قراءة في الجزء الأول من كتابه: 1 - 2 الدكتور عبدالهادي عبدالله عطية والعبث بالبحث العلمي «الشعر المصري في القرن السادس الهجري ابن قلاقس»
|
لعل الدكتور عبدالهادي عطية قصد كما يتضح من عنوان كتابه الى دراسة مكانة الشعر في مصر في هذا القرن الذي لم ينل، في رأيه، حقه من الدراسة. والدكتور العطية عضو هيئة تدريس في جامعة الاسكندرية، وقد صدر الجزء الأول من كتابه هذا عام 2000م عن دار المعرفة الجامعية بالاسكندرية، ويقع في 526 صفحة مع الفهارس. وما من أحد يشك في أن كتابا بهذا العنوان سوف يكون لصدوره دور بارز في اثراء الحركة الأدبية وكشف المخبوء عن مكانة الأدب العربي، خاصة في هذا العصر الذي زخر بأدباء وشعراء يظن الكثير منا أنه بداية عصور الانحطاط الفني للشعر، ولكن حقيقة هذا الكتاب، في الواقع، خلاف ذلك.
يبدأ المؤلف الكريم مقدمته بتعداد الأسباب التي دفعته الى تأليف كتابه هذا، فيذكر ستة أسباب تحتل الصفحات 911، ثم يتوقف ليبدأ من جديد في ذكر أحد عشر سبباً اضافة الى الستة السابقة، غالبها مكرر وتحتل الصفحات 1215؛ ولا أدري ما هدف المؤلف من هذه الازدواجية في ذكر أسباب التأليف. لعله يدري، بل لاشك أنه يدري.
وننتقل بعد ذلك الى الحديث عن المؤلف في كتابه الذي يغلب على ظني أنه أساساً كان رسالة علمية. لنبدأ أولاً بخطة البحث ونرى كيف أسس وخطط لها. لقد ذكر الباحث الكريم خطتين إحداهما مفصلة تحتل الصفحات 1524، والأخرى موجزة تحتل الصفحات 2526. وسنأخذ بالأخيرة اختزالاً للمكان. ومن النظرة السريعة لها يتضح ان الكتاب يشتمل على خمسة أبواب تحمل في داخلها تسعة عشر فصلاً!!.
فالباب الأول يحتوي على الفصول التالية:
1 الحالة السياسية. 2 الحالة الاجتماعية. 3 الحالة الثقافية. 4 الحالة الأدبية. والباب الثاني خص به ابن قلاقس ويشتمل على ستة فصول:
1 نشأته «نسبه، ومولده، ووفاته، وعمره».
2 سماته «أخلاقه، وصفاته، ومذهبه، وثقافته».
3 تعليمه «أساتذته، وتلاميذه، وروايته» لعلها: وروايته كما في أصل الكتاب ص210.
4 رحلاته وكتاباته عنها، ومؤلفاته، وآراء النقاد فيه.
5 حالته الاجتماعية، واتصالاته، والمؤثرات العامة في شخصيته.
6 دراسة لأستاذه الحافظ السّلفي.
أما الأبواب الثالث والرابع والخامس فقد تحدث فيها عن شعر ابن قلاقس ونثره، ولم أذكر فصولها لأن هذه الأبواب هي صلب الكتاب، ومن حقه بل من واجبه أن يتوسع فيها كما يشاء، لكن الحديث عن دراسته الفنية للشعر مؤجل الآن حيث سأخصص له بحثاً آخر عندما يصدر الجزء الثاني إن شاء الله.
وحتى أوفّر على القارىء الكريم وقته وأبعده عن السأم الذي وقعت فيه، فإني سأكون موجزاً ما استطعت الى ذلك سبيلاً، ولنبدأ بالسؤال:
1 ما الهدف الأساس الذي دفعه الى كتابة هذا الكتاب أو الرسالة؟
يقول في الصفحة التاسعة من المقدمة:«وقد كانت اللمحة التي أثارت رغبتي في تقديم بحث في هذا الموضوع ما وجدته مكتوباً في كتاب «الأعلام» للزِّركلي عن «ابن قلاقس» من أن له ديواناً مخطوطاً في المكتبة الأهلية بباريس تحت رقم 3139 مما جعلني أفكر في الكتابة فيه وأقدِم على ذلك»!!.
