* استطلاع - غادة إبراهيم
(إنه عصر المرأة) .. عبارة (رنّانة) تتردد على مسامعنا كثيراً في هذا الزمان، ورغم أن المرأة ما برحت مصدراً للإلهام والإبداع عند الشعراء في الماضي والحاضر إلا أن منتجي التقنيات في العصر الحديث يرونها من زاوية أخرى، حيث إنهم لم يتركوا لها خصوصيّة بل دخلوا عالمها الحافل بشيء من التفاصيل.. وابتدعوا لها الجوالات ذات التصاميم الخاصة والكثير من أجهزة الحاسب بما يتناسب مع طبيعتها وشخصيتها وأنوثتها...
كبسة زر
وقد تغيرت الأحوال كثيراً وفيما كانت المرأة (سابقاً) تُجهد نفسها بالأعمال اليدويّة المنزلية وغير المنزلية وتحتاج إلى وقت وجهد كبيرين في مقابل القليل من الراحة، اختلفت هذه الحقيقة الآن جذرياً.. ودخلت المرأة (عصر الأزرار) فبمجرّد كبسة زر على الجوال أو على الحاسوب أصبحت المرأة تنعم بتوفير الكثير من الوقت والراحة..
حرب وسلام !
تفضّل بعض النساء (السلامة) فيمتنعن عن خوض حرب التقنية بالمقابل هناك الكثيرات ممن قررن خوض الحرب على جبهة العلم والتكنولوجيا بغية المشاركة في عجلة الزمن وتطور الأجيال في المجال التقني ، ولعل هيمنة الرجال الآن على منابع العلم والتكنولوجيا حفّز المرأة العصريّة على خوض هذا الصراع المعرفي بغية إثبات الذات وتكريس الدور والحضور الفاعل في مجالات التقنية والعلوم الحديثة، ومن الواضح أن النساء اليوم ومن حول العالم صرن مؤهلات بجدارة للمشاركة في معترك الحياة العلميّة القائمة على أسس الإبداع والخيال بغية الانتصار وبلوغ التقدم والتطوير.
اختراق !
أجرت إحدى شركات الحاسوب العالميّة استطلاعاً للرأي عن مكانة المرأة في عالم الحاسب فأظهر هذا الإحصاء إن اقتناء المرأة للتقنيات الرقميّة الحديثة بين البالغين وخاصة فئة الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية - على سبيل المثال - تتساوى بين الجنسين .
ولكن المفارقة هي أن طبيعة استخدام المرأة للحاسوب والجوال تختلف بشكل واضح عن استخدام الرجل له، ولعل الكثير من النساء يملن إلى استخدام التقنية الحديثة بالدرجة الأولى في إطار عاطفي واجتماعي أكثر منه عملي ووظيفي! فغالباً ما تستخدم المرأة وبشكل يومي البريد الإلكتروني وتسجل دخولاً يومياً على الإنترنت لمشاركات خاصة بعالم المرأة الواسع.
ضمن هذه الرؤية أدركت الشركات العالميّة المنتجة للحاسوب وبعض شركات الجوالات اختراق المرأة للتقنيات الحديثة وكيف أنها أصبحت جزءا لا يتجزأ من عملية التسويق والبرمجة والاستهلاك رغم أن هذا الأمر يختلف نسبياً من دولة إلى أخرى، فهناك فرق بين دول العالم الأول والدول النامية، غير أن اختراق المرأة لعالم الحاسوب لا يقف عند حدود دولة حيث إن هناك اتجاها متصاعداً وسريعاً لاستخدام الحاسوب في كل بيت وكل مدرسة من دول العالم الثالث أيضا، إضافة إلى أننا نجد الشركات العالميّة المصنعة للجوال وأجياله تضم في صفوفها الأولى قيادات نسائيّة على مستوى التسويق والإنتاج.
بناء على كل ما سبق اتجهت أنظار الشركات العالميّة إلى تصميم جوالات للنساء من حيث إنزال بعض المزايا الخاصة بالبرمجة والتصميم والشكل الخارجي وهذه الأشياء تعني المرأة دون سواها..
