الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 23rd January,2006 العدد : 137

الأثنين 23 ,ذو الحجة 1426

عيسى الألمعي في قصص (الناس):
في القصص حالة حزن .. ودلع.. في رصد الآلام
*عبدالحفيظ الشمري
(الناس) مجموعة قصصية جديدة صدرت للقاص عيسى مشعوف الألمعي.. حملت في طياتها خبر الولع الخالص لدى شخوص يداومون شرح المعضلة بسوداوية مفرطة، فلا يتركون أي شاردة أو واردة عند (أبو فايع) في قصة المأوى، أو حتى ذاك السر العميق في قلب (سارة) في قصة (انكسارات في قلب أنثى).. بل نرى الكاتب وقد أوعز للشخوص في رصد مكامن الحزن.. وعرض حالة الألم في الكثير من المواقف التي طرقها القص ولم يفارقها إلا والقارئ على بينة من أمر هذا الاستقصاء الفريد.
لغة السرد لدى عيسى الألمعي في قصص (الناس) هادئة، وجلها عفوي يخرج من رؤية صادقة ومعبرة.. لكن في الأحداث خيط عام يسترسل في وصف الشخوص أصحاب القضايا الانسانية البسيطة.. تلك التي تولد في الذات مزيداً من الألم والحسرة على مآل أحلامهم إلى العدم، على نحو ما نراه عند (جابر مفرح) في قصة (علامة فارقة) حينما تتقاطع الأحداث مع تجارب أخرى في هذا الاتجاه الذي بقيت عليه، حيث صاغ من ندوب الجراح علامات فارقة تظل ترافق الإنسان مدى الحياة.
في قصة (طينة الإنسان) تعتلج في السرد روح مشابهة لما يطرقه من ألم نفسي.. ذاك المتمثل في الألم الجسماني لرفط معاناة وشقاء وقلة دواء وكساء، فتلك حالات كثيرة يبرع الكاتب الألمعي في تسجيلها على نحو متميز، ولاسيما حينما تكون هذه الصور خارجة من رحم تلك الجبال القصية عن الأرض المائجة بتناقضاتها.. تلك البقعة التي برع الشخوص في تدوين مفردات خطابها الوجداني..
لا تخرج أي قصة من قصص مجموعة (الناس) عن مفهوم المعاناة التي ظل الكاتب وفياً في النقل مواظباً على أمانة معهودة في رسم تفاصيل الجبال التي تزيد المحزون حزناً حيث يجد الكاتب مادتة لأن الألم هو السمة البارزة فمن باب أولى أن يشهد القارئ تنويعات سردية على مقام الوفاء للجرح الذي سيظل حياً.. وذاك أن أهل الجبال تخلوا عن عطرهم، وعن غذائهم، وعن غنائهم فلم يعودوا أولائك الجبلييين الموسومين بقريحة الوجد على معالم البياض..
وجد يبعثه القارئ على لسان (زياد الداعي) حينما تراوح حياته التعسة بين محافظته والمدينة، وجد يصوغ من لحظة الفراق، والتنائي عن حالته الأولى سبباً في قيام حالة من البحث عن الذات والوظيفة بعد أن طلق الأرض، ولم ينل الشهادة فأصبح مجرد عاطل في طابور من يبحث عن الوظيفة المتواضعة من خلال هذا الملف الأخضر العلاق.. هذه السمة البارزة في خطاب الضياع الإنساني.. فالقاص عيسى الألمعي برع في التقاط هذه الظاهرة ليعمل على تجسيدها بمشهد حقيقي يتكرر كل يوم تقريباً مثلما فعل في قصص سابقة حينما التقط ألم الجبال الجنوبية، والكي، والندوب التي تتركها تلك الكدمات الأليمة لحظة أن يقسو الجبل على أهله.
قصص وحكايات يربط الكاتب بينها وبين واقع يزداد اغتراباً حتى تصبح كل حكاية من هذه الحكايات لها ما يشابها في الواقع، ليأتي هذا العلاج وكأنه يترحم على ماضي هذه المواقف رغم قسوتها وعنفها أحياناً.
في الختام نشير إلى أن القاص عيسى الألمعي برع في استخلاص حكايات لافتة، ليصوغها في قالب سردي شيق يخرجها من مدارجها الأولى محملة بروي لغة قصصية تراوح بين التوسط والقصر، في وقت حافظ فيه الألمعي على اقتضاب الحدث رغبة في تأصيل مفهوم القصة القصيرة فلم يحمل النصوص مالم تحتمل إنما جاء كل نص في حيزه الزماني والمكاني المناسب.


إشارة:
*الناس (قصص)
* عيسى مشعوف الألمعي
* نادي أبها الأدبي 1426هـ
* تقع المجموعة في نحو (110 صفحات)

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved