الثقافية - سعيد الدحية الزهراني :
تمضي المنصة الاتصالية الأبرز «تويتر» نحو التصاعد الواضح على مختلف المستويات؛ انتشاراً وتأثيراً واستحواذاً وفرضاً لشروطها وهويتها بصورة ملفتة ومحفزة للقراءة والتأمل والتوصيف..
أحد أهم الملامح التي فرضتها البيئة الاتصالية الإلكترونية الجديدة «تويتر أحد أهم نماذجها» شكل تكثيف الأفكار واختزالها واعتماد السرعة في مختلف المراحل إنتاجاً وانتشاراً واستهلاكاً وربما موتاً في ظل ولادات سريعة أخرى تعيد ذات المتتالية..
لعل «توريقات» أستاذنا الدكتور عبدالله الغذامي.. إحدى أبرز الشواهد على هذه التأثيرات.. بدءًا بالاسم المتماهي مع «التغريدات» وانتهاء بحجم المنتج المقالي ومضامينه المتكيفة مع شرط السرعة الذي يمثل شرط البيئة الاتصالية الأبرز..
الأبرز في تقديري حين تتحول «التغريدة التويترية» إلى «توريقة مقالية» بوصفها فكرة ونصاً أيضاً يتجه إليه الناقد الثقافي بالقراءة والتحليل.. وهو ما مارسه الدكتور الغذامي في توريقتين حول تغريدتين أطلقهما الدكتور صالح الربيعان.. الأولى تغريدة: (لحوم كل الناس مسمومة وأفكار كل الناس غير مسمومة) وكتب حولها الغذامي توريقة حملت نفس العنوان.. والثانية تغريدة: (الجبان هو الذي يبيع نطقه، وشبه الجبان هو الذي يبيع صمته) أتبعها الغذامي بتوريقة مقالية هنا في الثقافية بعنوان: (وأنا أيضا نصف شجاع)..
أظن أن اللافت في هذا السياق يتمثل في جانبين؛ الأول الكشف عن القيمة الفكرية عبر البيئة الاتصالية الجديدة وهي هنا تتمثل في الدكتور الربيعان.. والآخر في تقديم تلك القيمة والتعريف والاعتراف بها من قبل النخب الثقافية الكبيرة التي يمثلها في هذا الطرح الدكتور الغذامي.. وهذا النقطة تحديداً هي في تقديري القيمة الثقافية البليغة للمثقف النبيل..
الدكتور الربيعان -الحاصل على الماجستير من أمريكا في الإعلام وعلى الدكتوراه من جامعة الإمام- مثقف عميق وقارئ نهم وأستاذ متمكن في مجاله وتخصصه الإعلامي.. وله آراء شجاعة عرف بها في الوسط المتماس معه.. لكنه مقل في الكتابة والإنتاج شأنه شأن تلك القلة من المثقفين الحقيقيين الذي تواروا ليتصدر المشهد الأنصاف في كل شيء.