المتاهة
|
*صلاح القرشي:
لست من هواة الألعاب لكن صوتا بداخلي كان يدفعني لخوض غمار هذه اللعبة. في البداية شعرت بسهولتها المتناهية، الأنوار كانت واضحة، وأصواتهم خارج المكان مسموعة بوضوح , والمشاركون معي في اللعبة يتدافعون نحو أبواب متعددة وصرخات النساء المغناجة تثير بداخلي شيئا من رغبة مكبوتة.
دفعت الباب الأول بقدمي واندفعت، ولكنه قادني إلى ركن صخري بلا باب مما جعلني أعود أدراجي لأدفع بابا آخرا ً، أخذني إلى غرفة مظلمة في منتصفها فتحة صغيرة تجعلني أنحني لكي أعبر منها، وخيوط العنكبوت المتدلية من جوانبها تلمسني فأشعر بقشعريرة وخوف، لكنني هذه المرة أمام منفذ مفتوح يأخذني نحو سرداب طويل ومظلم لا أرى آخره.
غياب الأصوات من حولي يشعرني بالقلق والخوف.
- أين ذهبوا؟
وأصوات من هم خارج المكان اختفت أيضاً.
وأزعجني أكثر أنني تركت ساعتي وهاتفي وعلبة سجائري بالخارج.
وما من اختيار إلا المضي في السرداب حيث يضيق أحيانا مما يجعلني أصاب بضيق في التنفس.
في آخر السرداب فتحتان متشابهتان، انعطفت يمينا في إحداهما لأجدني أمام سرداب آخر وعندما قررت العودة صدمت لأني وجدت الفتحة الأخرى ليست سوى رسم في جدار.
- هل أعود؟
كنت أحدث نفسي
- هل أصرخ طالبا المساعدة؟
- أين ذهب المشاركون معي؟
- أين أصواتهم؟
- كم مضى من الوقت؟
- أي رعب يبعثه هذا السكون؟
أطلقت صرخة هائلة (هيه) (أنا هنا) (أشعر بنوبة ربو) (أين أنتم؟). لم يجب أحد.
ليس أمامي سوى تجربة السرداب الجديد، اندفعت هذه المرة أعدو, ولكنه كان أطول من أن أقطعه جرياً.
توقفت عن الركض، ونظرت خلفي، هل أعود؟, واصلت الصراخ هيه، أنا هنا، أنا هنا.
لم يجب أحد، شعرت برغبة في البكاء.
صرخت مجددا (الحقوني).
لم يجب أحد، فانطلقت راجعا، عدوت بسرعة حتى وصلت لباب السرداب الأول، انعطفت معه حتى وصلت للفتحة الضيقة وخيوط عنكبوتها، وصلت للغرفة المظلمة وأنا أشعر بالوهن الشديد. ولكني كنت مرتاحا لأني قطعت مشوارا جيدا في سبيل العودة، لكن ما أعادني للحيرة مجددا أنني وجدت أكثر من باب، خمسة أو ستة، ولأنني اعتدت الظلام فقد استطعت أن أرى الجدران وقد لطخت بكتابات شتى، وبخط كبير قرأت كلمة (يا رب) أما على الأبواب نفسها فقد كانت الكتابات تثير الحيرة أكثر فعلى كل باب كتبت عبارة (الطريق من هنا).
حاولت أن أتذكر أي باب ولجت منه أول مرة، وأصغيت السمع لعلي أسمع شيئا يهدئ من روعي.
لكن لا صوت، وليس أمامي سوى أن أجرب أحد الأبواب.
ولكن قبل أن أفعل سأسجل حكايتي على هذا الجدار.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|