحادثات للدعوة، وإرسال الأذكار والأدعية عبر الإيميلات والمنتديات، وكذلك القصص للعبرة والعظة، بالإضافة الى أنهما يستخدمانها لمعرفة القضايا التي تهم المسلمين من خلال الإنترنت.
البريد الالكتروني
وبسؤالنا للبعض هل استفدت من البريد الإلكتروني (الإيميل)؟ يقول (ع.ق) طالب في جامعة الملك عبد العزيز إنه له عنوانان إلكترونيان أحدهما على الهوتميل من أجل الماسنجر، برنامج المحادثة الشهير، وقليلاً ما أستخدم الإيميل فبرنامج الماسنجر لا تستطيع دخوله إلا من خلال الاشتراك في الإيميل، والآخر على الياهو فمشترك فيه من أجل المجموعات التي توجد على هذا الموقع وهناك أمور في الإيميل أجهل استخدامها.
أما (غ، خ)، وهي موظفة في أحد البنوك، فتأكد أنها استفادت كثيرا من الإيميل، فهي عن طريقه تراسل بعض أقاربها وصديقاتها في داخل المملكة وخارجها، وتتواصل معهم، وهو أقل تكلفة من مكالمتهم عن طريق الهاتف وأفضل أيضا.
وذهبت لمواقع أخرى عبر أحد محركات البحث ودخلت موقعا لفت نظري وجود غرفة للدعوة عليه، وكانت تضم مجموعة كبيرة من الشباب والفتيات، يطرحون مواضيع مفيدة، ويقول المراقب على هذا الموقع (م.د) إن هذا الموقع صمم للدعوة الإسلامية، وفيه أساليب دعوية كثيرة، ومن ضمنها غرف المحادثة، ونحن نراقبها ونطرح فيها المواضيع التي تنفع الإنسان في دينه وحياته العملية، وهل وجدتم تفاعلاً من المشاركين؟
نعم وجدنا تفاعلاً كبيراً، ويشرف على الموقع بعض المشايخ جزاهم الله خيرا، وأضاف أنه يوجد مواقع أخرى كثيرة للدعوة منها (إسلام أون لاين، وموقع مكة) ومواقع لكبار المشايخ كالشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ العثيمين، وسعد البريك، وغيرها من المواقع.
في ختام هذه الجولة، اكتشفنا من خلال استطلاعنا، أن العديد من الشباب يكونون صداقات عبر مواقع المحادثة وأغلبها تكون صداقات نهايتها سيئة، وأن الشات يسرق الوقت ويلهي عن الطاعات وهو لاشك أن أغلبه يوجد به مفاسد وأن تلك الممارسات الخارجة عن الشريعة الإسلامية وعن العفة والنظافة الفكرية والنفسية وأن الأسرة تتحمل جزءا كبيرا من الممارسات الخاطئة لأبنائها، والتي ربما تقودهم إلى الانحراف.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|