المؤلف: أحمد محمد المعتوق
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون - 2014
يشهد المجتمع الخليجي الحاضر نتيجة للتحولات المتسارعة التي أعقبت انبثاق النفط ونزعات العولمة فيما بعد نوعاً من الصراع الفكري والحضاري. وانعكست آثار هذا الصراع على معظم جوانب الحياة في هذا المجتمع، وكانت اللغة من أبرز الجوانب وأكثرها تأثراً به وبتبعاته؛ وذلك لأن الأضرار التي لحقتها ضربت الجذور؛ فأصابت الأطفال الذين يكونون الجيل القادم وأساس المستقبل، إلى درجة أصبحت هويتهم اللغوية والثقافية معها مهددة إلى حد بعيد.
وفي ظل هذه الأوضاع الفكرية والحياتية التي يعيشها المجتمع الخليجي، ويواجهها ناشئته، أصبح من الصعب الإمساك بكل الخيوط وإيقاف العجلة الدائرة. غير أن الخوف من خطورة الانزلاق إلى منحدرات الذوبان والضياع الفكري أو الاستسلام في النهاية لمقاليد التبعية اللغوية والثقافية يقضي بتحدي كل المصاعب، ويفرض البحث عن سبل التجاوز السريع، ويدعو إلى محاولة الإمساك ولو ببعض خيوط الضوء، من أجل إنقاذ الموقف وتأمين مستقبل لغوي وحضاري سويين. وبداية كل ذلك لا تكون إلا بتحديد الأهداف والمسارات والنقاط الأولى التي يتم الانطلاق منها أو من خلالها لمعالجة الوضع اللغوي القائم، وهذا ما يسعى إليه المؤلف باعتبار أن الحديث عن لغة الطفل العربي وما يرتبط بهذه اللغة من فكر وثقافة بالنسبة للمؤلف رديف للحديث عن هوية المجتمع الذي ينتمي إليه هذا الطفل، أو متداخل معه، ووثيق الصلة به؛ لذلك تم من خلال هذه الدراسة إلقاء الضوء على بعض الظاهرات اللغوية، ومعالجة بعض الجوانب المهمة المرتبطة بها، من خلال الحديث عن التحولات الاجتماعية والثقافية والحضارية الجديدة التي حصلت في منطقة الخليج العربي، وفي المملكة العربية السعودية بوجه خاص، بوصفها نموذجاً رئيساً بارزاً لدول هذه المنطقة، وتتبُّع ما نتج من هذه التحولات من آثار وانعكاسات سلبية على لغة المجتمع الخليجي، أو المجتمع السعودي بوصفه المثال البارز له، ثم على لغة الطفل بنحو أخص، وعلى هويته القومية ومستقبله، مع إشارة المؤلف إلى أن دراسته الخاصة عن الطفل العربي الواردة في هذا الكتاب لا تقتصر على إطار مرحلي معين أو مستوى اجتماعي محدد، وإنما تشمل جميع المراحل العمرية للأطفال، وتتعلق بمستوياتهم التعليمية والاجتماعية على اختلافها، من دون تخصيص.