المعلوماتية تفتح أبواب المعرفة من خلال التجربة
الكومبيوتر يحاول لعب دور أكبر!
|
* إبراهيم الماجد
عندما كان أهلنا يقرأون علينا أيام الطفولة، قصص ألف ليلة وليلة والأميرة النائمة وسندريلا، كنا نتخيّل مشاهد القصة داخل عقولنا الصغيرة، ونحلم أننا أصبحنا جزءا من القصة، حتى إذا غفونا شاركنا من خلال أحلامنا في صناعة أحداث القصة.
علماء (ديناميكيات العناصر الإنسانية الخاصة بالواقع المعزَّز) Augmented Reality يبحثون منذ فترة عن سُبل تحويل هذه التخيلات إلى واقع لكن أكثر واقعية من الأحلام.
وقد أنتج علماء بعض المختبرات كتبا تتيح لأبطال قصصها الخروج من الكتاب كما تتيح لقرائها المشاركة في الأحداث!
كيف سيحقق علماء المعلوماتية ذلك، وما النتائج التي توصلوا إليها، وإلى أي مدى تساهم هذه الاختراعات في دفع عملية التعلّم لدى البشر إلى حدود جديدة؟
ولماذا توقعت مؤسسة (غارتنر) المتخصصة في البحوث الدراسات أن يستخدم نحو 30 في المئة من الموظفين الكثيرين التنقل تقنية الواقع المعزّز بحلول سنة 2014م؟
ما هو الواقع المعزّز؟
ظهر مفهوم الواقع المعزّز بالتزامن مع البرامج المعلوماتية التي تستهدف (خلق) أحداث غير حقيقية ومحاكاة الواقع أي إعادة تمثيل أو ابتكار حالات شبه واقعية.
وظهرت أيضا في تلك الفترة تقنيات مثل الواقع التخيّلي وهي مرادفة للواقع المعزّز، إلا أن الفرق بين الاثنين، هو أن الأول ذو منشأ واقعي أي ممكن الحدوث، أما الثاني فيفترض أحداثا غير ممكنة الحدوث كأن يقفز إنسان إلى ارتفاع 100 متر، أو أن يحطم جرافة بيديه، ومع تطور أبحاث الواقع المعزّز توصل علماء المعلوماتية إلى تحضير برامج معلوماتية لديها القدرة على إيجاد واقع اصطناعي من خلال كومبيوتر متطور جدا، ونظارات تشبه الخوذة التي يرتديها سائقو الدراجات النارية.
ومن خلال برامج الواقع المعزز يقوم العلماء مثلا بإعادة تقديم حادثة تاريخية مثل معركة (واترلو)، أو ببساطة إعادة إنتاج الحياة اليومية في روما القديمة، أو إيجاد بيئة مستقبلية تخيلية لما ستكون عليه حياة الإنسان سنة 3011م.
ولاستخدام البرنامج، يضع المستخدم الخوذة الإلكترونية على رأسه ويلبس ثياباً خاصة، بحيث تأتي كامل مشاهد العالم الخارجي من خلال النظارات داخل الخوذة. كما يستقبل المستخدم الأصوات من مكبرات صوت داخل الخوذة.
أما الإحساس بالحرارة سواء كانت برودة أم سخونة فتصل إلى جسم المستخدم من خلال معدات خاصة داخل الثياب التي يلبسها، وإذا كانت التجربة التي سيخوضها المستخدم متعلقة بالتعرف إلى الحياة اليومية لدى الفراعنة، سيتمكن من التواصل مثلا مع أهل مدينة تضج بالحياة فيتعرف إلى أهلها ويحدثهم عن شؤونهم اليومية، لذلك رأى البعض أن الواقع المعزز يستطيع لعب دور تاريخي في تعزيز عملية التعلم لدى البشر لأنه يتخطّى ضرورة التخيّل ويجسّد المعلومات بشكل عملي واضح.
التعلّم من خلال التجربة
يتيح الواقع المعزز أسلوباً تعليمياً ثورياً، فبدلا من أن يشرح أستاذ الرياضيات فرضية فيثاغوروس الخاصة بزوايا المثلث، يمكن وضع الطالب في واقع تخيلي يؤمّنه الكومبيوتر مع فيثاغوروس شخصيا.
