* جواهر بنت عبدالعزيز آل سعود
استعرضنا في الجزء الاول من هذه الدراسة تعريف الجريمة الالكترونية وانواعها وتصنيفاتها. وفي هذا الجزء يتم تناول قوانين الحماية وحماية الخصوصية ومخاطر البريد الالكتروني.
إن الخصوصية احدى حقوق الانسان الاساسية، والخصوص في اللغة إذا الانفراد ويقابله العموم، كما يفيد الحصر وضده الإطلاق (لسان العرب) أما في معناه الاصطلاحي فنجد Edward Bloustein يذهب إلى ان الخصوصية هي الحق في حماية الشخصية ومنع الاعتداء عليها واستقلال الافراد وكرامتهم وسلامتهم
والخصوصية تكون في أربع نواحي وهي
1- خصوصية المعلومات Information Privacy 2- الخصوصية الجسدية اوالمادية Bodily Privacy 3- خصوصية الاتصالات Telecommunication Privacy 4- الخصوصية المكانية اوخصوصية المكان.
ولو حاولنا معرفة ماهية خصوصية المعلومات لتعلقها بموضوعنا نجد انها تعني وفقاً ل(ويستن) (حق الافراد في تحديد متى وكيف وإلى أي مدى تصل المعلومات عنهم للاخرين) بين العامة والخاصة.
من هنا نرى أن الاستخدام غير المشروع للتقنية، وتحديدا الحواسيب، يكمن في كل ما من شأنه تهديد الحق في الحياة الخاصة، ويمكننا إجمال المعالم الرئيسة لمخاطر الحواسيب وبنوك المعلومات على الحق في الحياة الخاصة بما يلي:
أولاً: (ان الكثير من المؤسسات الكبرى والشركات الحكومية الخاصة، تجمع عن الأفراد بيانات عديدة ومفصلة تتعلق بالوضع المادي أو الصحي أو التعليمي أو العائلي أو العادات الاجتماعية أو العمل..الخ
ثانياً: أن شيوع (النقل الرقمي) للبيانات خلق مشكلة أمنية وطنية، إذ سهل استراق السمع والتجسس الإلكتروني.
ثالثاً: إن اكثر معالم خطر بنوك المعلومات على الحياة الخاصة ما يمكن أن تحويه من بيانات غير دقيقة أو معلومات غير كاملة لم يجر تعديلها بما يكفل إكمالها وتصويبها.
رابعاً: (إن المعلومات الشخصية التي كانت فيما قبل منعزلة متفرقة، والتوصل إليها صعب متعذر، تصبح في بنوك المعلومات مجمعة متوافرة متكاملة سهلة المنال، متاح اكثر من ذي قبل استخدامها في أغراض الرقابة على الأفراد.
وقد اظهرت الدراسة البحثية ان نحو 50 دولة من دول العالم اقرت تشريعات شاملة في حقل حماية البيانات(Data Protection) وأن نحو 20 دولة تبذل جهوداً تشريعية في هذا الوقت لوضع قوانين في ذات الحقل او تعديل قواعدها القانونية القائمة لتحقق حماية البيانات وتحديدا الشخصية.
قوانين للخصوصية
ويمكن القول ان قوانين الخصوصية تنطوي على ثلاث طوائف رئيسة من القواعد:
الاولى: الطائفة المتعلقة باقرار المبادئ الرئيسة للحق في الخصوصية ونطاق اعتراف الدولة به ومدى كفالته والالتزامات المقررة على الجهات العامة والخاصة في حقل حماية البيانات الشخصية.
الثانية: القواعد التنظيمية والاجرائية والمعايير.
الثالثة: القواعد الموضوعية للحماية المدنية والجنائية.
ومسماه الشائع هي قوانين الخصوصية Privacy او قوانين حماية المعطيات Data Protection laws وقد سنت هذه القوانين لحماية حق المواطنين في الخصوصية وحماية بياناتهم الخاصة واسرارهم ضمن قواعد ادارية ومدنية وجزائية وانطلاقتها كانت في طهران عام 1968 اثر انعقاد مؤتمر الامم المتحدة لحقوق الانسان ومناقشة موضوع مخاطر تكنولوجيا المعلومات على الحق في الخصوصية وظهرت هذه التشريعات كأول موجة تشريعية وقد انطلقت خلال السبعينات والثمانينات. وخضعت لتعديلات متتالية خلال الثمانينات والتسعينات.
والرفع القانوني المتعلق بها هي حقوق الانسان (تحديداً الحق في الحياة الخاصة)، والقانون الجنائي (المسؤولية الجزائية عن الاخلال بواجبات المعالجة وعن افشاء البيانات)، القانون الإداري (انظمة التنظيم الاداري، وقواعد نقل تبادل المعلومات بين الهيئات الحكومية).
ومحتواها هو القواعد القانونية المنظمة لمعالجة البيانات وتخزينها في بنوك المعلومات وتبادلها وتشمل القواعد التي تحظر جمع المعلومات دون سند قانوني وتوجب جمعها للغرض المعلن واستخدامها في هذا الغرض وحده، وتتيح الحق في تصحيحها وتعديلها من اصحابها، ولا تجيز إفشاءها وتقرر عقوبات على القائمين بالمعالجة والتحكم في هذه البيانات عند الاخلال بواجباتهم وتقييم المسؤولية على التوصل اليها من الأشخاص الخارجين عن المؤسسة المعنية بالجمع والمعالجة والمسؤولية عن إفشائها او الابتزاز بواسطتها.
