آمنة آل علية.. هذه قصة مجموعتها «البحر.. يغرق» عمر طاهر زيلع
|
ذكرت ثقافية (الجزيرة) في العدد (82) الصادر يوم الاثنين: 1161425هـ ان (أدبي أبها يتكفل بطباعة ديوان الراحلة: آمنة آل علية).
وقالت إن ذلك تم تفاعلاً مع ما نقلته الثقافية عقب وفاتها.. وان رئيس نادي أبها الأدبي الأستاذ محمد بن عبد الله الحميد أعلن أن النادي تكفل بطباعة ونشر ديوانها المخطوط (...) وكانت الثقافية قد نقلت عن رئيس نادي أبها الأدبي قوله بوجود ديوان مخطوط للشاعرة لدى إحدى المثقفات وعضوة اللجنة النسائية بالنادي الأدبي الأستاذة عائشة العسيري التي أوضحت أن للشاعرة رحمها الله ديواناً مخطوطاً كانت تأمل أن يرى النور قريباً..).
وتلزم الإشارة إلى أن الكاتبة الراحلة آمنة بنت محمد آل علية رحمها الله تعالى كانت قد بعثت رسالة إلى النادي الأدبي بجازان منذ عام تقريباً تطلب فيها من النادي مجموعة من إصداراته الشعرية والقصصية، فلبى طلبها فوراً بإهدائها عدداً من الدواوين والمجموعات وبينها مجموعتي القصصية (البيداء) فاتصلت بالنادي عقب استلامها الكتب المهداة وكنت أنا في النادي آنذاك فأبلغتني شكرها وتقديرها وقالت انها قرأت مجموعتي واثنت عليها. ثم أبدت رغبتها في اطلاعي على مخطوطة مجموعتها الشعرية لإبداء الرأي فيها، وتقديمها إلى النادي.
جاءت المخطوطة على صندوق بريدي الشخصي فقرأتها وأبديت حولها بعض الاقتراحات الطفيفة التي راقت لها، ثم قدمت المخطوطة إلى النادي الذي رشح لدراستها اثنين من أعضاء لجنة الشعر في النادي أبديا بعض التحفظات والملاحظات ورغم تبرعها بها إلا أنها وافقت على توصيات اللجنة، وكنت أقوم بمتابعة سير هذه المجموعة وهي بعنوان (البحر يؤبن نفسه)، وبالتفاهم مع المحكمين حول معظم الملاحظات والتحفظات حتى صدر قرار الموافقة بالطبع في مطابع (دار العلم) التابعة لمؤسسة المدينة الصحفية وذلك لتتمكن الكاتبة من المتابعة ومراجعات (البروفات).
ومن المفارقات المؤثرة في عملية الطبع بالصورة المرجوة ان اولى (بروفات) المجموعة تزامنت مع دخول الكاتبة نفسها إلى غرفة العمليات لإجراء عملية دقيقة في المعدة بسبب ما كانت تعاني منه من زيادة في الوزن، وكانت على اتصال بي قبل وبعد العملية، تشكر وتقدر دوري في وصول مجموعتها إلى المطبعة، وعندما بدأت بمراجعة (البروفة) الأولى عرضت عليها فكرة تغيير عنوان المجموعة من (البحر يؤبن نفسه) إلى (البحر.. يغرق) قالت: (أفكر) وبعد يومين اتصلت وقالت بانشراح وفرح غامرين: (لقد أسديت إليَّ جميلاً بهذا العنوان (البحر.. يغرق).
خرجت من المستشفى وواصلت مراجعة (البروفات) وبدأت حالتها الصحية تسوء.. يظهر ذلك بجلاء في جنوح اسلوبها إلى الحدة الشديدة مع موظفي السكرتارية في النادي، ومعي أنا أيضاً رغم أن الطبع كان في مراحله الأخيرة كما ظهر أثر حالتها الصحية المتدهورة في عدم المراجعة الدقيقة للأخطاء الفنية، وجاءت منها رسالة أخيرة تلح فيها على الطبع وان النسخة النهائية غدت سليمة فعمدنا المطبعة بالطبع بناء على رغبتها وتأكيدها الخطى بسلامة النسخة وجاهزيتها للطبع.
عقب عودتي من (الملتقى الثقافي بالرياض) إلى جازان اتصلت على هاتفها الجوال لمعرفة قيامها بتوقيع نسخة العقد الخاص بالنشر من عدمه!! فأجابني صوت قريب من صوتها مع اختلاف في النبرة يا أستاذ: (أنا أختها، أما هي فالبقية في حياتك!! وتهدج صوتي كثيراً وفاض بداخلي حزن عميق وأنا أحاول مواساة وتعزية ابنتي إيمان محمد آل علية فرحم الله آمنة...
طبعت المجموعة فعلاً ووردت نسخها إلى النادي فأخذت نسخة اتصفحها وفوجئت أن العنوانين كليهما قد ظهرا في المجموعة، الأول الذي هو (البحر يؤبن نفسه) في الورقة الداخلية الثانية، والثاني الذي اقترحته على الكاتبة وارتضته في الغلاف الأمامي.
وهو خطأ يصعب تداركه بعد طبع الكتاب الفي نسخة ولا يزال النادي حتى الآن يخاطب المطبعة (دار العلم) في تصحيحه وهو خطأ اشترك فيه كل من صاحبة الكتاب بسبب مرضها وإصرارها رحمها الله على تسريع عملية طبعه وكأنها قد أحست بدنو أجلها، فقد كانت تتمنى دائماً اللحاق بوالدها الذي أثر موته فيها كثيراً، والمطبعة التي قصرت في تدقيق الأخطاء وتلافيها. أما من جهتي فمن منظور أدبي وتأملي أرى في هذا الخطأ صواباً غير مقصود، (فربما صحت الأجساد بالعلل) كما يقول أبو الطيب المتنبي.
فوجود العنوانين يعطي دلالة عميقة تعبر عن واقع حال الكاتبة في الأيام الأخيرة من حياتها فالبحر الذي كان يغرق لم يكن سوى الكاتبة نفسها وحين غرق تماماً راح يؤبن نفسه وهو توافق مذهل صار الموت من ضوئه عنصراً من سياق حياة الكاتبة ومن نسيجها الفني، غرق البحر وراح يرثي نفسه. الدهشة هنا في التقديم والتأخير وتبادل المواقع بين الغرق والرثاء فوا عجباه!!
هذه هي قصة مجموعة آمنة المخطوطة وطباعتها وقد سمعتها مرة تذكر أن بعض الأندية قد خيب ظنها باعتذاره عن طبعها ولم تسم نادياً بعينه فهل هي المجموعة نفسها التي أشارت الثقافية إلى تكفل نادي أبها بطبعها، أم هي مجموعة أخرى؟
فان كانت هي نفسها فهي مطبوعة الآن وسيتم توزيعها قريباً ان شاء الله بعد الانتهاء من مسألة العنوانين وان كنت أصر من ناحيتي على إبقاء هذا الخطأ الجميل ان صح التعبير في مذهب الانزياح.
أرفق مع كلمتي هذه، صورتين لصفحتي الغلاف الداخلي، والأمامي، ونصاً من المجموعة.
ثمة تفاصيل لا تتسع لها هذه المساحة وربما لا تتسع لها بعض الصدور، والله المستعان.
أمين سر النادي الأدبي بجازان
ص.ب 246
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|