وبهذا يقوم فيثاغوروس بشرح فرضيته مباشرة للطالب من خلال أحدث ما توصل إليه الكومبيوتر في تجسيد الأشكال والرسوم والأفلام والموسيقى والألوان، وسواها من العناصر التي تسهّل عملية التعلّم. أما إذا كان الدرس في التاريخ، فيمكن أن يستخدم المعلّم برنامج الواقع المعزّز ليشارك التلميذ مثلا في معركة العلمين بدلا من أن يخبره أحد عنها.
وربما يكون التلميذ جندياً من المشاة أو يكون قائدا مخططا في غرف العمليات. أو يستمع مباشرة إلى تفاصيل تخطيط القائد الألماني أدولف هتلر ورؤساء أركان جيشه لغزو بلجيكا. ستكون تجربة لن تُنسى لأن التلميذ سيتفاعل وسيشعر وربما سيحزن أو يفرح أو يغضب أثناء مشاركته مثلا في أعمال الإغاثة إثر مجزرة ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قانا عام 1996م، وبهذا ربما سيصل القطاع التعليمي إلى تحقيق ما يمكن تسميته (الدرس الذي لا يُنسى).
مستجدات
تمكن باحثون في نيوزيلاندا من تطوير طريقة لعرض صور ثابتة ومتحركة عالية التفاصيل على صفحات الكتب وقصص الأطفال المصورة وأي كتاب يستخدم الرسوم التوضيحية.
ويشاهد القارئ الصور الثلاثية الأبعاد بواسطة جهاز عرض محمول في اليد. وبضغطة زر واحدة يغمر جهاز العرض القارئ في عالم افتراضي يمكنه من استكشاف موضوع الكتاب بشكل أعمق.
وقام الخبراء في مختبر (تقنية واجهة الاستخدام البشرية) في نيوزيلندا بتطوير الكتاب ونظام القراءة، ويشبه جهاز العرض نظارة تمسك باليد يحملها القارئ أمام عينيه أثناء تصفحه للكتاب. ويوجد بين العدستين جهاز تصوير يحدد المكان الذي ينظر إليه القارئ في الكتاب.
وفي الوقت عينه يقوم برنامج في جهاز كومبيوتر متصل بجهاز القراءة بالبحث عن خصائص مميزة في الصفحة للمساعدة في تحديد ما ينظر إليه القارئ. في الوقت نفسه، يعمل برنامج على كومبيوتر متصل بالجهاز على البحث في خصائص الصفحة من أجل المساعدة في تحديد ما ينظر إليه القارئ. وأعد خبراء سلسلة من الصور التوضيحية التي تنقل القارئ إلى واقع افتراضي وتساعده على استيعاب كتاب عن علم التشريح البشري، ففي أحد أجزاء الكتاب قد ينظر القارئ إلى نموذج ثلاثي الأبعاد للقلب البشري.
ويقول الخبراء: (يمكنك الحصول على منظور رؤية شامل من بُعد أو الدخول داخل القلب البشري لتصبح جزءا من المشهد). ويضيفون: (يمكنك بضغطة زر أن تعيش تجربة كاملة في واقع افتراضي، يمكنك السباحة داخله وأن ترى وتحس كما لو كنت كرية دم تتدفق عبر القلب).
وقد تم بالفعل استخدام نظام الرؤية والقراءة الجديد المسمى الكتاب السحري، في بعض المتاحف والأماكن العامة في نيوزيلندا، كما افتتحت معارض تستخدم تقنية الكتاب السحري في متحف العلوم في أستراليا. من جهة أخرى توقعت (غارتنر) أن يعتمد الموظفون تقنية الواقع المعزز خصوصا للمساعدة في الاجتماعات الافتراضية والمفاوضات التجارية المحتملة. واستطاعت التقنية الجديدة الدخول إلى عدة قطاعات اقتصادية خصوصا منها الصناعية حيث تساهم في تجربة المنتجات، حتى قبل صناعتها.
.....
الرجوع
.....
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 