الفصل الثالث
السلفية المعاصرة عوامل وظروف النشأة والازدهار
وفيه وعد الكاتب بتناول العوامل التي شكلت ازدهار وانتشار السلفية في عالمنا الحديث والمعاصر، محاولين تتبع هذه العوامل بالقدر الذي يعين على فهم عوامل أفولها الذي تفترضه أطروحة هذا الكتاب.
تحدث الكاتب عن مركزية الدعوة السلفية في العصر الحاضر، ونبه أن القارئ سيلاحظ تركيزنا على السعودية ومصر وذكر باقي البلاد وتحققات السلفية فيها بطريق التبع، وليس ذلك تمييزاً بحسب الكاتب بلا مبرر معرفي بل هذا التمييز يرتكز على حقيقة واضحة، وهي أن التيار السلفي في هذين البلدين هو مركز التيار السلفي في العالم، فالأول ويقصد السعودية محضن تكون معظم الأفكار وتصديرها، والثاني ويعني مصر صاحب أكبر كثافة سكانية في العالم العربي بالإضافة للثقل الفكري والثقافي التأثيري لمصر. وأنا عندي سؤالان صغيران، بما أن الكاتب يتحدث عن السلفية وأن مركزها في هذا العصر السعودية ومصر لأننا نقر بكثافة مصر السكانية، والسؤال الصَّغير الأول ما نسبة السلفيين بعوامهم أيضاً في مصر؟ الجواب في الصفحة رقم 227 من الكتاب والذي يذكر الكاتب فيه أن السلفية في مصر ليست في المركز وإنما في الهامش لأسباب عددها. ولذلك هنا للكاتب أن يقول لم أقصد أن مصر تصدر السلفية للخارج كما تقوم وقامت به السعودية أو بنفس الدرجة على الأقل، لكن التيار السلفي في مصر حاضر ومتفاعل ومركزي كما ذكر قبل قليل، ولكن بالفعل وحتى الوجود السلفي في مصر ذكر الكاتب في صفحة 227 أنه هامشي؟!
أقول ونقر أيضاً بثقل مصر الثقافي والفكري وتأثيرها في العالم والسؤال هل هذا التأثير داعم لنشر السلفية في الأوساط الثقافية والفكرية في العالم العربي والغربي؟! وهنا أسجل أن سلفية مصر جوهرة في جبين الأمة بجدها وجهدها ودعوتها وتعليمها ورموزها الذين هم شيوخنا وأحبتنا، لكن لا أظنهم يوافقون على ما ذكر الكاتب هنا أن السعودية ليست إلا معمل لإنتاج الأفكار السلفية وتصديرها فقط ؟ وكذلك لن يوافقوا على مقارنة مصر بالسعودية في نشر السلفية، نعم لقد نشرت مصر الأشعرية من خلال الأزهر ومنحه والطهطاوية والإخوانية والناصرية وكل شيء فهي أم الدنيا وشاغلة الناس، لكن السلفية ونشر مصر لها أمر يحتاج إلى تدقيق، وإن قصد أن مصر فيها حاضنة سلفية قوية لمن في الخارج فهو في الصفحة المذكورة يقول بهامشية السلفية في مصر الداخل؟!
الباب الأول من هذا الفصل عبارة عن موجز لتطور السلفية المعاصرة وعدّد دولاً كالسودان وليبيا وتونس وغيرها.
الباب الثاني الدولة السعودية الثالثة منصة انطلاق السلفية المعاصرة
قال فيه الكاتب إن هذه الدولة تعد أول دولة في الحقبة الحديثة يتم دمج السلفية فيها لا كتيار ديني هامشي أو حتى تيار مركزي له نفوذ مجتمعي وإنما كتيار مركزي يمثل السلطة الدينية الداعمة والمتحالفة مع السلطة السياسية، بحيث صارت السلفية الوهابية هنا هي دين الدولة الرسمي. وقد اعتنى الملك عبد العزيز بالحفاظ على التحالف القديم بين الإمامين ليواجه الإخوان في الداخل، مستندا إلى علماء الشريعة ويواجه الخصوم في الخارج يقول أيضاً إذن فقد صارت للسلفية دولة وقد ساهم تأسيس هذه الدولة المساهمة الأهم والأعظم في ازدهار وانتشار السلفية في العالم الإسلامي ويكمل الكاتب لكن ما معنى هذه العبارة بالضبط؟
وأقول أنا وعند هذا السؤال والاستثناء المعنى يكمن في بطن الكاتب!