هذا هو الدافع للمؤلف الى كتابة بحثه!!
كان نشر الطبعة التي اعتمد عليها من كتاب «الأعلام» للزركلي في أواخر الستينيات من القرن العشرين.
وكان كلامه هذا في أواخر التسعينيات من القرن العشرين.
ثلاثون عاماً بينهما!!
وسيتضح للقارئ الكريم، بسبب ذلك، مدى جهل الدكتور عبدالهادي عطية بابن قلاقس وبمصادر شعره ونثره فيما سيأتي تفصيله.
لكن لنبدأ بالحديث عن خطة الباحث في كتابه، ولنتحدث أولاً عن الباب الأول؛ وأسأله سؤالاً مهما: أهو أول من كتب عن القرن السادس سياسياً واجتماعياً وثقافياً وأدبياً؟
والجواب: أبداً! فقد سبقه كثيرون الى ذلك.
وكل ما كُتب قبله ينطبق على ابن قلاقس!
ولكن ما فعله الكاتب الكريم يندرج تحت باب التزيد لتصل صفحات هذا الباب أيضاً الى ما يفوق مئة صفحة كان في غنى عنها؛ ليته اكتفى بعشر منها مدخلاً للبحث!.
ثم نأتي للباب الثاني الذي خصصه للحديث عن ابن قلاقس وقسّمه الى ستة فصول تحتل الصفحات 113326.
وعندي ان المؤلف الكريم كان بإمكانه أيضا ان يختزل هذا الباب في صفحات أقل لولا اجتهاده في التكرار والاطالة رغبة في الوصول بالكتاب الى ما وصل اليه من الصفحات!.
سأورد هنا مثالين:
1 في الفصل الأول يحدثنا المؤلف عن نسب ابن قلاقس، ومولده، ووفاته، وعمره.
ولكل واحد من هذه التقسيمات عنوان مستقل، وأسأل القارىء الكريم: إذا عرفتَ مولد الشاعر بعد ان فصّل لك الدكتور عبدالهادي عطية ذلك وقدّره، ثم ذكر لك، بعد ذلك، خبر وفاته وقدّره، هل أنت بحاجة الى عنوان مستقل في بداية صفحة مستقلة يعرفك فيها عن: عمر ابن قلاقس؟!
أليست القضية أهون من هذا بكثير؟ بعملية حسابية بسيطة تطرح الميلاد من الوفاة فيخرج لك عمر ابن قلاقس! أليس في عمله هذا استغفال للقارىء؟ عندي والله أن الجزء الأول ، في أكثر فصوله، هو استغفال للقارىء بتكراره الممل، واستنتاجاته الباهتة، والأدلة على ذلك قادمة فلا تستعجلون!
وفي هذا الفصل الأول أيضا أسأله: لماذا خص أستاذ ابن قلاقس: الحافظ السلفي بفصل كامل من فصول كتابه؟
إذا كان القصد علمياً فلماذا لم يتخلص من كثير من فصول كتابه، ويكتب فصلاً عنوانه: ابن قلاقس وتأثره بعلماء عصره وشعرائه؟
إنه التزيد في الصفحات لا غير!.
بعد هذ المقدمة، أدخل الآن الى صلب هذا المقال وهو في الواقع ما دفعني الى الكتابة وحثني على بيان الحقيقة.
لعل من أهم ما استثارني هو جهل الدكتور عبدالهادي عطية الواضح بالمراجع التي سبقته الى دراسة ابن قلاقس؛ ولذلك نجده في مقدمته كثير الشكوى من هذا الأمر. ثم، وهو الأهم، جهله الفاضح في معرفة تراث ابن قلاقس الشعري والنثري وأماكن وجوده. إن معرفة السبب لا تخفى على ذي لب وهو أن متصفح هذا الجزء من كتاب الدكتور عطية يجد ان جل اعتماده كان على ما كتبه «الزركلي» عن «ابن قلاقس» في كتاب «الأعلام»!
