سُلِّي السِّهامَ فجسمِي كلُّه أدْمَى |
لا النُّبلُ أنصفني بَلْ زَادني همّا |
أحببتُ منذُ خلقتُ النَّاسَ كلّهم |
تركتُ نفسي وآمالي لهم غُنما |
أجوبُ آثارَهُم في كلِّ معضلةٍ |
أذودُ عنهم وأقضي عنهم الغُرمَا |
أُريقُ قَطْرَ السَّنا أحْيي أجادِبَهُمْ |
والحقُّ يشهدُ أني الصَّادقُ الأسما |
فما رأيتُ سوى جَحْدٍ يُنَاكِرُنِي |
ومن مَدَدْتُ له حُبِّي غَدَا خَصْمَا |
صَانعتُ من كانَ يَسعى في مُنَاوءتي |
وكم حُروبٍ أخُوضُ غِمارها سِلما |
أُهدِي إلى البُغضِ ما يُغرِي ضغائِنهُ |
وقد جُزيتُ لما أهديتُهُ ذَمَّا |
تُحدِّثُ الأرضَ أنَّ الدهر مُعْتَركٌ |
والغِلُّ يِسكنُ في نَبْضِ الورى قِدْمَا |
أبكِي وأضحَكُ والنَّجوى تؤرِّقنِي |
وقد أرتْنِي الليالي عَدلَها ظُلما |
يا ويحَ دهرِي الذي أنْهَلتُهُ مُزني |
وقد سقاني الأسى يا ليته أظْمَا! |
فما ألوذُ سوى بالصَّبرِ أحْضُنُه |
ولا أُسامرُ إلاَّ البَدرَ والنَّجمَا |
آهٍ وآهٍ على دُنْيَا تُخَادِعُنِي |
بئس الوفاء وقد أضحى الوفا إثما |
وما ندمتُ ولكني سخرت بمن |
ينالُ بالجهلِ ما لا ناله علما |
كذا ارتقاءُ الفتى للمجدِ يُكْسِبهُ |
حِقْدُ الرّعاع كَمَنْ أسقاهُمُ السُّما |
وللنوابِغِ أصداءٌ مخلَّدةٌ |
وللنَّوابِحِ صَمْتٌ أنْ ترى العَظْما |
هذا أنا فارسٌ للشِّعرِ في زمني |
قبلي الفحولُ وبعدي لن ترى اسْمَا |
فمن يسابقُ موهوباً ومَرْكَبَهُ |
خيلُ الضياءِ إذن فليسبقِ الوهما؟! |