- مرحبا.
- أهلا.
- ما أخبارك؟
- أخباري؟!
توظفتُ حديثاً كمعلمة مرة أخرى، القدر يأبى إلا أن يجعلني مربية للأجيال!
يبدو أنّه فيّ من الصلاح ما أجهله!!
طالباتي يصغرنني بسبع سنوات، أو ربما أقل!
بينهن الأم، والحامل، والمرتبطة حديثاً، والمطلقة أيضاً.
أكملتُ شهرين في وظيفتي الجديدة، وأعتقد بأنني مستقرة إلى حدٍ ما.
وعلى الصعيد النفسي سأكمل شهراً من الشهرين، وفي قلبي رقعةُ غضب، وشيء من حزن!
الحزن الذي يلبس بدلة تهريج، ويقف أمامك مستعرضاً حركاته، وأنتَ تقهقه، وتتحدث والعالم يضحك من حولك!
أشعر بأن كتفي عارٍ، ومزخرف، يسرُ الناظرين!
يلتهمون منه بجشع ما طاب لهم، وما لم يطب!
أحاول أن استتر ما استطعت، لكنني مؤخرا بتُ أراني في منامي عارية والعالم ينظر إلي! أفيق فزعة!
أشدُّ لحافي إليّ، وضربات قلبي لا تكف عن النحيب.
ما عدتُ استمتع بالصباحات، ولا عادت خطوات الليل الأولى تغريني!
تحوّلت الشمس إلى بر أمان في نفسي؛ يُبقي العالم مستيقظا معي.
والليل جاثومٌ يطبق على صدري؛ كما يطبق على كبد السماء، لأنّه فقط يجعلني في مواجهة مع النعاس!
استقطع من وقتي مؤخراً؛ لأتنفس بصوت عالٍ!
أتنفس.. أجل أتنفس!
ماذا يعني أن تشهق، وتزفر الهواء؛ لكنك لا تشعر بالحياة؟!
ثُمَّ أخبرني!
أليس من حقنا أن نحب، ونكره. نقبل. ونرفض؟!
رويدك!!
تجاهل سؤالي هذا.
فالإجابة يسيرة، وأجبني: متى صار كف الأذى جريمة نُعاقب عليها؟!!
ولماذا غدا الصمت؛ خُرقة تُمسح بها كرامتنا؟!
دعني أتوسل إليك؛ هلّا سألتَ العالم رؤيتنا؟
أكتب لهم أن الرفق ليس ضعفاً، وأن أفواهنا التي أغلقناها؛ لا تعني أبداً بأن لا نفس لنا تشتهي، وترغب!
وأننا حين نضحك؛ نزداد صلابة. وأن الألسنة المعقودة؛ تنحل عقدتها مع المحاولة والتكرار. وأنّ لنا قلوباً توصد أبوابها في حين غفلة.
واعلَم أنك حين تكتبنا لن يقرأنا أحد!
ومن يقرأ آخراً كره فيه ما كره، وحاول جاهداً أن يلبسه ثوباً لا يليق به متجاهلا كينونته؟!
قلتها سابقاً وسأعيدها حتى نحفظها عن ظهر قلب؛ العالم لم يعد يطيق بعضه بعضاً!
ولك في أول تنهيدة ضيق تصدر منك؛ لتتهافت الأصوات من حولك: ما عهدناك بهذه الصورة!
تضحك مجاملةً، وتُحدثك نفسك: متى عهدوك أصلا، ولم قننوك في صورة واحدة؛ رغم أنك كائن حيّ، ولستَ صورة تم التقاطها مرة، وظلت كما هي؟!
أعيش هذا الشهر استجدي البكاء!
أصبحتُ ثقيلة جداً من الداخل. والحياة لا تكف عن إدهاشي.
نبت في صحراء قلبي القاحلة صبّار!
ضمأ قلبي، وضمأ الصبّار، ولازلتُ أحاول أن أبكي.
لعلك تضحك الآن!
فمن السخرية أن تمثل البكاء؛ لأنّ العالم اعتاد تمثيل الضحك فقط!
في أوقات معينة، أشعر بنفسي تغص! انكفأ عليها، ولكنني لا أبكي!
لا تُربت على ظهري، ولا تمسح بشفقة على رأسي!
لا تتعب نفسك في تمثيل دور المهتم، ولا تُمطر عليّ بوابل من الكلمات الإيجابية، ولا حتى السلبية!
دعني أحزن!
دعني أمارس حقي في الأنسنة!
لا تجعل لنفسك سُلطة على مشاعري!
نحن نحزن بهدوء تجنباً لمثالية الآخر. لا نهذي حتى لا نسمع!
أخباري؟!!
الحمد لله في أفضل حال. وأنت؟
هياء الزومان - الرياض