من الحقيبة التشكيلية هذا النمط يجعل اللوحة التشكيلية وسيلة للتوعية إعداد: محمد المنيف
|
بعد أن فتحت لنا الأبواب ولم يعد هناك حاجز بين الفنانين وإدارتهم التي تعنى بإبداعهم؟ ووفقاً لما جاء على لسان وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور عبدالعزيز بن سبيل فإن على الفنانين المساهمة في بناء جسدهم التشكيلي، وإن الفنان أولى بتقييم وتقويم مجاله من أي اعوجاج؛ فقد أصبح لدى الفنانين أحلام كبيرة أشرت إليها للدكتور عبدالعزيز عند لقائنا به مع مجموعة التشكيليين في حفل الوكالة باليوم الوطني وافتتاح المعرض الخاص بالمناسبة.. قلت له: إن أحلام التشكيليين كبيرة ومساحة الأمل أكبر من أن يتصورها مسؤول؛ ولهذا ستواجهون مطالب كثيرة لم تتحقق لهم سابقا، فمنذ أن عُرف الفن التشكيلي وأصبح له تواجده الفاعل والمساهم في بناء ودعم جسد الثقافة السعودية وهو يعيش في دوامة لا نهاية لها، أصبح فيها هذا الفن وفنانوه في واقع غير واضح المعالم، طارحين التساؤل الكبير: ماذا يعني الفن التشكيلي؟ ولماذا هذا العبث غير المسؤول تجاه إقامة المعارض في كل مناسبة ومهرجان ومحفل؟.
ولماذا لا يكون للفن التشكيلي خصوصيته ومفهومه العالمي؟ وهل من بارقة أمل بعد أن أصبح له إدارة محددة في جهة واحدة تعرف كيف تعطيه الاحترام وتحافظ على سمعته وقيمته الإبداعية؟.
لهذا ففي حقيبة هذا الأسبوع عدد من الوقفات نوجهها إلى الأحبة في وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية.
إدارة الشؤون الثقافية
والدور الأهم
الوقفة الأولى حول جانب من جوانب واقع الفن التشكيلي السعودي مع أنه غير خاف على الزملاء في الإدارة العامة للشؤون الثقافية بوزارة الثقافة والإعلام ما يجعلنا أمام أمرين: الأول أننا مطمئنون إلى الزملاء في الإدارة فهم قريبون من هذا الواقع ولهم تجربة سابقة مع هذا الفن ولديهم معرفة كبيرة ومستفيضة بتاريخ ومسيرة التشكيل المحلي، والأمر الثاني أننا نخشى ألا يكون هناك جديد في إيجاد آلية تحفظ للفن التشكيلي حقه وقدره وقيمته الإبداعية والثقافية فيذوب ويصبح نشاطا هامشيا لا يتفق مع ما يتم حيال النشاط الثقافي الذي تسعى إليه الوزارة في وقت نحن في حاجة ماسة إلى أن يُرتقى به ويُعرف كإبداع وثروة قومية لها مكانتها الحضارية والعالمية، ما يعني أننا في حاجة لوضع اطر وسياسة تحكم هذه البعثرة وهذا التشتت المتمثل في إقامة المعارض وبمستويات هزيلة تحت مسمى الفن التشكيلي كما حدث في السابق، وألا تصبح إقامة المسابقات التشكيلية أمراً متاحاً لكل من لا يعرف ما تسببه إقامة مسابقة أو معرض من إساءة للذائقة والجمهور في حال تدني مستوى الأعمال المشاركة، وهذا بالطبع لا يعني الحد أو إيقاف مثل هذه المساهمات في قطاعات أخرى ترى في الفن التشكيلي واجهة ثقافية، وإنما نعني معرفة ومتابعة وإجازة المستوى تقنياً بتشكيل لجان متعاونة مع الإدارة للإشراف وإجازة مثل هذه المعارض ومدى أهمية وحجم الفائدة التي تعود على هذا الفن للارتقاء به حينما يدعى أو يقام له معرض أو مسابقة، فالشواهد كثيرة والإخفاقات والإساءات للفن التشكيلي كثيرة حينما كان كل يرى نفسه مسؤولاً عن هذا الفن وقادراً على إقامة معارض جماعية وفردية دون رقيب أو حسيب.
تصنيف المعارض وتنويعها
أما الوقفة الثانية فهي لجانب آخر يجب أن تتنبه له إدارة الشؤون الثقافية يتمثل في تصنيف المعارض وتصنيف المستويات التشكيلية كأن يُقام معرض للشباب يكون مصدر دعم للمعارض التي تليه، وآخر لأصحاب الخبرات والتجارب السابقة بناء على الفترة الزمنية لتواجدهم في الساحة أو حجم ما حققوه من جوائز وتواجد على الساحة، كما لا ننسى أيضاً الإبداعات المتنوعة في الفن التشكيلي دون توقف عند اللوحة أو شمولية الدعوة كأن تُقام معارض للنحت وأخرى للدراسات والرسم ومعارض للرسم المائي.. إلى آخر المنظومة.
قاعدة البيانات
ومركز المعلومات
أما الوقفة الثالثة وهي الأهم في نظري خصوصا في هذه الفترة من إعادة تأسيس إدارة الفنون التشكيلية فتتمثل هذه الوقفة في إيجاد قاعدة بيانات ومركز معلومات لتوثيق الساحة.. ومع أن العدد الذي تشكلت منه الإدارة التشكيلية الجديدة ما زال قليلا أمام الكثير من المهام إلا أن بإمكان الزملاء توجيه دعوة عامة للفنانين في الساحة عبر الصحف أو عبر عناوينهم إنْ وجدت لتزويد الإدارة بملفات تشتمل على صور أعمالهم بحجم مناسب والسيرة الذاتية تقدم على (CD) أو إرسالها عبر إيميل خاص بالفن التشكيلي يتلقى هذه البيانات والصور ليتم حفظها في ملف واحد لكل الفنانين، وبذلك يكون الوصول إلى الفنان وصور أعماله عند الحاجة إليها لأي أمر يسيرا وسهلا، كما أن في مثل هذا الإجراء ما يسهل إضافة كل جديد عند الفنانين.
