المبدعة خيرية السقاف !! د. سلطان سعد القحطاني
|
قبل ربع قرن من الزمان، كنت أقرأ زاوية (حروف وأفكار) في جريدة الرياض، ومن المعجبين بكاتبة يقال لها (خيرية السقاف) ولا أدري من تكون خيرية السقاف، لكن يعجبني فيها رقة الأسلوب وقوة العبارات التي كانت تستخدمها في معالجة الموضوعات التي تتناولها، من جانب، وأنها المرأة، من بين القليلات اللواتي كن يكتبن في الصحافة المحلية، من جانب آخر، لها طرح معين خرجت به من بين دهاليز الشكوى، التي يشتكي منها الكثيرات في الصحافة العربية، وإن كانت تعالج تلك المشاكل التي تشعر بها المرأة العربية إلى اليوم فإنها تميزت بقوة الطرح وحسن المعالجة. كتبت مرة تنتقد أسلوب الشباب المستهتر، وكانت سمعت أولئك يتكلمون، بكل تبجح: أن أحدهم أوقف سيارته في مطار جدة، في مكان ممنوع، واستطاع ان يفلت من المخالفة، وأبدت رأيها بكل جرأة، على أن هذا أسلوب غير حضاري، ولن تتقدم البلاد ما دام هذا تفكير شبابها، وهذا الخط الصريح الذي سارت عليه الدكتورة خيرية السقاف، حتى في مجموعاتها القصصية، ما صدر منها على شكل مجموعات، وما نشر منها في الصحافة العربية، ففي مجموعتها (إن تبحر نحو الأبعاد) تتجلى فيها روح الفن المبطن بروح النقد الاجتماعي، فقد درست المجتمع من داخله، وبالتالي عكست تلك الرؤيا الداخلية على المظهرالخارجي، وما ذلك إلا لأنها جمعت بين التربية والأدب، لكنها تختلف عمن يكتب للوعظ المباشر، حيث تمكنت من أدوات التربية والأدب في آن واحد، ففي تحليلها لمناهج دراسة الأدب العربي في الجامعات، اتخذت أسلوب التحليل الفني لمعايير الدراسة والحكم على النتائج العامة والخاصة، وهو أسلوب اتخذته حتى مع من قدمتهن إلى الكتابة الصحفية، فأنشأت جيلاً من الكاتبات، كما أنشأت جيلاً من الخريجات، ما يزال الكثير يدين لها بفضل المعاملة الإنسانية والمساعدة الفعالة، سواء عندما كانت رئيسة للقسم أو أساتذة فيه، فهي تنطلق من جذور عرفت بالإنسانية، فقد حدثني أحد الموظفين القدامى، في وزارة المالية، عن شخص السيد إبراهيم السقاف، عندما كان يعمل معه في الوزارة، كيف ساعده في بدايته للوظيفة وعليه الكثير من التعامل، ما لم يجده عند غيره، فلا عجب أن نجد تربيته ظاهرة على أخلاق ابنته، علماً وأدباً، وحسن معاملة.
إن الدكتورة خيرية السقاف مدرسة تستحق منا كل التقدير والاحترام، ولها أن تقدر في كل مكان تأتي إليه، تتمتع بأخلاق العالم الباحث عن الحقيقة في كل مكان، عندما دعيت إلى المشاركة في أحد المؤتمرات النسائية في قطر، وكانت ورقتها حول الرواية السعودية، لم تتردد في استشارة الفقير إلى الله، الذي يقل عنها علماً وتجربة ثقافية، عن بعض النقاط المهمة في الرواية السعودية، ولذلك حاز بحثها على درجة عالية، لا تستغرب عليها، وما ذلك إلا من حرصها على كل صغيرة وكبيرة تنشرها، فقد أخلصت لعلمها وفنها، فأخلص لها العلم والفن، والدر من معدنه...
إن الدكتورة (خيرية السقاف) علم تقصر عن الوفاء بجهودها الكلمات، وتستحق دراسة علمية خاصة بها، لكن هذه المبادرة من مجلة الجزيرة لفتة يستحق عليها القائمون على هذه المجلة الشكر، لضم هذا العلم إلى من نشر عنهم من الشخصيات الأدبية المهمة في بلادنا.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|