تقنية اللغة!!
|
منذ نشأة الإنسان الأولى كان للغة دورها الحاسم في تطوره البيولوجي ونضجه النفسي وارتقائه الحضاري.
إنَّ اللغة - كما قيل - هي الوجود ذاته، وقد أصبح هذا الوجود مرتبطاً بثقل الوجود اللغوي على شبكة الإنترنت، وقديماً قال سقراط لجليسه: تكلم حتى أراك، أما اليوم فالشعار هو: تحاور عن بُعد حتى يراك الآخرون وتراهم.
يقول د. نبيل علي في كتاب (الفجوة الرقمية): إن اللغة يمكن أن تعني الشيء ونقيضه، إذ هي الداء أو الدواء، فهي إما أن تكون علة العلل وآفة الآفات أو مصدر إشعال الهمم ووسيلة تحقيق الغايات.
وهكذا تواجه اللغة العربية إزاء النقلة النوعية الحادة لمجتمع المعرفة تحدياً مزدوجاً، فقد فرضت عليها معظم التحديات التي تشترك فيها مع معظم لغات العالم الأخرى، في الوقت ذاته الذي تعاني فيه أزمة حادة: تنظيراً وتعجيماً وتعليماً وتوظيفاً وتوثيقاً، وقد أظهرت الإنترنت، سواء على صعيد البحث أو البث، مدى حدة هذه الأزمة الطاحنة، التي ترسخت حتى كادت تصبح عاهة حضارية شوهاء، وهو ما حدا تقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني على أن يخلص إلى أن انتشال اللغة العربية من أزمتها الراهنة يُعد شرطاً أساسياً للحاق المجتمعات العربية بركب مجتمع المعرفة.
بَيْدَ أننا نؤكد أن اللغة العربية قادرة على أن تتطور.. وقد شهد القرن التاسع عشر محاولات جادة للإصلاح اللغوي ضد حركة التتريك لإحلال التركية بدلاً من العربية في نظم التعليم والدواوين الرسمية. ومغزى ذلك أن اللغة ستظل دائماً مسؤولية الجماعة الناطقة بها، وعلينا أن نقر بأن إخفاقنا اللغوي هو إخفاق للمجتمع بأسره: إخفاق المجمع والجامع والجامعة، وإخفاق المنزل والفصل والمكتب والمصنع، وإخفاق الساسة والمثقفين وقادة الرأي وعلى رأسهم المصلحون اللغويون الذين عجزوا عن تشخيص دائنا اللغوي واقتراح العلاج الناجع له.
اللغة تحمل العالم في جوفها، بكائناته وأحداثه وثوابته ومتغيراته وحقائقه وأوهامه، واللغة كما قيل برميل بلا قاع، كلما تعمّقنا فيها ازدادت غوراً، وقد احتار العقل البشري - وما زال - في حقيقة أمرها سواء من حيث وظيفتها أو ماهيتها، فكان أن تعددت أوصاف هذه الوظيفة من وعاء للفكر ومرآة للعقل وأداة للتواصل.
لقد أثمر التفاعل العلمي بين اللغة والفروع العلمية المختلفة عدة نماذج لغوية، أسهم في ظهورها، بصورة مباشرة وغير مباشرة، التوسع في استخدام الحاسوب في المجال اللغوي وما تتطلبه من تمثيل اللغة بصورة منضبطة، تلبية لمطالب المعالجة الآلية.
خلاصة القول، فقد حققت نظم معالجة اللغات الطبيعية آلياً إنجازات ملموسة على صعيد اللغة المكتوبة وبدرجة أقل على صعيد اللغة المنطوقة، وقد حققت معالجة اللغة العربية آلياً نجاحاً تقنياً واقتصادياً ملحوظاً.
د. زيد بن محمد الرماني
المستشار الاقتصادي بجامعة الإمام محمد بن سعود
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|