نشأ والدي في حائل وفي سن السادسة عشرة اتجه للمدينة المنورة (1345 هـ) وسجل مع أول تكوين للجيش السعودي الرسمي، ونفعه أنه متعلم من كتاتيب حائل فنال مرتبة متقدمة، وفي الوقت ذاته لازم حلقات الحرم النبوي مساء فزادته من العلم الشرعي، ثم انتقل للعمل في ينبع، وفيها تعارف مع حمد الجاسر، وحدث أن رواتب المدرسين تأخرت لأشهر مما اضطر الشيخ حمد لبيع كتبه على قاضي ينبع، بشرط تسليمها بعد شهر من اتفاق البيع، وهنا يحضر والدي في القصة فقد استعان به الشيخ حمد ليملي عليه نصوصاً مختارة من كتاب معجم البلدان للبلاذري، حيث يحدد الجاسر صفحات يعلم عليها (من - إلى) ويجلس عند سراجه ليلاً، ووالدي يملي هذه الصفحات المحددة والشيخ يكتب، ومرت عدة ليال حتى نقل الجاسر كل ما اختاره من الكتاب بمعونة والدي، وبعد ذلك ومع تمام مهلة الشهر جرى تسليم الكتب كلها، ومن ضمنها وأهمها معجم البلدان، ولقد سمعت القصة من والدي في صغري، وفي أول لقاء لي مع الشيخ الجاسر في جدة عام 1980 سألني حين عرف اسمي عن الغذامي الذي كان في ينبع فقلت له ذاك أبي وقد روى لي قصة كتاب معجم البلدان، فتبسم الشيخ وقال اكتب عن القصة وأرسلها لي أنشرها، ولكني تأخرت عن ذلك تحت تسويف أني سأكتب سيرة والدي كلها مجتمعة، غير أن التوريقة الماضية حتّمت عليّ أن أستعجل هذه القصة قبل سائر القصص الخاصة بوالدي، رحمه الله.