مواقف وآراء
وباستطلاع رأي فئات مختلفة من النساء حول استخدامهن للحاسوب والجوال على حد سواء أفادت (ريم الغامدي) وهي طالبة جامعيّة بأن الجوال والحاسوب جزء من حياتها اليوميّة، أما بالنسبة للحاسوب فله دور كبير في مجال دراستها حيث يساعدها كثيراً، وتنظر ريم إلى الجوال على أنه جهاز لإجراء المكالمات ولا يشترط فيه وجود الكثير من التقنيات مثل الذاكرة والأشعة تحت الحمراء و البلوتوث وغيرها من التقنيات..
وعلى النقيض تماماً تقول (أم فيصل) وهي ربّة منزل: (الجوال يعني لي الكثير فلا بد أن أنعم بكل وسائل التقنية الحديثة في جوالي من حيث اللون والشكل وأحدث التقنيات في عالم الجوال وأقتني دائماً الحديث منها)، أما الحاسوب فهو بالنسبة لأم فيصل شغلها الشاغل حيث يأخذ الكثير من وقتها وتقول في هذا السياق: أدخل كثيراً منتديات المرأة للمشاركة في النقاش في إطار نسائي وعلى جانب آخر يساعدني الحاسوب أيضا على التعرف على أحدث برامج (الحمية الغذائيّة).
أما (النظرة الثالثة) لاستخدام (قطبي التكنولوجيا) الحاسوب والجوال فهو ما صرّحت به (منيرة العواد) وهي مديرة مدرسة حيث قالت: (يساعدني الجوال كثيراً في عملي في مجال التعليم حيث إنني أمتلك الآن جميع المعلومات والبيانات الهامّة الخاصّة بالطالبات والمعلمات والمواد الدراسيّة وعلى دراية شاملة بما يدور في حقل التعليم بكافة مراحله، أما استخدام الجوال بالنسبة لي فهو في إطار عملي وعائلتي فقط..).
سوق الأسهم
وهناك وجهة نظر أخرى عبّرت عنها (مها الشمري) وهي سيدة أعمال حيث قالت: (يمثل الحاسوب جزءاً هاماً من مهام عملي حيث يساعدني في الكثير من أعمالي والاتصال بالشركات ومجال الإنتاج والتسويق وغيرها).
وتضيف الشمري قائلة: (لا يخفى على أحد حديث الساعة ألا وهو سوق الأسهم فهي الشغل الشاغل لمعظم سيدات الأعمال حالياً، وإذا كان حاسوبي اليد اليمنى التي تساعدني في أعمالي، فجوالي هو اليد اليسرى حيث أحرص على اقتناء الجوال الذي يضم في ثناياه أحدث التقنيات في عالم التكنولوجيا ويساعدني في عملي ويوفر الكثير من الوقت والجهد والمال أيضا، باختصار جوالي لا يفارقني في مجال عملي أو حياتي الاجتماعيّة.. ).
يشار في هذا المجال إلى أن عدداً من المختصين يتحدثون بلغة متفائلة ونظرة ورديّة عن مستقبل الحاسوب والجوال والإنترنت وثورة الاتصالات والمعلومات في المنطقة العربية، ولكننا لا ريب نحتاج إلى المزيد من الجهد المتواصل لنصل في مجتمعاتنا موقعا متقدما في الهرم العالمي..
والمسألة في الواقع ليست قضية دور امرأة أو رجل ولكنها إرادة وعزيمة متّقدة ومتواصلة لكسر حاجز (الفجوة الرقميّة) بين العالمين الثالث والأول، وتبقى التكنولوجيا الحديثة لسان حال المرأة العربيّة العصريّة كما الأجيال الصاعدة وسائر شرائح المجتمع حيث ينعقد على هذه التقنية الأمل بدفع دفّة المجتمع قدماً على طريق النمو والتطور.