يطرح الكاتب سؤالاً: هل يعني (تأسيس هذه الدولة) أن انتشار السلفية في العصر الحديث كانت وراءه السعودية كسلطة سياسية؟
يجيب الكاتب بـ «الحقيقة أننا لا نعني أبداً بكلامنا هذه الفكرة على الرغم من شيوعها، وهذه الفكرة تنطوي على خطأ كبير يرجع لكونه تحليلاً شديد التبسيط والسذاجة، وذكر خمسة أسباب تنفي أن انتشار السلفية في العصر الحديث كانت وراءه السعودية كسلطة سياسية، ليعود ويقول انتشار السلفية في العصر الحديث يرجع لعوامل سيكشف عنها هذا الفصل بمجموع أجزائه، أقول طبعاً الباب التالي (التلقي المصري للسلفية وأطال فيه وبعده الإخوان وحركة الضباط الأحرار)، نعود لقول الكاتب إلا أننا هنا وفي هذا الجزء مطالبون بتفسير دعوانا أن أهم هذه العوامل كان تأسيس الدولة السعودية الثالثة، ما دمنا نرفض تفسير هذا العامل بأنه دعم السلطة السياسية، وهذا من الكاتب استشعار للاضطراب والتناقض الذي قد يتسلل لذهن القارئ فأراد قطع الطريق عليه، ثم ذكر أن العنصر الأهم الذي أنتجه تأسيس الدولة الثالثة وساهم مساهمة كبرى في انتشار السلفية في العالم الإسلامي هو المجتمع والفضاء العام السلفي الذي أدت هذه الدولة إلى وجوده حراً مستولياً على عدد من مؤسسات الدولة، ومسيطراً على معظم المنظمات والتجمعات والموارد الأهلية فيها وقادراً على تمييز الرموز واستقطابها عندما تتكون خارجه، وحراً في استعمال المال والرجال لنشر الأفكار. إن هذه الشبكة المتنوعة من المؤسسات والعلاقات التي وفرت لها الدولة السعودية الثالثة مناخ الاشتغال والحركة متمثلاً في الرعاية والغطاء السياسي ثم الموارد الاقتصادية والإدارية هي التي تحركت من أجل نشر أيديولوجيتها، حيث يمكنها أن تصل من أرجاء العالم الإسلامي بل والتجمعات الإسلامية في الدول غير إسلامية، وهنا انفجرت ضاحكًاً لتذكري مقولة شعبية (وين إذنك يا حبشي) ومقولة أخرى (صبه احقنه لبن)، على رأي الكاتب طبعاً (فإن السلطة السياسية نشرت السلفية بشكل غير مباشر) ويرتاح من هذا النفي الجازم بداية الباب وتعداد أسباب نفيه أن السلطة السياسية نشرت السلفية ويكفي الرد على من وصفهم بالسذاجة والبساطة عندما يقولون بنشر السلطة السياسية للسلفية، وكلنا نعلم أن السلطة السياسية ليست بالسذاجة والبساطة حتى تفتح كل هذا الفضاء وتوفر كل هذا المناخ وتدفع كل هذا المال وتقف كل هذه المواقف السياسية، وتستقطب من تستقطب ثم لا تدري ماذا يفعل هذا الفضاء وما مخرجات هذا المناخ بل الأمر يتعدى «لم آمر بها ولم تسؤني»، فنشر السلفية ممارسة للسلطة السياسية بوعي تامبر قنوات عددها الكاتب منها الجامعة الإسلامية في المدينة والتي تخرج منذ نشأتها دعاة وطلبة علم مؤصلين، يعودون لديارهم في سائر أقطار الدنيا وهو يحملون الفكر السلفي وينشرونه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً وكلهم من طلاب المنح التي تدفعها السلطة السياسية ومنها بن باز الذي سماه الكاتب مرحلة لا مجرد رمز، ورعايته لكثير من الدعاة السلفيين في نشر السلفية في العالم وبن باز ليس فضاءً ولا مناخاً بل جليس السلطة السياسية وغيرها من القنوات الشيء الكثير.
