ذاكرة الأشياء
ثلاثية تراثية ووجدانية في معرض أحمد عبدالكريم
|
في احتفالية ثقافية بالمركز الثقافي المصري بسان ميشل بباريس افتتح الاستاذ الدكتور طه يحيى المستشار الثقافي المصري معرض الفنان الدكتور أحمد عبدالكريم وفي حضور كثير من أبناء الجالية العربية ولفيف من الأصدقاء ومحبي ا لفنون ومما يلفت نظر المتذوق عنوان هذا المعرض والذي جاء تحت مصطلح (ذاكرة الأشياء) وينقسم هذا المصطلح إلى لفظين أولهما خاص بلفظ «الذاكرة» وهي قدرة الإنسان على استرجاع الأحداث والمشاعر والأحاسيس عبر الذاكرة سواء كان ذلك على مستوى الوعي أو في حالة النوم فكثيراً ما يصحو الإنسان ويحاول تذكر أحلامه عبر ممر الذاكرة رغم مرور بعض من الزمن عليها وتغير مكانها ويبدأ الإنسان في سرد اطراف هذا الحلم من مواقف متنوعة ثم إننا في حوارنا بين انفسنا وأصدقائنا نتذكر المواقف ويقول كل منا للآخر: فاكر الموقف الذي حدث فيه؟؟؟ وتبدأ الذاكرة!!!
وتبدأ الذاكرة في استرجاع الأحداث من خلال العقل الواعي ونضيف عليها من مشاعرنا أوصافاً أخرى فالذاكرة أداة استرجاع للذكريات واللفظ الأخير من المصطلح هو «الاشياء» والأشياء هي كل ما يحيط بنا وحولنا في المكان سواء على مستوى اليقظة أو الحلم مثل العمارة التي نسكن بداخلها وحولنا والكراسي والمناضد والأكواب وغيرها والأشياء هي ما تتعامل معه سواء على المستوى المادي مثل الجلوس على الكرسي أو الإمساك بذلك القلم والكتابة به وغيرها أو الاستعمال المعنوي بالمشاعر والأحاسيس مثل السفر في المكان عبر أحلام اليقظة وخصوصية الأشياء تعني خصوصية الأدوات والخامات مثل الموسيقي في استعمال أدواته والفنان في استعمال فرشاته والمعماري في استخدام مساطره وأقلامه. هذه الأشياء لديها أيضاً ذاكرة لأنها تتضافر مع الفنان داخل التكوين النفسي للكاتب والرسام والموسيقي وتصبح تلك الأدوات والخامات امتدادا لروحانية الفنان وذاكرته وتلك الأشياء لها أيضاً ذاكرة مع مستخدميها وتحمل في طياتها معاني كثيرة لا يراها ولا يحسها إلا من لديه الخبرة الجمالية في الإحساس بالأشياء.
وقد تناولت بعض الدراسات المتخصصة العديد من الموضوعات التي تمارس يوميا مثل ذاكرة الأشياء فعلى سبيل المثال قد يجلس مجموعة من الأصدقاء المحبين في حوار جميل جلي يحمل مشاعر الود والمحبة والإخلاص ويسوده الوئام والخير والشفافية والعطاء وإذا احضرنا بندولاً فقد يلف هذا البندول في اتجاه ايجابي ويحدث العكس فيدور البندول في اتجاه سلبي وهذا ما تحمله ذاكرة الأشياء في هذا المكان.
إذن نحن في قضية تناول مصطلح ذاكرة الأشياء وهي تعني أن كلاً من ذاكرة الإنسان وذاكرة الأشياء في علاقة متضافرة تحمل المعاني والمشاعر والأحاسيس في تبادل معنوي ترقى إلى مستوى الإحساس بالأشياء والإحساس بالأشياء خاصية في وعي الإنسان وخاصة الفنان فكلما زاد وعي الفنان زاد إحساسه بالأشياء وإحساسه بسطح الرسم والأقلام والألوان وهذا الإحساس مسؤول إلى قدر كبير عن حميمية الأشياء بالفنان فإذا كانت العلاقة قوية بينه وبين أدواته فهما في حالة توافق وتعتبر هذه الأدوات امتداد الثقافة الحسية وثقافة الفنان وتصبح ريشته هي الموصل الجيد لكل تلك المشاعر المكنونة فيه لتخرج إلى حيز الوجود التصويري على هيئة انفعالات وجدانية متلاحقة متراصفة متراقصة على مسطح العمل الفني.
إذن ذاكرة الأشياء هي ذاكرة الإنسان والأدوات والوجدان والانفعالات هي محصلة عمليات القصد والتلقاء داخل وجدان الفنان.