ما أريده هنا هو ان أوضّح للدكتور الكريم كثيراً مما يجهله، وكل ما سأذكره سبق نشره منذ ما يزيد على عشرين سنة ولا يقل عن عشر سنوات من تاريخ نشره كتابه:
أولاً: الدراسات
1 لعل أول من تحدّث عن ابن قلاقس هو أستاذنا الدكتور إحسان عباس أمد الله في عمره في كتابه «العرب في صقلية»، المنشور في القاهرة عام 1959م.
2 كما كتب عنه المستشرق الايطالي رزيتانو بحثاً قيماً في الموسوعة الاسلامية، الطبعة الانجليزية الجديدة، لايدن، مادة: ابن قلاقس.
3 وكتب عنه كاتب هذه السطور بحثا طويلا عنوانه «ابن قلاقس الاسكندري ورسائله» ونشره في مجلة كلية الآداب، جامعة الرياض، المجلد الخامس 19771978م، الصفحات 269309.
4 وكتبت عنه الدكتورة سهام الفريح الأستاذة في كلية الآداب، جامعة الكويت، رسالة اسمها «ابن قلاقس: حياته وشعره» ونُشرت ضمن الحولية الأولى التي تصدرها جامعة الكويت تحت مسمى «حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية». وقد صدرت هذه الرسالة عام 1980/1399هـ.
5 وكتب عنه الدكتور محمد زكريا عناني كتابا مسقلاً يقع في 300 صفحة سماه «النصوص الصقلية من شعر ابن قلاقس الاسكندري وآثاره النثرية». ونشرته دار المعارف بالقاهرة عام 1982م.
6 وكتب عنه كاتب هذه السطور بحثاً آخر سماه «ابن قلاقس الاسكندري في صقلية» ونشره في مجلة كلية الآداب والعلوم الانسانية، جامعة الملك عبدالعزيز، جدة، المجلد الرابع، 1404هـ/1984م، الصفحات 4546.
7 وكتب عنه كاتب هذه السطور «ملاحظات حول ديوان ابن قلاقس» نشرها في مجلة معهد المخطوطات العربية، الكويت، الجزء الأول، المجلد الثامن والعشرون 1404هـ/1984م، الصفحات 353 360.
8 وكتبت الدكتورة سهام الفريح بحثاً حول «ديوان ابن قلاقس» في مجلة معهد المخطوطات العربية، الكويت، 1406هـ/1986م، المجلد الثلاثون، الجزء الأول، الصفحات 381390.
9 وكتب عنه كاتب هذه السطور بحثاً آخر حول ديوانه أيضاً، نشره في مجلة «عالم الكتب» الرياض، المجلد السابع، 1407هـ/1986م، العدد الرابع، الصفحات 449462
ولعل الدكتور عبدالهادي عطية يعرف هذه الدراسات ولكنه لم يُلقِ لها بالاً، ترفُّعاً منه، أو تجاهلاً لها أو جهلاً بها!.
لو قرأ الدكتور الكريم هذه الدراسات لعرف كل تراث ابن قلاقس.
ثانياً: المؤلفات
غير انّ الطامة الكبرى ان يقوم أستاذ في جامعة عريقة كجامعة الاسكندرية بتأليف كتاب عن ابن قلاقس الاسكندري وهو يجهل أغلب التفاصيل عن تراثه النثري والشعري، وهما دون ريب العمود الفقري لدراسة شعر ونثر أي شاعرٍ وكاتبٍ كابن قلاقس، وهذا الجهل، مع الأسف، سنلاحظه في رصده لانتاج ابن قلاقس في الصفحة 237 وما بعدها، تحت عنوان: «مؤلفاته»، يقول:
1 مواطن الخواطر:
ويحيلنا عنه الى الزركلي في الأعلام 8:344.
قلتُ: والصواب ان اسم الكتاب «مواطر الخواطر» بالراء في «مواطر» والسجع يفرض ذلك، وكذلك يفرضه ما ورد عند الزركلي في الجزء والصفحة اللذين أحالنا المؤلف اليهما، وفي غير ذلك من المصادر.
قلتُ: وقد ذكره الدكتور عطية في العنوان وفي السطر الثامن من نص اقتباسه من الزركلي رحمه الله بالنون. ولعله في الموضعين تطبيع؛ لأن الكلمة عند الزركلي بالراء لا بالنون.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|