نماذج التعقيدات.. وسطاء الإبداع
الوسيط الاصطناعي يمكنه نمذجة النظم المعقدة
|
أقيم في جامعة اكسفورد المؤتمر العالمي الأول حول الشبكات الديناميكية المعقدة المعتمدة على الوساطة المعلوماتية.
والمقصود بالوساطة أو الوسيط هنا هو برنامج معين يعمل بطريقة خاصة ويتعامل مع العديد من الوسائط الأخرى، والهدف من هذه الوسائط المعلوماتية هو محاكاة النظم الديناميكية المتفاعلة والمتغيرة والتنبؤ بسلوكها، مثل نظام البورصة، أو موطن وبيئة شيء معين، أو حتى نظام توريد تجاري.
النجاح الذي حققته الوسائط في النمذجة كان في مجال الأسواق المالية، وذلك بسبب الاهتمام الكبير للناس بفهم هذه السوق، وأيضا لأن الهدف المطلوب من النموذج تحقيقه هو المال. وكان أبرز الأعمال في هذا المؤتمر من مكتب استشارات «يوروبيوس» الانجليزي، وقد عرض د. فينس دارلي جهوده في نمذجة ناسداك ببورصة نيويورك.
ففي 2001 اتخذت بورصة نيويورك قرارا بوقف استخدام تقسيم الدولار إلى ستة عشر جزءا، واستخدام السنت (100/1 من الدولار) وهذا يعني أن الأسعار ستتحرك بمعدلات أقل (بمعدل 100/1 بدلا من 16/1) وقد ظنوا أن هذا أمر طيب في البداية، ولكن متخذي القرار في ناسداك تخوفوا من توابع هذا القرار غير المعلومة أو الظاهرة، فكلفوا د. دارلي بتوقع ما يمكن حدوثه من هذا التغيير.
تصرف غريزي
التوقعات لم تكن مثالية فالوسائط التي نمذجها د. دارلي تعاملت في حجم أسهم أكبر من التعاملات الحقيقية، ولكن معظم التنبؤات الأخرى كانت صحيحة، وأهمها أن البورصة ستكون أقل كفاءة بتقسيم الدولار إلى مائة جزء، لأن سياسة الطفيليين تستفيد أكثر من تقليل قيمة الحد الأدنى لجزء الدولار. أما سانمي داس من معهد ماساشوتس للتكنولوجيا فيستخدم الوسائط المنمذجة لدراسة الأسواق المالية، وتنصب أبحاثه على دراسة سلوك المضاربين في السوق وليس السوق بكامله.
فالمضارب يهتم بتحديد القيمة الحقيقية للسهم، وهو السعر الذي يعكس جميع المعلومات التجارية المرتبطة بالسهم.
في هذه الدراسة السعر يتم حسابه وليس إعطاؤه للنظام، والحقيقة أن حساب مثل هذه القيمة أمر صعب للغاية، وحاول داس عمل تقريب عملي للأسعار الناتجة من هذه الحسابات، فيشتري المضارب بسعر أقل من سعر الوسيط ويبيع بسعر أعلى من سعر الوسيط.
وكانت نتائج داس قريبة من الإحصائيات الحقيقية للسوق، والمضاربين في السوق المالية يتصرفون بالغريزة، ويجدون صعوبة في تفسير قراراتهم وطرق تحديد أسعار الأسهم، وهذا ما وضحه داس في دراسته.
العالم كما لم نعرفه
الأسواق المالية ليست المجال الوحيد لتطبيقات نماذج الوسائط المعلوماتية، فالفيزيائي نيل جونسون من جامعة أكسفورد، عرض بحثه باسم «لعبة الأقلية»، والذي يحاكي المسألة الكلاسيكية. «بعض الأشخاص دخلوا مطعما حيث عدد الكراسي أقل من عدد الأشخاص (الوسائط) فهل سيبقون أم يتركوا المكان؟» وبدراسة سلوك الأشخاص ورد فعلهم تم بناء نموذج رياضي لتفاعلاتهم.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال هام ، هل هذه الدراسات لها فائدة ؟والحقيقة أن الدراسة تجرى فعلا في وكالة ناسا للفضاء، وتستخدم في التعامل مع أجنحة الطائرات المتقدمة، فبدلا من وجود جناح متحرك واحد لتحديد الاتجاه، فإن لديها مئات الأجنحة الصغيرة، كل منها يعتبر وسيطا يمكن نمذجته، وطبقا لوضعه ووضع باقي الأجنحة هل عليه أن يتحرك لأسفل أم يبقى على حاله، والنماذج الرياضية لكل من الحالتين متطابقة بشكل مذهل.
وعلى نطاق آخر، حاول د. جونسون تطبيق نفس النموذج على ميليشيات المخدرات وتجار ة السلاح في كولومبيا وكيفية تعامل كل ميليشيا مع الأخرى، فكل واحدة تعتبر وسيطا، وننتظر ظهور نتائج هذه الدراسة.
وأبحاث د.جانيت ايفستاثيو كانت مثيرة، فهي تعمل في قسم العلوم الهندسية بجامعة أكسفورد، ودرست سلسلة التوريدات التجارية بين المصانع والمخازن والمتا جر حتى المستهلك النهائي. فبعد دراسة الاستراتيجيات لطرق التوريد، قامت بعمل وسيط نموذجي اصطناعي يحاكي هذه الدورة التجارية، فكانت النتائج مضاعفة، فوجدت أن الناس يخطئون في فهم أنفسهم وعندما يتعلق الأمر بعملهم فإنهم يكذبون.
وبدأت في دراسة ما يحدث فعلا في المخازن والمصانع، وكيف تتحرك البضائع من وإلى المتاجر بعيدا عن الورقيات، ووصلت إلى أن المصنع الكبير إذا عمل طبقا لخطة فإنه سيبقى منظما ويصل إلى نتائج طيبة، والمصنع الصغير إذا غفل عنه القائمون عليه فإنه سيصل إلى كارثة، وبدأت في وضع النماذج الرياضية التي يمكنها قياس درجة عدم النظام في المصانع، لتحسين سير العمل والإنتاج.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 