ضمن سلسلة كتاب (الرياض) الأدبي الثقافي: البقاعي في كتابه (الكلام على الكلام) يثير المعنى المدفون وينير المراد المخزون * الثقافية علي سعد القحطاني:
|
يضم هذا الكتاب (الكلام على الكلام.. دراسات في الفكر والثقافة) للدكتور محمد خير البقاعي، مجموعة من الأبحاث التي تنضوي تحت لواء النقد، ونقد النقد، نشرت بين عامي 19962000م في مجلات علمية محكمة وصحف سيارة، وقد قام البقاعي باختيار مسمى كتابه واختار له هذا العنوان القادم من أعماق التراث، من واحد من أمتع الكتب التي جمعت بين لطف الصنعة، وعمق الفكرة، من كتاب (الامتاع والمؤانسة) لأبي حيان التوحيدي الذي يقول إجابة عن سؤال نصه:
(أحب أن أسمع كلاماً في مراتب النظم والنثر وإلى أي حد ينتهيان، وعلى أي شكل يتفقان، وأيهما أجمع للفائدة، وأرجع بالعائدة، وأدخل في الصناعة وأولى بالبراعة)
إن الكلام على الكلام صعب قال السائل: ولم؟
قال التوحيدي: لأن الكلام على الأمور المعتمد فيها على صور الأمور وشكولها التي تنقسم بين المعقول وبين ما يكون بالحس ممكنا، وفضاء هذا متسع والمجال فيه مختلف، فأما الكلام على الكلام فإنه يدور على نفسه، ويلتبس بعضه ببعضه، ولهذا شق النحو وما أشبه النحو من المنطق وكذلك النثر والشعر وعلى ذلك!
يستطرد البقاعي في مقدمته ويقول:
وقد درج الباحثون على القول إن المعنى بمقولة أبي حيان (الكلام على الكلام) هو النقد فيقول الدكتور عبد النبي اصطيف:
(إن الكلام على الكلام الذي يشير إليه التوحيدي ليس غير النقد الأدبي الذي يدور على نفسه، لأنه إنشاء لغوي على إنشاء لغوي آخر هو الأدب.. وأبو حيان في المقطع يتحدث عن عمله الذي طلبه السائل وهو الموازنة بين النثر والنظم، ويسمى هذا العمل:
الكلام على الكلام، ثم يكرر صعوبة هذه الممارسة عندما يقول:
(وإن كان المنتهي منه غير مطموع فيه، ولا موصول إليه).
ولعل هذا الكلام على الكلام يدخل فيما سماه التوحيدي (بلاغة التأويل) وقال: إنها تحتاج إلى تدبر وتصفح، وإنها مجال التفاضل والجدل، وسماها فناً يهدف إلى إثارة المعنى المدفون، وإنارة المراد المخزون، ويستعان على ذلك بأنواع البلاغة الأخرى التي هي:
بلاغة الشعر، وبلاغة الخطابة، وبلاغة النثر وبلاغة المثل وبلاغة العقل، وبلاغة البديهة.
حاول البقاعي في بحوث الكتاب ان يستهدف بها إثارة المعنى المدفون، وإنارة المراد المخزون، وعمد إلى جولان النفس واعتصار الفكر اللذين تقوم بهما بلاغة التأويل واستعان بما يمتلك من أدوات القدماء والمحدثين لتأتي هذه الأبحاث مفيدة، ولما كانت لغة النقد لغة مصطلحات، فإنه حرص الدكتور محمد خير البقاعي على أن تكون هذه المصطلحات بعيدة عن الغموض، عربية النجار ما أمكن ذلك، ويجد القارئ بحوثاً تنتمي إلى مجالات مختلفة فتلقي رولان في الخطاب النقدي العربي، يدخل في نقد النقد انطلاقا من نظرية التلقي وسيمائية الاسم في العمل الأدبي، ينضوي تحت لواء النقد التطبيقي في مجال خصب تقل فيه الدراسات في المجال العربي وهو مجال الأسمائية، أما نقد ترجمات بعض الكتب اللسانية، فإنه مجال خصب لاستخدام أدوات تأتي من مجالات مختلفة، لغوية وأسلوبية، وعلمية وغير ذلك مما يحتاجه هذا الضرب من التأمل في النصوص، أما النقد الثقافي، وتداعياته في الآونة الأخيرة فقد كان باعث الشرارة فيه كتاب الناقد العربي الأستاذ الدكتور عبدالله الغذامى (المرأة واللغة) ويجد القارئ أصداء ذلك في الصفحات المخصصة لهذا الموضوع، وتأتي أخيراً الدراسة عن النص الغائب إرهاصاً كما يقول البقاعي بما يشغلنا اليوم في التنظير لقضية التناصية والتناص، وتلقي مقولاتهما في المدونة النقدية العربية الحديثة.