أخيراً، إلى هنا والأحلام والرغبات تكبر بعد أنْ شعر المبدعون بمساحة الحوار ووجود مَنْ يسمع لهم ويشعرهم بالأمل مهما كان تحقيقه بطيئا وهادئا لئلا تتحول اللوحة التشكيلية إلى بوستر.
أما الرسالة الرابعة فتتضمن إطلالة على مسابقة المعرض التشكيلي التي أقامتها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في الأيام الماضية، موضوعها التوعية بأضرار المخدرات خصصت لها الإدارة مشكورة جوائز قيّمة وأقيم لها معرض في صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية التابعة لمعهد العاصمة النموذجي، وشارك فيها نخبة من الأسماء الجديدة على الساحة مع عدد قليل جداً من الأسماء المعروفة. تضمنت الأعمال المشاركة في المعرض نماذج مما تصوره أو تخيله الرسامون المشاركون من واقع المخدرات وما تعود به من الضرر على المجتمع. ومع ما نحمله لهذه الإدارة من تقدير على هذه المبادرة ونهنئهم على تحقيق الهدف والمحصلة من هذا المعرض خصوصا ما شاهدناه من ردود فعل من الطلبة الزوار عند مشاهدتهم الصور الفوتوغرافية التي تبرز حجم الإضرار، نحب أن نقف عند الفاصل بين تأثير الصورة وما قدم من أعمال تشكيلية لا يمكن أن تندرج ضمن الإبداع التشكيلي بقدر ما تسمى وتوصف بوسائل الإيضاح أو الوسيلة التعليمية التوعوية كما يسميها التربويون لوجودها بشكل رسمي وكبير في المدارس التي تحمل مضامين متعددة للتوعية بمختلف مناحي الحياة كالترشيد في المياه أو أضرار التدخين أو أضرار المخدرات وأسبوع الشجرة إلى آخر المنظومة.. مع أنَّ الحقيقة واضحة، والفرق شاسع بين إبداع تشكيلي له خصوصيته ومساحته الفكرية والتقنية يمارس من خلالها الفنان مجالات ومهاما تتعلق بكيفية تطوير إبداعه والمنافسة به في المعارض العالمية، لا أن يتعامل مع فنونه في حدود رسم لوحة إرشادية.. فالفن التشكيلي وفنانوه المثقفون الواعون بأبعاد إبداعهم والعارفون بما يتحقق لهذا الفن عالميا وما يجب عليهم القيام به للمنافسة أبعد ما يكون عن قبول مثل هذه المشاركات، ولنا في هذا المعرض مثال كبير، فالتشكيليون المعروفون لم يكن لهم تواجد مع أن الجائزة كبيرة ومغرية لمعرفتهم أن مثل هذه المعارض لها فرسانها من المصممين والرسامين، ونحن هنا لا نخطئ المسؤولين عن هذه المسابقة فقط، فقد حدث مثلها كثير حتى أصبحت الفنون التشكيلية من خلالها في مهب الريح، أبعدت الفن التشكيلي عن واقعه ما زاد من جهل المتلقين به وبحجمه الثقافي والعالمي. فالأحرى بالمسؤولين عن مثل هذه المناسبة أو الأهداف ومنها مسابقة التوعية بأضرار المخدرات ان يدعوا الفنانين للدعم والمساهمة ومنها دعم أسر المدمنين أو علاجهم بتقديم معرض لا يحدد فيه الفكرة أو الموضوع ويترك للفنان تقديم أعماله كما يريدها هو، لا أن تطوع تجاربه لفكرة لا يحمل عنها أي مفهوم، مع تقديرنا لمن يقول إن بإمكان الفنان التعبير عن هذا الواقع أو ذاك، وهذه حقيقة لا خلاف عليها، لكن الاختلاف على التنفيذ حيث نرى في هذا المعرض أعمالا هي أقرب للبوستر أو اللوحة الدعائية.
واتضح في كثير من الأعمال معاناة الفنان في توظيف المفردات التي يتلقاها من الصحف أو النشرات حول الإدمان والمواد أو الأدوات التي يستخدمها المدمن ليحيلها إلى موضوع يعبر بها عن مدمن أو مصاب بهذه الآفة. أعود للقول إن في مثل هذا التوجه ما قد يصل بالفن التشكيلي وفنانيه إلى أن يدعوا لإقامة معارض عن ترشيد المياه وترشيد الكهرباء إلى آخره... مع أن هناك من الفنانين من يتقبلون مثل هذا التوجه لخلطهم المفاهيم ولجهلهم بإبداعهم، ولنا في معارض سابقة الكثير من الشواهد. أكرر القول بأن هناك فرقا بين معرض تشكيلي ولوحة تشكيلية وفنان تشكيلي ومصمم لبوستر إعلامي دعائي ورسام لوحات توعية ومصممين للوحات إرشادية يمكن الإعلان لهم وإقامة مسابقات تتفق مع هدف الجهة المنظمة للمسابقة ومع إمكانات هؤلاء. وفي حال الحاجة لوجود الفن التشكيلي فليكن بمعرض لا اشتراط فيه على نوعية العمل أو علاقته بالحملة وخلافها، ويعلن أن جزءا من ريعه أو لمن يرغب من الفنانين بالمساهمة بعمله لصالح جانب إنساني، وبهذا نجمع بين الحسنيين.
monif@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|