الثقافية - محمد المرزوقي:
قرابة الخمس السنوات التي أمضاها الدكتور ناصر الحجيلان وكيلاً للشؤون الثقافية بوزارة الثقافة والإعلام، أسهم خلالها بكل ما في وسعه أن يقدّمه من خلال موقعه الإداري لمشهدنا الوطني الثقافي، محلياً وخارجياً، عاش خلالها الكثير من تفاصيل الحراك الثقافي، راصداً بمتابعته وحضوره الشخصي الحركة الثقافية في المملكة، بمختلف مجالاتها الثقافية، وفنونها الإبداعية.. الأمر الذي سيجعل من الحجيلان في مهمته الجديدة ركناً قوياً.. وذراعاً خبيراً لا تنقصه تجربة، ولا يتوارى أمامه مكن قوة أو مواطن ضعف.. ليكون (الاستشاري) المتمرس في الإسهام من موقعه الجديد في إدارة دفة الشأن الثقافي والإعلامي في المملكة.
قرار وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي بتعيين الحجيلان مستشاراً، وتكليف الأستاذ سعود بن نصار الحازمي بالإشراف على وكالة الوزارة للشؤون الثقافية، إلى جانب عمله مشرفاً على الإعلام الداخلي.. جاء هذا القرار بمثابة السؤال الأهم والأبرز في مشهدنا الثقافي المحلي، يصحبه حالة بالغة من المتابعة والاهتمام من مختلف شرائح المثقفين والمثقفات.
من هنا بدأت حالة من الترقب للوكيل الجديد الذي ستسند إليه (أم المهام) وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية، حيث تحول قرار الوزير إلى السؤال (الهام) والأبرز الذي يشغل الشأن الثقافي، مصحوباً بحالة ثقافية تتجاوز مجرد التأمل في منجزنا الثقافي (ما له.. وما عليه) إلى حالة مقارنة لواقعنا الثقافي عربياً.. وعالمياً.. في ظل عالمية الثقافة، وعولمة وسائل الإعلام والاتصال.. عطفاً على ما يفترضه المثقفون للعمل الثقافي في المملكة، بما يعكس الدعم اللا محدود للثقافة على المستوى الرسمي من جانب، وعلى ما يتطلبه العمل الثقافي من (نوعية) تجسد مكانة المملكة عربياً ودولياً، بما يوازي حضورها في جوانب ريادية أخرى، لتكون الثقافة (ذراعا) حاضراً على المستوى المحلي.. ومؤثرا فاعلا على المستوى الإقليمي لدى الآخر.
لقد جاءت أصداء قرار وزير الثقافة والإعلام، وخاصة في شبكات التواصل الاجتماعي.. بمثابة ردود تتخذ من كل قرار بهذا المستوى الوزاري (عتبة) لحالة من الترقب الثقافي، الذي أشبه ما يكون بحالة إلحاح للشروع في مراجعة ثقافية شاملة لمشهدنا المحلي.. تؤكد أهمية القيام بمراجعة حقيقية شاملة لحراكنا الثقافي عبر قنواته المؤسسية، ومن خلال وسائطه البرامجية المختلفة.. مراجعة جادة منطلقها التقييم والتحديث والتطوير، على المستويين: المؤسسي، والبرامجي.
حالة من الترقب التي تشغل هذه لأيام ذهن الساحة الثقافية، - وغير المستغربة - فيما يتطلع إليه المثقفون والمثقفات عبر هذا القرار الذي تحول إلى ما يشبه المرحلة (الانتقالية المنشودة)، إذ لم تعد انتخابات الأندية الأدبية الثقافية، والتوسع في أعدادها، ولجانها الفرعية، ودخول المرأة مجالسها، وتشكيل الجمعيات، وإقامة الملتقيات، وسماع التوصيات.. و(صيغ الجموع) من ندوات.. ومحاضرات.. وأمسيات.. إلا من قبيل المترادفات - غالباً- التي تتحدث عن الثقافة لا الحديث فيها، من خلال المنجز والنوع والتراكم.. وعبر الفعل لا ردوده!
تطلعات وترقب يحمل الكثير من هموم الشأن الثقافي، يلف مجملها الرتابة.. التكرار.. التناسخ.. النمطية.. الازدواجية.. ضعف الإقبال وتلاشي التأثير.. إذ جاء كل هذا على حساب التجديد والتحديث والابتكار والتطوير.. لتغيب المشاريع الثقافية الفاعلة، وتتقهقر تكاملية الفعل الثقافي (النشط) الذي لم يفلح في الاعتراف بغيابه تنح.. أو استقالة كانت بمثابة الإشارة إلى خلل ما.. أو مؤشر إلى مبدأ (قيمي) آثر صاحبه الابتعاد.. إلا أنها لم تكن أول الحلول..!