القصة السعودية المعاصرة .. في كتاب جديد
|
*القاهرة عتمان انور:
كاتب القصة القصيرة يختال بزوارق صغيرة في بحر الحياة المتلاطم ومطلوب منه ان يصل إلى شاطئ الامان السردي رغم كل ما يعانيه من عقبات فنية تحكمه وتتحكم فيه.. بهذا التشبيه الصافي يقدم الناقد الادبي والمبدع القصصي الدكتور طه وادي دراسته الوافية عن تطور القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية وذلك في كتابه الذي اصدره اخيرا بعنوان «القصة السعودية المعاصرة» والذي يتناول فيه الانتقالات الاساسية في مسيرة هذا الفن واهم كتاب كل مرحلة والسمات العامة التي تميز القصة القصيرة السعودية المعاصرة والتطور الفني اللافت الذي حققته خلال نصف قرن تقريبا.
جيل الريادة
يرصد الكتاب مسيرة القصص السعودي منذ جيل الرواد وحتى المعاصرين ويؤكد ان جيل الريادة بالنسبة لسيرة القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية قام على مجموعة من الادباء مثلوا تيار التجديد في الثقافة والادب ويضيف: اذا كانت ريادة القصة مسلمة للكاتب الصحفي احمد السباعي ومجموعته خالتي كدرجان فإن هناك كوكبة اخرى واكبت مسيرته واسهمت معه في بداية ظهور هذا الفن القصصي ومن اهم كتاب مرحلة البداية بالاضافة لاحمد السباعي عزيز ضياء، عبد القدوس الانصاري، حسين سرحان، وآخرين .ومن خلال تتبع الاطار الثقافي العام لهؤلاء الادباء يرصد المؤلف ان القصة القصيرة في المملكة يبلغ عمرها تاريخيا ما يقارب نصف قرن ويعلل سر تأخر ظهورها في سيطرة الاتجاه المحافظ في الادب والنقد من ناحية ثم السيطرة القوية لفن الشعر التي كانت ولا تزال طاغية حتى اليوم، من ناحية اخرى كذلك فإن معظم الكتاب لم يعطوا فن القصة العناية الادبية التي هو جدير بها كما هو الحال في بقية البلاد العربية الاخرى كما ان معظم هؤلاء الكتاب كانوا يتعاملون مع الصحافة بشكل دائم او مؤقت وهذا يؤكد دور الصحافة اليومية والدورية في تأسيس هذا الفن الجديد والترويج له وقد دعا كثير من هؤلاء الرواد إلى ضرورة العناية بالقصة فالعامودي مثلا نشر مقالا في مجلة المنهل عدد ربيع الآخر 1360 هـ يدعو فيه إلى ضرورة العناية بالقصة وادخالها في الادب السعودي ويرى ان القصة يجب ان تكون منتزعة من صميم الواقع وان تكون صورة طبق الاصل لما يجري في المجتمع لأنه يرى ان ذلك ادعى للعظة والتدبر.
كما يذكر طه وادي في كتابه الباحث بأن القصة طويلة او قصيرة لم تلق في مرحلة البداية عناية كبرى من الكتاب والنقاد وبالتالي من القراء ومن هنا فإن مرحلة البداية لم تكن بالازدهار الفني المطلوب لكن الامر اختلف في المرحلة المعاصرة ولقيت القصة القصيرة اكثر من شقيقتها الكبرى الرواية اقبالا لافتا للنظر وشارك فيها الكتاب والكاتبات في مواكبة متواصلة بل ان نصيب الكاتبات اليوم في المملكة قد يبدو أكثر من نصيب الكاتبات في بعض البلاد العربية الاخرى وقد عنيت القصة في مرحلة البداية بكثير من القضايا المحلية مثل الصراع بين القرية والمدينة في نفوس ابطال القصة وقد كان هذا الصراع يعني الموازنة بين نمطين من انماط الحياة السائدة ويجد في معناه الاعمق التحول الاجتماعي من مرحلة إلى اخرى كما عنيت القصة ايضا بتصوير بعض القضايا القومية وبعض القضايا الإنسانية ومن هنا تبرز بعض الاعمال القصصية مسكونة بهاجس الحداثة ولكنها تظل مشدودة إلى النهج التقليدي في الاداء في كثير من الاحيان وقريبة من التعبيرية في احيان اخرى وقد ادى هذا كله إلى قدر من التداخل في الرؤى والادوات.
المرحلة المعاصرة
يرى المؤلف ان المرحلة المعاصرة شهدت ازدهاراً وانتشارا واسعا لفن القصة على مستوى الابداع والنشر والنقد ومن اهم الكتاب ابراهيم الناصر الحميدان، هاشم فلالي، امين سالم رويجي، تركي السديري، تركي العسيري، جار الله الحميد، حسن الحازمي، حسن النعمي، حسين على حسين، خالد باطرفي، خالد الخضري، خالد يوسف، خليل الغزيع، سعد البواردي، سعد الدواسري، سليمان الحماد، عاشق الهذال، عبد الحفيظ الشمري، عبد الرحمن الشاعر، عبد السلام حافظ، عبد العزيز مشرى، عبد الكريم الخطيب، عبد الكريم النملة، عبد القادر بصراوي، عبد الله بافازي، عبد الله بوقس، عبد الله جعفري، عبد الله جمعان، عبد الله سعيد الزهراني، عبد الله السالمي، عبد الله العتيق، عبد الله محمد الناصر، عبده خال، عثمان سباعي، علوي طه الصافي، على حسون، محمد الجبرتي، عمرو العماري، فهد العتيق.
وعن اهم سمات هذه المرحلة يذكر المؤلف الحفاوة الشديدة بتصوير الواقع المحلي ويقول ربما ساعد على ابراز هذه المحلية اتساع رقعه المملكة العربية السعودية وتباين البيئات الجغرافية فيها إلى حد ما والمحلية بالنسبة للقصة السعودية لا تتصل بالفضاء المكاني فحسب وانما تتعداه إلى الموضوعات والعادات المحلية الشعبية في البادية والقرية والمدينة بدرجة قد تبدو فيها القصة ترجمة ذاتية لسيرة كاتبها ويؤكد هذا ما يذكره محمد علي الشيخ في مقدمة مجموعته: العقل لا يكفي اقدم نفسي انا القادم من القرية على جمل هزيل لم لا ماذا ؟ أقول انا بدوي يعشق التحضر.
كما يرصد المؤلف اتسام القص السعودي بالشاعرية فيقول ان معظم كتاب القصة في المملكة نلمس لديهم بوضوح شاعرية مرهفة في التشكيل السردي للمبنى القصصي ولا ريب في ان هذه العدوى الحميدة ان تلقى من المنظوم إلى المنثور ايضا الاستعانة بالرمز الفني والقناع التاريخي وبعض الاشارات الاسطورية باعتبارها عناصر فنية تثري بناء القصة وموقف القاص السعودي من الاسطورة هو مجرد توظيف فني لا غرض له سوى استحضار جو الغموض والفجيعة والشعور بالعجز الذي تتركه قراءة الاساطير عادة في نفوسنا كما ان كثيرا من الاشكاليات الحياتية لاسبيل للتعبير عنها الا عن طريق الرمز ويخلص المؤلف في نهاية دراسته إلى تأكيده بأن القصة القصيرة السعودية نجحت في ان تكون لها بصمة ادبية خاصة في اطار القصة العربية المعاصرة.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|