هذا هو البردُ الأخيرُ،
عرفتَ وحدكَ أنه البردُ الأخيرْ.
هذا هو السَّفرُ القصيرُ،
عرفتُ مثلكَ أنه السَّفرُ القصيرْ.
فالماءُ
والأسماءُ
والأشياءُ
ثلجٌ قد ترمَّدَ في عروق النازفينَ
من الجراح المستعارةِِ
حينما انفردَ السريرُ بكلّ عفوٍ للضميرْ
قالوا: السماءُ الآنَ تبكي
قلتُ: هذا الماءُ لا يبكي
نحنُ البكاءُ، وهذه الصحراءُ حاضِنةُ البكاءْ
قالوا: بعيداً
قلتُ: في كفيَّ تبقى
أزرعُ الأشجارَ حزناً، مثلما..
(أشجارُ هذا الحزنِ ماءْ).
قالوا: قصيدتكَ القديمةُ، لا تكرّرْها
فكرَّتْ سُبحةٌ كانت معلقةً على المفتاح في جيبي؛
انتبهتُ الآنَ: ألواحُ المرايا ليست الأبوابْ.
وقد انتبهتُ الآنَ أنّي كنتُ كالكذّابِ، أخرجُ
حين يعجبني الدخولُ
ولستُ أدخلُ حين يتعبني الخروجُ
ذكرتُ.. لا أنسى
ولم أنسَ ارتفاعَ الموجِ من تحتي
وفوقي كان سقفٌ هابطٌ
(فاكسرْ ضلوعكَ في ضلوعي، أيها المجتثُّ مني، واحتملْ)
هل كنتُ أحفظُ كلَّ كسرٍ
ثم أنسى الاحتمالْ..؟!
(بينَ الرّجالِ عرفتُ نفسي،
وعرفتُ بينيَ والرّجالْ
كيفَ تبقى النفسُ نفساً
في مواجهة الإجابةِ بالسؤالْ
هل على الإنسانِ أن يَنسى ويُنسى
كلّما شدَّ الرّحالْ)
هكذا كان السؤالْ.
ولا علامة للسؤالْ.
اسألْ
تعلَّمْ
وانتفض برداً أخيراً، ثم قُم واشرب من الكونِ الذي..
حتى العَدَمْ
(كنا نصرّحُ بالحقيقيةِ، إنما
ما كانَ يكتبها القلَمْ):
اشربْ من الثلج المذابِ، ودعهُ يجمدُ فيكَ،
حرِّك يديكَ على يديكَ،
إن استطعتَ؛
واستبقِ ارتعاشاتِ الصَّنمْ.
- عن أيِّ أصنامٍ تقولُ؟
- أقولُ عنكَ،
وقد شربتَ من الأمانيِّ البعيدةِ
فاقتربتَ من الندَمْ.
- هل يَحْضُنُ الصَّنمُ الندَمْ؟
- بل يَحْضُنُ الندَمُ الصَّنمْ!
- كلَّ الشتاءْ؟
- كلَّ الشتاءْ!
- بيروت
ffnff69@hotmail.com