«الجنيدل».. تاريخ تراثي كبير
|
محمد عبدالرزاق القشعمي
قبل أكثر من «27 سنة» التقيت الأديب المؤرخ والباحث الجغرافي سعد بن جنيدل وتحديداً في منطقة الأحساء حينما قام أميرها آنذاك محمد بن فهد بن جلوي رحمه الله بدعوة عدد من الأدباء والمفكرين لزيارة المنطقة حيث كان الشيخ ابن جنيدل حاضراً بعلمه وثقافته بين الحضور فكانت آراؤه واضحة ومدعمة بالأدلة الدامغة فقد اشتغل ومنذ نشأته الأولى بمنطقة الوسم وتحديدا في مدينة الشعراء اشتغل وانشغل بأمور الأدب والبحث العلمي ولاسيما ما له علاقة بالجغرافيا والمواقع التاريخية المعروفة أو المجهولة.. فكانت تلك الزيارة للأحساء هي فاتحة علاقتي بهذا الأديب المتميز الذي استطاع أن يعلم نفسه في ظروف غاية في الصعوبة.. بل انه لم يقف عند حدود التعلم و«فك» الخط إنما إلى التحصيل العلمي والأكاديمي ليصبح وفي ظروف شاقة أحد أعلام البحث في مجال الجغرافيا.. بل أصبحت لهذا الرجل مكانة مميزة بين المثقفين والأدباء في المملكة والجزيرة العربية.
ولا يمكن لي أن أنسى مواقفه عن العلم والتعليم فقد تم افتتاح أول مدرسة في الدوادمي في عهده وأسندت له إدارتها وتطوير هذه المدرسة لتكون إعدادية وثانوية كان هو السبب الرائع في تأسيسها.. ولا ننسى في هذا السياق موقفاً طريفاً يتمثل في أنه ظل يدرس في المدرسة ويدخل الامتحانات مع الطلبة نهاية العام.
وكانت للأديب ابن جنيدل مواقف كثيرة مع من جايلوه في مراحل بداياته الأولى فقد كانت اللقاءات كثيرة ومتكررة بينه وبين الشيخ حمد الجاسر وكذلك الشيخ عبدالله بن خميس ومعالي الشيخ محمد العبودي وأسرة معاجم البلاد السعودية الذين انطلقت تحقيقاتهم فكانت البدايات الأولى قد تمت على يدي شيخنا «الجنيدل» ولحقه في ذلك هؤلاء الأدباء والباحثون فما كان منه إلا أن مهد الطريق لهؤلاء من أجل أن يحققوا العديد من المواقع.
والمواقف الطريفة كثيرة في رحلة هذا الأديب الفذ فقد كان يتردد على مدينة الرياض إما قادماً من مدينتي الشعراء والدوادمي أو قافلاً إليها من الحجاز أو الأحساء أو الجوف فقد كان يلتقي حسب ما قال لي بتاجر كتب يدعى «حنيشل» فهذا الرجل كما يقول الجنيدل ومن جايله أنه يتعاطى بيع الكتب في منطقة الصفاة قرب قصر الحكم في الرياض فقد تكون هذه الشخصية جديرة بالبحث لأن تلك المرحلة غاية في الصعوبة فكيف بصاحب الكتب وأهل الفكر والأدب.
لقد حدثني «الجنيدل» عن أمور كثيرة في مراحل مشواره الطويل والشاق فلم يستسلم لمغريات التجارة التي كان يلزمه به والده ليظل يحافظ على تجارة والده في وقت يعطي لعقله العلم والثقافة، فقد كان يتنقل كما يقول على ظهر دابته بين مناطق المملكة يحمل كتبه وزاده ليحقق هدفه الذي يسعى إليه وهو طلب العلم وتحقيق الذات وصنع الثقافة الحقيقية في ظل تلك الظروف الإنسانية الشاقة. ولا ننسى جميعاً ما أسهم فيه وبجهد ملحوظ في مشروع محو الأمية في منطقة الجوف الذي بدأ عام 1380هـ.. حتى أنه استطاع مع فريق من العلماء تقديم واجبهم العلمي ليسهموا في تعليم أبناء الريف وفتح آفاق المعرفة أمامهم.
لقد حقق الشيخ «الجنيدل» العديد من المخطوطات وأهمها مصادر المياه في شرق الجزيرة العربية وكذلك اقتناؤه للعديد من القطع الأثرية التي شكلت متحفه المتميز الذي اشتمل على العديد من القطع النادرة والأواني والحلي والأدوات من مختلف مناطق المملكة والجزيرة العربية.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|