جاءت في الآيات والسور الآتية بهذا اللفظ تماماً: |
{وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} (212) سورة البقرة. |
{إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} (37) سورة آل عمران. |
{وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} (38) سورة النور. |
{يَرْزُقُ مَن يَشَاء} (19) سورة الشورى. |
وما عند الناس ينفد وما عند الله باق، فليطمئن عبدالله إلى ما عند الله من خير، فلا يحزن، فمعاشه مقدر في اللوح المحفوظ، قدرة خالق الكون القادر، وعلى المرء ان يعطي في الدنيا ما أعطاه الله ليضمن عطاء الله له في الآخرة. وهذا ينطوي تحت رباعيته: (ما عند الله خير). ورباعيته: (المال مال الله) تدور حول الدنيا وقصرها، والمال وتركه بعد الممات، وبقاؤه في هذه الدنيا اختبار له. |
ويبدو ان فكرة عطاء الله في ذهنه دائماً، فهو يكرر ان عطاءه ليس فيه منّ بخلاف عطاء العبد، فالخضوع لله وقبول عطائه فيه عز، وعطاء الناس ينطوي على مذلة، وهذا يأتي في رباعيته (كن مع الله) مثل ما تحدث عن ذلك في رباعيته: (بين المخلوق والخالق). |
وأطفال الأنابيب قضية كانت شغل الناس الشاغل، ونظرتهم إلى هذا الأمر تختلف قبولاً ورفضاً، ولقد أعطى رأيه في ضوء إسلامه في رباعيته: (الخالق هو الله). |
ورباعيته: (أمر الله يعلو) فيها مدى إيمان المسلم فيما يخفق غيره في النجاح فيه، وهو تصديق قدرة الله في وقوع أمر يخالف ما تعود الناس انه يقع طبقاً لقوانين الطبيعة مثل انشقاق البحر ليغرق فرعون وينجو موسى وقومه، ونار إبراهيم التي قال لها الله سبحانه وتعالى كوني برداً وسلاماً. وأكد أن أمر الله هو قانون الكون، وليست قوانين الطبيعة، وان الله قادر على كل شيء. |
فما صد أمر الله قانون كونه |
ولكن أمر الله يعلو ويظهر |
وفي (حقيبة الإيمان) يركز على الإيمان الذي صفاؤه دائماً في ذهنه، وهو يعالج أمور المجتمع. |
والمناظر المزرية في المحطات التليفزيونية لمست مهمزاً من قلمه في رباعيته (طاب عيش التائب): |
أغراهم التهزاز، أغواهم |
هزيز المطرب |
أغراهم التلفاز، أغواهم |
بنان الكاعب |
وفي رباعيته: (الروح من أمر ربي) معالجة لفكرة دقيقة، عبرت عنها الآية الكريمة:{قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} (85) سورة الإسراء. |
ثم يأزر للإيمان سريعاً، وهو الموضوع المحبب لنفسه، فيتحدث عن جانب منه في رباعيته: (مسيرة الإيمان) وتتوالى الرباعيات، وكل واحدة فيها إشعاع إسلامي، منها: (ملاذ القلوب) و(دين السماحة) و(نعم لقول الله) و(توحيد الله) و(خاتم الإيمان) و(كل ميسر لما خلق له) و(نسعى في مناكبها) وفي هذه استيحاء قرآني، ومثلها (تلك حدود الله) والصوم له أحاديث، ورباعيته تقتبس ضوءها من القرآن: (ادع.. بالحسنى) وكذلك (كيد ساحر). |
ولا يشفي الغليل إلا قراءة الديوان كله، ففيه رحلة مبهجة، وجولة ممتعة، في روض أغر، وحدائق غلباً، وفواكه تلتذ وتغذي، ويا ليت الطلاب في صفوفهم المختلفة يتلقونها قراءة حرة، مثلما كنا نفعل ونحن في سنهم بديوان الإمام الشافعي رضي الله عنه ، وأشعر ان فيها شبهاً كبيراً من شعره، في روحها الراقصة، وأبياتها السلسة، ونهجها المتقن النسج، مما يجعل استظهارها سهلاً، لتساهم في رفع مستوى لغة الطالب، وحسن إنشائه، وإيجاد حصيلة يستفيد من مخزونها عند الحاجة. |
ولو تركت لنفسي العنان لوقفت عند كل رباعية، فكل واحدة فيها مدخر يعبق بفوح الزهر، وشذى الورود، وكل واحدة لها حق في أن يوقف عندها، فتوفي حقها تحليلاً وتعليلاً، واستشفافاً لما كان يدور في ذهن هذا الشاعر المبدع، لأن فيها ما يمكن ان يستنطق إفراداً مع كل رباعية، وما تحويه وما ترمي إليه، ومجموعاً يؤكد ان الشاعر قبل أن يبدأ رباعياته قد وضع خطة لسيره في هذه الرباعيات، لعل أقربها للذهن انه قد قرر ان يكون منطلقه إصلاح جوانب من المجتمع قد مالت، وان عليه ان يساهم في إصلاحها، وان يكون منطلقه القرآن وآياته، والرسول عليه صلوات الله وسلامه وأحاديثه الصحيحة، وأصول الإسلام وثوابت الشرع، والحكم الصادقة، وان تكون وسيلة هبة الشعر الذي كرّمه الله باتقانه، حتى استطاع ان يفي بالتزامه تجاه هذا المشروع، في خطته التي وضعها، ووسيلته التي اختارها، وأداته التي سخرها، والتزامه الذي تعهد به للصحيفة، وعدم خروجه عند عدد أبيات الشعر التي وسمت برنامجه. |
وبعد: |
جزى الله الدكتور محمد بن عبدالله المفرح، الموفق، خير الجزاء على تفكيره تجاه ذخيرة الشاعر هذه، وعلى حرصه على ان ترى النور، فلا تبقى قابعة في طيات أعداد صحيفة الرياض، وإنما أعطاها القدرة أن تقف شامخة على رفوف المكتبة السعودية، مؤكدة ان عمله قد جاء بالنتيجة التي أملها، ولا يقف القلم عن أن يسجل بفرح وسرور جهد ابن الشاعر الوفي لتراث والده، وما ساهم، من مجهود أخرج هذا السفر الثمين في ما يحويه، الغالي في نفوسنا، النفيس في فائدته ونفعه، بهذه الصورة البهجة. |
رحم الله الشاعر، وأجزل له الثواب في كل حرف من حروفه حمل فضيلة، وحث على خلق حسن، ونبّه إلى درّة في الدين غالية، وجوهرة في الإسلام ثابتة، تقف مفخرة من مفاخر ديننا، ومصدر اعتزاز تجاه ما نؤمن به من فكر مضيء استقيناه من قرآننا أو تعاليم نبينا عليه صلوات الله وسلامه. |
وقد أحسن حبيبنا (أبو بدر) في أنه وجد الوقت لكتابة مقدمة، هي مدخل حسن إلى محتوى الكتاب، ومجرد انه عرف به أعطى الثقة لمن لم يعرف الشاعر من قبل في أنه أمام عمل نفيس. |