أثر الضوء
|
*عبد الرحمن السليمان:
منذ أعوام قليلة بدأت في الساحة التشكيلية بوادر متغيرات حول ما يقدمه بعض الفنانين التشكيليين السعوديين على مستوى العروض الجماعية أو حتى الفردية، وارتاب المشاهدون أو لنقل معظمهم من هذا الجديد الذي لم يعتادوه في المعارض المحلية ليقف البعض من الفنانين متسائلين عن ردة الفعل المتوقعة. محاولات جادة وظاهرة وتأتي عند البعض وفق اطلاعات ووفق متابعة وشيء من المعرفة، ولا ندعي التفرد بقدر تأثير ما يحدث على الساحة التشكيلية العربية والدولية، لا شك أن للمناسبات الفنية التي قُدّر للفنانين التشكيليين السعوديين حضورها.. الأثر في ذلك لعل انفتاحهم على الخارج من خلال البيناليات ووسائل الإعلام المختلفة خاصة شبكة الإنترنت الدور المساعد على ذلك.
في الملتقى الدوري الذي نعقده في الدمام قدّم الفنان التشكيلي (علي عيسى الدوسري) تجربة جديدة على مستوى منجزه الفني الذي أعرفه منذ بداياته، فالفنان الدوسري زميل درب عرضنا جميعا وكنا في المرحلة الدراسية المتوسطة في نادي الاتفاق، ثم في المعارض المبكرة التي كان ينظمها مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب في الدمام، كما عملت معه في قسم الفنون التشكيلية بجمعية الثقافة والفنون بالدمام، وقد تحولت تجاربه الفنية بشكل واضح خلال مسيرته الفنية. في الملتقى طرح الدوسري تجربة جديدة تعتمد اللقطة الفوتوغرافية وتمنح أثراً فنيا تلوينياً كما يفعل الرسامون.
في عمله الفني أثر لون مائي أو لون باستيل، كما أثر طبشور أو فرشاة ولا يقدم في أعماله أشكالا محددة أو عناصر يمكن تعيينها إنما يقدم أثرا ضوئيا تقتنصه - في لحظة ما خاطفة - فتحة عدسة كاميرته وهو في هذه اللحظات الخاطفة يحدد أو يحاول تثبيت حركة أو هيئة يمكن ان تصطبغ بها اللوحة (العمل الفني) وتتشكل معها تنويعاته على الفكرة الأساسية التي تعتمد اللقطة الضوئية وفق معطيات آنية.
في هذا السياق تتشكل أعمال التجربة ونتائجها ومثل هذه المحاولة الفنية التي يوظف لها الفنان إحدى المنجزات التكنولوجية الحديثة تعني ان الفن أو النتاجات الفنية المعاصرة لم تعد مرهونة بشكل متوارث محدد.. فالفن لم يعد فقط هو ان تكون اللوحة بتلويناتها وأثر الفنان الممهور بلمسته المباشرة أو المنحوتة واثر أزميل الفنان، تبقى نتاجات مثل ذلك ضمن النتاجات الفنية التي تعددت وسائل إنتاجها وطرائقها.
في بينالي الشارقة الذي عقد العام الفائت قلّ وجود اللوحة المرسومة إلى الحد الذي انقلب فيه البينالي على نفسه بعد ان كان في دورات سابقة يعتمد اللوحة الفنية الزيتية أو ذات الخامة التقليدية إلى أن اكتشف البينالي نفسه في فرق النتاجات المتواجدة بين معروضاته فاتخذ شيئا فشيئا شكله أو توجهه الأخير ومع أننا لا نقبل في كل الأحوال هذا المتغير في مثل هذه المناسبة المهمة إلا أننا أيضا لا يمكن ان ننفي أهمية الاستفادة من منجزات العصر الحديث على كافة الأصعدة لخلق عملنا أو منجزنا أو مشروعنا الفني الذي نبتغي ان يكون جديدا ومعاصرا.
هذا التنوع في الخامة والاختلاف في استغلال ما هو متاح يعني إثراء للساحة ولنتاجاتها وهو ما يتحقق من خلاله تعدد التوجهات وتنوع الأفكار والصيغ وبما يتلاءم ومستوى وقدرات كل فنان أو فنانة، لا شك ان المحاولات التي شهدتها بعض المعارض في المنطقة الشرقية على وجه الخصوص - سواء الجماعية أو الفردية - لا تعني الموافقة على كل ما يقدم والمستوى الفني الذي يمكن تقديمه والحداثة الفنية التي يمكن التوجه إليها واستغلال اللفظ للاشتغال وفق معناها لا يعني القبول بأي شيء، والعمل الفني في هيئته العامة ومقدار توظيف خاماته والقدرة على إيصال الفكرة الفنية وطريقة توصيلها غالبا ما تكون واضحة وظاهرة ومن خلال ذلك يتبين مستوى العمل الفني.
بعض معارض المنطقة الشرقية شهدت بعض المحاولات المتواضعة التي حاولت السعي إلى نوع من المغايرة أو الاختلاف باسم الحداثة الفنية إلا أنها نتائج كانت بسيطة لم تحقق إلا شكل المحاولة.
aalsoliman@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|