الغربال أ. د: عبدالله بن محمد أبوداهش
|
أورد أبو هلال العسكري في كتابه: «جمهرة الأمثال» هذا القول: «إن من البيان لسحرا»، وقال: «أول مَنْ لفظ به النبي صلى الله عليه وسلم... أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمرو بن الأهتم: أخبرنا عن الزبرقان، فقال: إنه مطاع في أدينه، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره، فقال الزبرقان: يارسول الله إنه ليعلم مني أكثر من ذلك، ولكن حسدني، فقال عمرو: والله يارسول الله، إنه لزمر المروءة، ضيق العطن، حديث الغنى، أحمق الولد، لئيم الخال، وماكذبت في الأولى، ولقد صدقت في الأخرى، رضيت فقلت بأحسن ماعلمت، وسخطت فقلت بأسوأ ما علمت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «إن من البيان لسحرا»(1).
قلت: وتفسيره كما ذهب إليه أبو هلال العسكري نفسه في توجيه المعنى في ذمِّ البيان أم مدحه: «الصحيح أنه مدحه وتسميته إياه سحراً، إنما هو على جهة التعجب منه، لأنه لما ذمَّ عمرو الزبرقان، ومدحه في حال واحدة، وصدق في مدحه وذمه فيما ذكر، عجب النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك...»(2).
ومن هنا أتى الإعجاب بفصاحة هذا المتكلم وبيانه، إذ هو سريع البديهة، قوي العارضة، استطاع توجيه معانيه في مكنة من توظيف الدلالة اللغوية التي حملت أفكاره ودلت عليها، وهذا حال عندئذ من نضج العربية وجزالتها، فلا غرو فهي وعاء القرآن الكريم ولسانه، والله سبحانه وتعالى يقول: {فإنمايسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون}(3) ،وقال سبحانه: {إنما أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}(4).
الحواشي:
(1) 1/18.
(2) المصدر نفسه 1/18،19.
(3) آية 58 سورة الدخان.
(4) آية2 سورة يوسف.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|