المسرح في عيون الصحافة عربة تجر حصاناً لا يركض
|
النقد المسرحي في الصحافة الفنية يكاد يكون هامشياً وسط ما تطرحه الصحافة الفنية من موضوعات ولقاءات غنائية، وإذا أردنا أن نقول إن هناك مادة نقدية مسرحية في الصحافة المحلية، فإننا نتجاوز الحقيقة، نقفز على الواقع، فالواقع والحقيقة يقولان خلو صحافتنا من المادة السحرية إلا ما ندر.. ومصداقاً لما أقول خذ أي صحيفة من صحفنا المحلية وتابعها شهراً أو أكثر بشكل منتظم.. لن تجد فيها نقداً مسرحياً بالمعنى المعروف.. حتى في أحسن حالات المسرح ألا وهي المهرجانات المسرحية، وإن وجدنا نقداً فإنه مجرد إشارات قصيرة جداً وانطباعات ذاتية لا تعني شيئاً ولا تسمن ولا تغني من جوع.. إن النقد المسرحي هو أحد أهم العناصر الأساسية لتقديم الأعمال المسرحية الجيدة لما للناقد من نظرة موضوعية.. تظهر فيها قدرته على التأمل مقدماً للجمهور عملاص مسرحياً آخر كصورة تكاملية مع الخشبة.. والنقد المسرحي في صحافتنا المحلية إن وجد فهو ضعيف، نتيجة عدم اهتمام الصفحة الفنية بالمسرح، وهذا الضعف جاء عنوة إما من المحرر المشرف على الصفحة أو من التوجه العام للجريدة، ذلك أن نسبة الاهتمام بالمسرح مقارنة بالأغنية تشكل تقريباً واحداً إلى عشرة إن لم يكن أقل.
سؤال نحو السبب
قد يسأل سائل.. ما حل هذه الإشكالية.. نقصد إشكالية العلاقة بين الصحافة الفنية المحلية والمسرح؟ إن حل هذه الإشكالية لا يكمن في مطالبة الصحفي أو الناقد المسرحي بالكتابة عن المسرح قبل وأثناء وبعد العرض.. سواء كان العرض منفرداً أو وسط مجموعة من العروض بمهرجان مسرحي.. بل إن المطالبة تكمن في استمرارية العروض المسرحية طوال العام وهو مطلب يستطيع المبدع المسرحي تحقيقه متسلحاً بأسلحة الصبر والتضحيات والنفس الطويل، وعندها سيجد الناقد الصحفي الفني نفسه مجبراً على مجاراة واقع المسرح المتواصل مع متلقيه.. أي أنه لا بد أن يكون المسرح في البداية حصاناً يجر عربة النقد الصحفي.. حتى تتحول العربة إلى حصان آخر مجاور للحصان المسرحي.. ونحن على يقين بأن المسرح إذا وجد هذا الحصان المجاور له سيسبقه فلن يغضب.. لأن الفنان الواعي سيحترم الناقد الواعي ويتبعه للوصول إلى محطة المتلقي التي هي الهدف والغاية للاثنين معاً.
غياب الفعل المسرحي
إذاً نتفق على أن المهتمين بالأغنية شريحة كبيرة من المجتمع ومن المستحيل المقارنة بين جمهور المسرح والمهتمين به وأعداد المستعمين للأغنية بأنواعها المختلفة الطربية والشبابية وغيرهما، ولكن المسرح ظلم إعلامياً، عشرات العروض بمهرجانات محلية وخارجية تمثّل قطاعات ثقافية مختلفة من شتى أرجاء الوطن قدمت وسط حضور جماهيري متواضع للمسرح السعودي مع غياب إعلامي تام، والسؤال القائم دائماً ما السبب في هذا الغياب، هل هي الصفحات الفنية أم القائمون على ذلك النشاط المسرحي، القضية برأيي أكبر من ذلك، ربما من أهمها هو غياب الفعل المسرحي الاجتماعي الملامس لقضايا وهموم المواطنة، نحن نتفق على أن أغلب الناس يستمعون إلى الأغاني في كل زمان ومكان وشريحة كبيرة منهم تتابع مطربين معينين، يصل الأمر إلى متابعة حياتهم الخاصة، والمجلات الفنية وكذلك الصفحات الفنية أكبر شاهد على ذلك.
ماذا يحتاج المسرح؟
ربما يقول البعض إن المسرح يحتاج إلى جهد ليصل للآخرين من مكان خاص يكون مهيئاً للعرض المسرحي وزمن يجب أن يقتطعه المتفرج من وقته ليتابع ذلك العرض ولو كان في الشارع إذا سلمنا بأن من الأنواع المسرحية الجديدة (مسرح الشارع)، لا بأس.. إن سبب غياب الصحافة هو كما أسلفنا سوء التخطيط الإعلامي للمشرفين على نشاط المسرح مع التقدير لجهد بعض الإعلاميين المحبين أصلاً للمسرح لمتابعتهم هذا النشاط ولكن أرى من المهم أن يكون هنالك لجنة للإعلام لكل مهرجان محلي ولكل عرض مسرحي ولكل فرقة مسرحية لمتابعة الفعاليات المسرحية تضم عدداً من محرري الصفحات الفنية لجميع الصحف المهتمة يهيأ لهم كل وسائل الاتصال، إضافة إلى أنه تحرص الصحف على اختيار ممثلين لها لديهم القدرة الجيدة على متابعة جميع الأنشطة المسرحية من عروض ومناقشات للمسرحيات وندوات، فالمسرح فن راق وجميل وهو حقا أبو الفنون.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|