الغربال أ.د. عبدالله بن محمد أبو داهش
|
قال أبو سمال الأسدي يرثي ولده:
فأني وسمالاً من الدهر لم نعش
جميعاً وريب الدهر للمرء كارب
يعيرني الأقوام بالصبر بعده
وليس لصدع في فؤادي شاعب(1)
ومثله قول ابن مليكة يرثي أخاه سلمة:
وباكية تبكى إليّ بشجوها
ألا ربّ شجو لي حواليك فانطري
نظرت وسافي الترب بيني وبينه
فلله دري أي ساعة منظري(2)
عجيب هذا الواقع المحزن المرير ألا ترى قول أبي سمال وقد أزعجه الألم، وشقت عليه المصيبة، فلم يعد يذكر دهره القديم الذي أفرخ قلبه فيه بصحبة ولده سمال، حتى إذا عيّره الشامتون لم يزده ذلك إلا قوة في سلم الصبر، ذهب وده بفوات ولده، فاستجمع الحزن ليصبه في هذين البيتين فكان موفقاً لاشك.
ويدنو منه قول أبي مليكة في رثاء أخيه سلمة، وربّما زاد عليه، فهو يذكي ألمه الدفين تجاه مصابه بالشجو الحزين الذي يسمعه، ويقول: (ألا رب شجو لي حواليك فانظري).
لم يعد حزنه المحيط به في مكانه يكفي لدفع هذه الأحاسيس، وإنما يستطير في فؤاده ليبحث عن باعث آخر، ولما انكسر به الخاطر عاد ليجد أن مثيبته تنحسر بفوات الأمر، فالأمر ليس له إنّما هو للحي القيوم سبحانه ف{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (3).
الحواشي:
(1) الأمدي، (المؤتلف والمختلف) (ص137).
(2) ابن حجر، الإصابة (24013).
(3) آيتا 26 27 سورة الرحمن.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|