يعد هذا الكتاب الكلام على الكلام (دراسات في الفكر والثقافة) بتنوع موضوعاته النقدية التي يعالجها وتعددها ممثلاً لمسار نقدي، ويمتاز بسيطرة النهج التطبيقي الذي يدرس سيرورة واحد من كتب واحد من أكبر النقاد الفرنسيين لذة النص، كما يطرح قضية الاسم في العمل الأدبي والجوانب السيميائية التي يثيرها، كما يدرس قضية النص الغائب في نصوص أحد الشعراء العرب المعاصرين، ويعرض لنقد الترجمة فيدرس ترجمة واحد من أهم الكتب التي تناولت موضوع الترجمة، ويحلل مجموعة أخرى من البحوث إعلان الدكتور عبدالله الغذامي انتقاله من النقد الأدبي إلى النقد الثقافي، لقد ابتعد الكاتب عن التنظير، وحاول الاستفادة من أساسه التراثي في توظيف تيارات النقد الحديث واتجاهاته المتنوعة ليأتي هذا الكتاب ممثلاً لمرحلة من أهم المراحل النقدية التي عاشها الكاتب في سياق الحركة النقدية واللسانية العريبة.
احتوى الكتاب على مقالات عدة ك(تلقى رولان بارت في الخطاب النقدي العربي) و(سيميائية الاسم في العمل الأدبي، العصفورية لغازي القصيبي نموذجاً) و(محاولات في ترجمة مصطلحات نظرية النص والعلاقات النصية) و(أزمة المصطلح في النقد الروائي العربي) و(نظرات في ترجمة كتاب المشكلات النظرية في الترجمة) و(قراءة في ترجمة كتاب وظيفة الألسن وديناميتها)، و(قراءة في ترجمة كتاب تحليل الخطاب) و(العظمة والعنقاء، قراءة في كتاب سفر العنقاء) للدكتور نذير العظمة و(النص الغائب في ديوان الصهيل البربري للشاعر نصر الدين فارس) و(عندما يصبح النص جسداً، قراءة في كتاب ..المرأة واللغة) للدكتور عبدالله الغذامى و (تحول وانفتاح لا قطيعة وانغلاق من النقد الأدبي إلى النقد الثقافي) و(أسرار التحول) و(التحول والمثاقفة) و(غفوة النقد الأدبي، بعض ملامح النقد الثقافي) والدكتور محمد خير البقاعي أستاذ الدراسات الأدبية والنقد في قسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب، بجامعة الملك سعود قدم للساحة الثقافية العديد من المؤلفات ك(الباقيات.. قراءة تراثية) و(تحريف الكلم والترجمة.. قراءة في ترجمات القرآن الكريم) وترجم عدداً من الكتب الفرنسية إلى العربية أهمها:
(الرواية في القرن العشرين) لجان إيف تادييه و(بحوث في القراءة والتلقي) لمجموعة من المؤلفين و(آفاق التناصية) المفهوم والمنظور (لمجموعة من المؤلفين)، و(لذة النص) لرولان بارت، علماً بأن كتاب (الكلام على الكلام.. دراسات في الفكر والثقافة) جاء ضمن سلسلة كتاب الرياض الشهري الأدبي الثقافي وقد صدر هذا الكتاب في شهر فبراير 2004م.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|