ليتني كنت أعلم الغيب.. لاستكثرت من الخير وما فارقت مجلسك لقاءً واحداً.. لكن تطاول علينا الأمل وفرطنا في اللحظات التي تجمعنا بك.. وحينما أزف الرحيل اكتظت القلوب بالمشاعر وحيرتنا الأحاسيس المختلطة بين مستبشر وحزين.. يستحق الفيصل هذه المكانة بلا شك.. رجل أعطى التاريخ قلماً وسطر على صفحاته قصة كفاح وتستحقين أنتِ أن تفاخري به.. لكن لا نستحق نحن أن ترحلي !!!.. نحن في ربيع العمر معك يا نورة.. فلماذا تخرّفينه !!! لا يمكننا بعد هذا العمر أن نطوي ثلاثة وعشرين ربيعاً .. هكذا كطي السجل، لا نستطيع أن نتخيل المحافل من غيرك ولا العمل من دونك.
لا نستطيع أن نجلس هناك خلف الطاولة المستطيلة ونراقب كرسيك فارغاً.. أي لقاء سيجمع كل تلك الأمة من دونك !!! ألم يقولو لكِ.. انك حينما تسافرين لا نلتقي.. فكيف عندما ترحلين.. أي قلب شجاع يستطيع أن يتحسس أقدامه هناك على أرض وقف معك فيها..
يخيل إليّ أن كل الطرقات ستكون أنتِ ونغرق بها.. ( ثم كلا لا مفر.. ) لن نستطيع أن نختصر الزمن ونخلعك من أعماقنا.. لكن لعلنا نمارس الهرب منك في غيابك حتى لا نقبع في سجن الذكريات !! تبكين يا نورة ونحن مثلك.. لكن الدمع دمع.. كيف لم نعدّ لهذا اليوم ما استطعنا من رباط الخيل.. كيف لم نتخيله لحظةً واحدةً، كيف تتغير
حياتنا هكذا بقرار أليم سندفع من أجله العمر حنيناً واشتياقاً..
دعيك منَا يا نورة نحن نستطيع أن نطير لك في اليوم واقعاً وخيالاً.. ولكن ماذا عن أيتامك.. ومرضاك .. وأبناء الشهداء.. ماذا سنقول لبلسم وحرفة وبقية اللجان.. كيف سنتحمل عبق أنفاسك يملأ المكان ولا نستطيع أن نسرقه شهيقاً.. لك الله يا نورة.. كيف مضت ثلاث وعشرون سنة.. هكذا دون أن نتذكر منك موقفاً واحداً يجعلنا لا نبالي برحيلك ولا يعتصر الألم قلوبنا !!! ارحلي ما شئتِ أن ترحلي.. .. أنت هنا في بطين القلب حتى أذينه..
ارحلي يا نورة فأنت في قلوبنا وان قصمت ظهورنا المسافة وحجبتك عنا الأيام.. .. يبقى أن نعترف لك بسرٍ أنت تعرفينه.. كنتِ لنا النبض في قلب القصيم .. وكنا لك القصيم في نبض قلبك.. إذا لا تعتبين على قلب يغادر حينما يغيب النبض ، ولا نعدك أننا لن نشعر بحزن أليم فمثل هذه الوعود سهلُ نقضها.. ولن ننساك يا نورة.. فأنت خفقه ضمن خفقات قلبِ كل واحدةٍ منا إن غابت اختل نظامها.. لن نتراجع.. لأجلك.. لأجل القصيم ولأجل الوطن ولكن لا أعرف كيف سنعمل من دونك لكِ الله يا نورة.. كيف استطعتِ أن تكوني كل هذا، وكيف سنكون من بعدك؟.
- فوزية ناصر النعيم