وبتناول معرض الفنان أحمد عبدالكريم هذا الموضوع في أكثر من 40 عملاً في مجال الرسوم التحضيرية لذاكرة الأشياء.
حيث يتناول المعرض ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى ذاكرة الأشياء تراثياً.
المجموعة الثانية ذاكرة الأشياء وجدانياً.
المجموعة الثالثة ذاكرة الأشياء لحرب العراق.
وتناول في ذاكرة الأشياء حرب العراق 2003م حيث تحتوي ثلاث لوحات 250سم x 250سم ذاكرة المتاحف المسروقة لبغداد والعراق حيث تقف الإله البابلية في شكوى صارمة للاله أخناتون ويتوسطها اللبوة الجريحة ذائعة الصيت وذلك الأسد المجنح الذي فقد رأسه، انها العراق لا رأس ولا قلب ولا شيء انها العراق جردوها حتى من عراقها حتى من تراثها حتى من إنسانيتها انها مأساة العراق مأساة الإنسان العربي. ومن الأعمال التي استطاع فيها الفنان تقديم فكر تشكيلي جمالي لوحة باسم الآنسة شجرة وذاكرة حيث استطاع فيها تضفير الشجرة في اطار هرمي تحملها السمكة الأسطورية في هرولة إلى شجرة النور ومن خلال مونوكروم «لون بني ودرجاته»،صاغ الفنان كلاً من تلك المفردات في هدوء وسلاسة تستحق التأمل ومن الرموز التي صاغها الفنان في هذا المعرض السمكة المراكب الكراسي الشجرة البقرة التمساح الحمار الحصان الأوز.
هذه الرموز تناولها الفنان ليست كما هي تعيش في حيز الوجود فقد صاغها في صياغة تلائم الموضوعات فهذه السمكة رأس يتدلى منها شعر مسدل على أكتاف فتاة جميلة ذات قوام فرعوني وتقف في تأمل وهدوء تحمل بين أحضانها تلك المراكب الشمسية الورقية وتطوف حول هذا المكان الذي يحتويه ذلك العرش ذو الحضور الأسطوري انه كرسي، كرسي لم يجلس عليه أحد ولكنه ذو حضور في مواجهة الأسماك الإنسانية في حوار بصري تذوب فيه الملامح وتذوب فيه المشاعر والأفكار. انه الغموض ولا أجابة أنه الحضور ولا حضور.
ثم تناول الفنان تلك الشجرة التي هي أنثى جميلة حذف رأسها ليس للحذف ولكن لمقتضيات الموضوع الجمالي انها الشجرة تلك المفردة التي تناولها الشعراء والأدباء والموسيقيين والمعماريين انني قد فككت قيدها ذا الثبات الدائم في ارضها بجذورها أنها تجري وتنبض بالحب مع أشجارها. انهم جماعات تتدفق عبر الفراغ على مسطح العمل لتقول لك هل تراني؟ انني ذاهبة إلى هناك وليس هناك هناك انه الغموض انه الفراغ أنه الجمال.
***
السيرة الذاتية للفنان
أحمد عبدالكريم:
مواليد القاهرة 13/8/1954م.
1981م بكالوريوس التربية الفنية بترتيب الأول ممتاز مع مرتبة الشرف.
1985م حصل على درجة الماجستير في التربية الفنية بعنوان (النظم الإيقاعية في الفن الإسلامي الهندسي).
1990م حصل على درجة الدكتوراه في التربية الفنية بعنوان (نظم تحليل الهندسيات الإسلامية).
1994م حصل على درجة استاذ مساعد بكلية التربية الفنية عن مجموعة أبحاث في مجال التخصص (التصميمات الزخرفية).
2000م حصل على درجة الأستاذية في مادة «أسس التصميم».
***
الجمعيات المشارك فيها:
عضو نقابة الفنانين التشكيليين بالقاهرة.
عضو جماعة أتيلية القاهرة للفنانين والكتاب.
عضو نقابة المعلمين بالقاهرة.
عضو جماعة (الأنسيا) اليونسكو باريس (التربية عن طريق الفن).
عضو رابطة كليات التربية الفنية (جماعة الرسم)
عضو مجالس إدارة الجمعية الأهلية للفنون الجميلة.
مدير تحرير سلسلة كتب (آفاق الفن التشكيلي)
عضو لجنة تحكيم صالون الشباب بوزارة الثقافة المصرية عام 1998م.
عضو لجنة تحكيم دولي لينالي طشقند الأول عام 2001م.
أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية ومُنح فيها جوائز متقدمة.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
