كنت في المدينة المنورة وفي رحاب ملتقى العقيق الثقافي الذي يقيمه نادي المدينة المنورة الأدبي في دورته السادسة بمناسبة مرور أربعين عاماً.
لقد احتفى المدينيون والمنتدون من ضيوف الملتقى بكل من: الرائد الأديب عبدالعزيز الربيع والرائد الشاعر محمد الرميح وإسهاماتهما الإبداعية والنقدية. كما احتفينا جميعاً بأسرة الوادي المبارك النواة الأولى للنادي الأدبي وتبادلنا وجهات النظر النقدية حول حركة الشعر والحركة النثرية (سرداً ومقالة ومسرحاً ) في المدينة المنورة إبان الأربعين عاماً.
ولم ينس المنظمون - وفقهم الله - أن يجعلوا ضمن ملتقاهم جلسة عمل أثيرة حول مسيرة الأندية الأدبية ومنها نادي جدة الأدبي والثقافي؛ حيث كان المتحدث مدير عام الأندية الأدبية سابقاً الأستاذ عبدالله الشهيل، الذي خصص حديثه عن الأديب الكبير والقيادي الأبرز رئيس نادي جدة الأدبي عبدالفتاح أبو مدين..
لقد قال كلاماً كثيراً وجميلاً عن هذه القامة الأدبية والإدارية والثقافية، وكنت أستذكر معه الكثير والكثير مما أعرفه (أنا) عن (الفتى مفتاح) لأنني عاصرت نادي جدة الأدبي الثقافي وشاركت في فعالياته منذ السنين الأولى لإدارة عبدالفتاح ابو مدين. وذاكرتي تختزن الكثير من المواقف الإدارية والقيادية لهذا الرجل المبدع الذي تجعل منه قائداً ديناميكياً ومجدداً إدارياً ورائداً تنويرياً. ولما جاء دوري للتعليق والمداخلة، كان الزمن قد فرض نفسه على الجلسة فاستأذن رئيسها الأستاذ الدكتور عبدالله عسيلان أن ينهيها قبل تعليقي للأسف الشديد..
وها أنا أدلي بدلوي عبر هذه المقالة التي يستحقها عبدالفتاح ولا بد من تحبيرها شهادة حق على الزمن الجميل والرجل الأجمل.
1- عبدالفتاح أبو مدين يمتلك كاريزما ثقافية وإدارية من نوع خاص ومتفرد.. يمتلك القدرة على إدارة فرق العمل. وهذه في حد ذاتها ميزة قيادية لا تتوافر إلا للرجال الأفذاذ.
أدار فريق العمل معه في قيادة النادي أيام المدّ الحداثي.. فلولا الغذامي والسريحي والسبيل وأبو بكر باقادر وعلى رأسهم ( الفتى مفتاح ) يقودهم رأياً وفكراً ومظلة قيادية لما عقدت ندوة قراءة التراث ولما ظهرت علامات في النقد ونوافذ والراوي وعبقر وجذور.
عبدالفتاح أبو مدين كاريزما قيادية وكفى !!
2- عبدالفتاح أبو مدين يؤمن بالعطاء ولا ينتظر المكسب ودائماً يقول العمل الإداري الثقافي مغرم وليس مغنماً، عبارة في اقتصاديات الثقافة لا يقولها إلا المخلصون، الفاعلون، أصحاب العطاء والعطاء والانتماء الصادق.
3- لولا عبدالفتاح وكاريزما (الفتى مفتاح ) لما نجح النادي في جذب رجال الأعمال والبلدية لتأسيس أول مقر حكومي للأندية الأدبية ( قاعة إسماعيل أبو داوود ) في وقت مبكر من عمر الأندية الأدبية.
4- لن ينسى المثقفون والأدباء موقف الفتى مفتاح من جائزة محمد الثبيتي وكيف حول مساء الجائزة من احتراب ضد الثبيتي من الظلاميين آنذاك إلى أمسية أدبية فكرية يحاضر فيها ضيف النادي الدكتور مصطفى ناصف في موضوع يلامس اهتمامات الجمهور المتشدد الذي حضر لإفساد الأمسية.
5- عبدالفتاح أبو مدين قائد يستشرف المستقبل ولذلك فتح المجال أمام المرأة للمشاركة في فعاليات النادي مستمعة ومشاركة عبر الدائرة التلفزيونية ثم شيئاً فشيئاً حتى كانت تشارك زميلها الرجل في قاعة واحدة.
6- عبدالفتاح أبو مدين آمن بقيمة الشباب ودورهم في تحريك المياه الراكدة فاستقطب الدكتور حسن النعمى وجماعة القصة التي كانت تقيم فعالياتها في جمعية الثقافة والفنون فظهرت جماعة حوار التي شارك في تأسيسها كل من سحمي الهاجري، على الشدوي, عبده خال، ورأسها حسن النعمي. فكانت جماعة حوار منصة جديدة للتنوير الثقافي والسردي يتبناها النادي وقاد مسيرتها (الفتى مفتاح) تشجيعاً ودعماً وتوثيقاً.
7- وأخيراً عبدالفتاح أبو مدين يسجل باستقالته ومجلس إدارته عام 1426هـ. سبقاً إدارياً وثقافياً يفتح به المجال للوزارة كي تدفع بالدماء الجديدة لإدارة الأندية الأدبية التي تسابقت نحو الاستقالة وهو موقف إداري رهيب يحسب للفتى مفتاح الذي أسميه: القائد المستنير!!
د. يوسف حسن العارف - جدة