مخاطر البريد الالكتروني
وبحديثنا عن الخصوصية في هذا العالم التقني يتبادر إلى ذهننا البريد الإلكتروني والذي يعرف بأنه صندوق بريد من خلاله تستطيع ارسال واستقبال الرسائل الالكترونية عبر الشبكة العنكبوتية عن طريق عنوان أو اسم مستخدم خاص بك. والخطر يكمن في اختراق الشبكة الالكترونية وتعديل محتويات الرسالة الالكترونية دون ترك أي أثر وعليه وجب التحقق:
1- من شخصية المرسل وتوثيق الرسالة.
2- استخدام نموذج الخطابات المطبوع.
3- وجود توقيع في أسفله.. التوقيع الرقمي الذي يعد من أفضل التواقيع ضمانا وحماية.
4- وجود الأختام الرسمية التي تعد من أفضل التواقيع ضمانا وحماية.
5- يمكن استخدام البريد الالكتروني كوثائق رسمية.
6- المحافظة على الخصوصية ومنع سرقة الرسائل.
إن الإنترنت لا تعترف بالحدود الجغرافية، وللإنترنت سمات وخصائص ذات اثر على البناء القانوني والعلاقات القانونية، وليس ثمة سيطرة مركزية لاحد على الإنترنت، انها بيئة مملوكة لكافة الافراد والمؤسسات وليست مملوكة لاحد، وليس ثمة اطار تقني او قانوني او تنظيمي يسيطر مركزيا على الإنترنت بل ان ادارتها والتحكم بها انما تحكمه طبائعها الذاتية وواقع (حركة السير) لملايين الاتصالات التي تتم في نفس الوقت فلا بد من الحماية في ثمانية حقول، امن المعلومات - جرائم الكمبيوتر والإنترنت - ومسائل الخصوصية وحماية الحياة الخاصة، ومسائل الملكية الفكرية للمصنفات الرقمية كالبرمجيات والدوائر المتكاملة وقواعد البيانات واسماء نطاقات وعناوين الإنترنت وحماية محتوى مواقع المعلوماتية، وكذلك في حقول المعايير والمقاييس التقنية، وفي حقل قواعد الاثبات والاجراءات الجنائية وما تبعها من مسائل الاختصاص والقانون الواجب التطبيق، وفي حقل وسائل الدفع الالكتروني والخدمات المصرفية الالكترونية، وتثير الآن أوسع تحدياتها في حقل التجارة الالكترونية والحكومة الالكترونية التي مثلت الاطار الجامع لحركة التشريع المتصل بتقنية المعلومات.
ويقول Robert M.Bowie واصفاً وضع البشرية مع الحاسب الآلي: (ان التقنوقراطية، وهي تملك الكمبيوترات قد تصبح على درجة بالغة من القوة بحيث تحبس الحياة الخاصة داخل حدود ضيقة، وتكيف حياة الفرد وأسرته بهذه الأجهزة في اللحظة التي تكون لها في ذلك مصلحة اقتصادية أو اجتماعية، وبذلك يصبح الإنسان معاملا كالأرقام، بكمبيوتر مسلوب الإرادة في اتخاذ قراراته بوعي واستغلال، ومفرغاً أخيراً من شخصيته (ان ما يهدد الجنس البشري ليس حربا نووية، بل جهاز كمبيوتر مستقل).
ومن هنا كان لابد من المكافحة الالكترونية لتلك الجرائم ومعالجة الكثير من المشاكل القائمة التي تتعلق بقضايا دولية وقانونية واجرائية وتتمثل الحلول في إصدار تشريعات للحماية الالكترونية تشمل
1 - القوانين الشاملة COMPREHENSIVE LAWS
قوانين عامة تحكم عمليات جمع وادارة ومعالجة البيانات الشخصية في القطاعين العام والخاص، مع وجود جهة لضمان التواؤم مع القانون وتطبيقها.
2 - القوانين القطاعية المخصصة SECTORAL LAWS التي تتعلق بقطاع معين.
3 - التنظيم الذاتي
SELF - REGULATION.
ولابد من انشاء جهاز الكتروني لمكافحة الجريمة خاصة وان الجريمة الالكترونية في ازدياد مما يتطلب جهاز أمن وادعاء وقضاء الكتروني وأيضاً قوانين الكترونية للحد من تلك الجريمة وضبطها. وحتى ينجح الجهاز يجب ان تكون لدى افراده مهارات الكترونية معينة وتوازن فكري وجسمي واجتماعي واقتصادي بما يضمن تحقيق أهداف الجهاز, لذلك يجب تعيين خريجي الكليات المتخصصة في مجال التكنولوجيا الرقمية في جهاز الشرطة والادعاء والقضاء بعد تأهيلهم نظامياً وقانونياً للانخراط في هذا المجال مع منحهم الأجر المتميز والمجزي.