لم تكن المسافة بين وادي الصدر الرابض على واد يجري الماء فيه رقراقا وتحفه أشجار الرمان والعنب وبين باريس مدينة النور الفاتنة، في قلب وروح معجب الزهراني كبيرة، رغم البعد المكاني والغياب التصوري، لكنها الروح التي اختصرت الزمان وألفت الذهاب بعيدا إلى أقصى درجات التفرد.
عاد معجب الزهراني بعد رحلة علمية في جامعة من اكبر جامعات العالم وأشهرها « السوربون» أستاذا لعلم الجمال.. وهو المغرم بالجمال، حيث مسقط رأسه وادي الصدر المكان الأجمل في بلاد زهران، وحيث باريس الموضة والعطور والفنون والثقافة.
عاد محملا بالجمال والعلم والرؤية، فلمع اسمه في سماء الثقافة المحلية كلمح البرق وقد تجاوز منعطفات كبيرة واحرق حواجز عديدة في المشهد الثقافي، ذلك لأن أصالته الثقافية الممزوج بحداثته العلمية جعلته نموذجا للمثقف الأكاديمي المتطلع إلى تغيير كثير من الرؤى والأفكار والمناهج، فأصبح واحدا من أهم الوجوه الثقافية العربية.
وان كان ينهج إلى حالة التمرد والتي تعطي المثقف مساحة من الفضاء الذي يتحرك فيه بحرية وبلا قيود إلا أنها ربما أثرت على منتجه الملموس علميا، حيث لم يقم بطباعة منتجه النقدي العلمي، وهو ما كان لافتا في مسيرته الثقافية، إلا أن حالة الإبداع التي مارسها وتعاطاها عوضت الجنوح إلى الارتكان إلى العمل الأكاديمي وعدم طباعة المنتج العلمي عوضته بعمل إبداعي تراقص على حوافه اللغة والجمال والحب والتمرد من خلال روايته الأولى «قنص» التي جاءت لتوقظ في داخله الرغبة في الحضور العلمي والإبداعي من خلال منتج محسوس ومعلوم، فبدأ بجمع بعض البحوث لطباعتها، كما شرع في كتابة رواية جديدة ستكون مفاجأة كبيرة.
معجب الزهراني.. ليس مجرد أكاديمي ككثير من الأكاديميين بل هو نموذج للمثقف الذي استطاع أن يحضر بصوته المتميز في المشهد الثقافي العربي.. وقد لمست هذا كله من خلال سؤال المثقفين العرب عنه حين لقائي بهم.
هو حالة ثقافية تتقاطع مع الجدية العلمية والروح الخلاقة والرؤية الجمالية والتناغم مع الأصالة والحداثة..
يحب فيروز وأم كلثوم ككثير من المثقفين في المقابل يحب صديق المنشاوي يتلبسه صوته ويسكنه ترتيله.
هو مزيج بين روح ابن القرية وقلب ابن المدينة.
- د. أحمد قران الزهراني