الباب الثالث التلقي المصري للسلفية قبل الصحوة
وتحدث فيه الكاتب عن علاقة صاحب المنار رشيد رضا بالدعوة والوهابية وبالملك عبد العزيز، وكيف جابه رشيد رضا الأزهر وعلماءه دفاعاً عن أئمة الدعوة النجدية، ويعرج على جمعية أنصار السنة المحمدية التي أنشأها محمد حامد فقي المتأثر برشيد رضا، وهو - أي فقي - قد تبنى أفكار بن تيمية وبن القيم وبن عبد الوهاب، وهذا الجمعية بمثابة الرابطة للسلفيين. وذكر الكاتب الترابط الشديد بين الجمعية والسعودية والسفير السعودي وطباعة الكتب السعودي في مصر وتعيين عبد الظاهر أبو السمح إماما للحرم وعبد الرزاق عفيفي عضواً في اللجنة الدائمة للإفتاء، فهي القنطرة الثانية التي دخلت من خلالها الوهابية لمصر بعد رشيد رضا والمنار، بعد ذلك الشامي الذي استوطن مصر وهو محب الدين الخطيب وعلاقته بابن باز وبعده الأخوين شاكر.
الباب الرابع عن الإخوان وحركة الضباط الأحرار سقوط الحواجز وهو وصف لتلك المرحلة التاريخية التي دخل فيها الإخوان بحسب الكاتب في شهر عسل مع ضباط الجيش المصري، ومن ثم عودة الصدام لدرجة القضاء على جيل المؤسسين، وما أعقب ذلك من هزيمة الجيش وبزوغ المدونات السلفية ككتب تطبع في الشام أو تنقل من السعودية، وهذا من آثار ضعف التدوين المعرفي والفكري لدى الإخوان.
يليه الباب الخامس وهو عن جيل الصحوة
طريق السلفية للازدهار.. وفيه سرد لعوامل وأحداث ومجريات وما له صلة بالصحوة وأثرها في ازدهار السلفية.
الفصلان الرابع والخامس تناول فيهما الكاتب موضوع الاشتغال المعرفي للسلفية.
الفصل السادس: السلفية المعاصرة عوامل الأفول
يقول الكاتب وما نتكلم عنه هنا إذن ليس نوعاً من الموت والفناء ستتعرض له السلفية المعاصرة وإنما هو ضرب من الأفول : التشظي المرجعي والنسقي وضيق الانتشار وقلة الأنصار وفقدان الرموز هي أهم معالمه.
وأقول إن لفظة الأفول على هذا الأساس مبالغ فيها ولو قال التراجع أو الانحسار أو الانتقال من المركز للهامش كحال أي ظاهرة أخرى وكحال السياق التاريخي للسلفية فهي هكذا، ويسرد الكاتب بعد ذلك عوامل وأسباب الأفول في أبواب :
داء التفرق - فقدان الأجوبة لصلاحيتها أو جاذبيتها - الفقر الرمزي - قنوات الدعم وعوائق التدفق - تحولات السلطة.
الفصل السابع: ما بعد السلفية
ويتساءل من سيحل محل السلفية ؟
إلى أين ستذهب السلفية وما سيناريوهات مستقبل الأفول ؟ هذان السؤالان هما اللذان يطمح هذا الفصل إلى الجواب عليهما.
وسأترك للقارئ العودة للكتاب وأخذ الأخبار عنه في معرض الإجابة عن السؤالين، لأن تسريبا في نوع حرق لنتيجة البحث وزبدة الدرس، ولا أريد قطع طريق القارئ في أن يصل مع الكاتب يداً بيد لهذه النتيجة والحصول على تلك الزبدة.
- الرياض
t.alsh3@hotmail.com