رَسَمتُكَ في دفترِ الأمنياتْ |
حديقةَ وردٍ بشكلِ الحياةْ |
وأطلقتُ قلبي بِها بلبلاً |
يلوّنُ عُمري صدى أغنياتْ |
ورحتُ أرشُّ على سفحها |
رحيقَ الأبوّةِ عذبَ الصفاتْ |
وفجّرتُ من لهفتي منبعاً |
من الشهد يجري معيناً فُراتْ |
فأورَق صدريَ عُشَباً على |
رُبَاها وأزهرَ قلبي نباتْ |
إلى أن سرَتْ باللظى نفحةٌ |
عليها فأحرقَتْ السُنبلاتْ! |
وجزّ الخميلةَ من جذرهَا |
مقصُّ المآسي فصارتْ فتاتْ |
هُنا انعتَقَ العطرُ من وردهِ |
وفرّتْ على وجههَا السوسناتْ |
وغادرتِ الطيرُ أعشاشَها |
غداةَ تسلّتْ بها العاصفاتْ |
وقوّضَ نبعُ المُنى رحلَه |
صبيحةَ قالوا: محمّدُ ماتْ |
كأنّ الذي مدّدوهُ أنا |
ونادَوا عليهِ: الصلاةَ الصلاةْ |
محمّدُ يا لحنَ أنشودةٍ |
تردّدها في المساءِ الرعاةْ |
ويا جملةً في كتابِ الأسى |
بكسرِ المنى أعربَتْها النحاةْ |
تعطّل صوتي حداداً على |
فراقكَ وانشلّ صوتُ النعاةْ |
وراحتْ خيولُ الأسى داخلي |
تحومُ على القلبِ بالولولاتْ |
أراقبُ حتّى انتهاءِ الطريقِ |
وأبحثُ فيمَا نأى منْ جهاتْ |
أرى كلّ طفلٍ علَى بابهِ |
سواكَ، إذا عاداتِ الحافلاتْ |
فأسفَح قلبي على آهةٍ |
وأندكُّ قد خان عزمي الثباتْ |
تغربتُ عن هيكلي أجرداً |
كأني سطورٌ بلا مفرداتْ |
فإن بعثرتكَ الليالي على |
رصيفِ المنايا ودربِ الشتاتْ |
جمعتُك في باقةٍ من حروفٍ |
تغلّفها أدمعي الهاطلاتْ |
وأسرجتُ من أحرفي مشعلاً |
رقيقاً كمَا ملفعِ الأمّهاتْ |
وأقسمُ أني رأيتُ الورودَ |
تنوحُ على دكّةِ القافياتْ |
وجثّةَ قلبٍ على بقعةٍ |
من الحبرِ صلّت عليهَا الدواةْ |
غرقتُ لأنعاكَ من أوّلي |
ببحرِ القريحةِ حتّى اللّهاتْ |
فعادَ بي الشعرُ من قاعهِ |
تصاحبُني الأحرفُ الثاكلاتْ |
ويا حِبرُ خذْ عن دمي قصةً |
من الحزنِ تأسُو ثغورَ الرواةْ |
فما كلّ شعرٍ بكافٍ لكي |
يطبّب ما أدمتِ الحادثاتْ |
أتذكُرُ والذكرُ ما بينَنا |
نردّدُ آياتهِ العاطراتْ!! |
فأقرأُ في مقلتيك (الضُحى) |
متى رحتَ تتلو ليَ (العادياتْ) |
تراكَ سئمتَ اسوداد الفضاءِ |
فكان لك الموتُ أحلى نجاةْ!! |
ورقَّ الحديدُ لِمَا قد رأى |
فأعلَنَ في الوردِ يومَ الوفاةْ |
فإنْ غبتَ عن ناظري واقعاً |
فتحتُ للقياكَ ألفيْ قناةْ |
أبرمجُ قلبي على موجةٍ |
تردُّدها الهمّ والهلوساتْ |
فألقاك في خاطري مشهداً |
يبثّ على شاشةِ الذكرياتْ |
وصوتُكَ (بابَا) إذا أشعلتْ |
شفاهكَ أحيتْ عظامي الرفاتْ |
قطارٌ من الهمِّ شقَّ الوريدَ |
وأفزَعَ في داخلي الكائناتْ |
وإني أميرُ الأسَى في الدنى |
أمرتُ الليالِي بما هُو آتْ: |
أفيضي على الأرض من لوعتي |
وخلّي البرايا جميعاً أُساةْ |
فما عادَ يغري سرورٌ وقدْ |
أعدتُ إلى الله أغلى الهِبَاتْ |