1
مر طفلٌ من هنا، يضحكُ للشمس..
وناغاهُ القمرْ
بين جنبيه ابتساماتُ الرضا...
وعلى الكفين، أكداسُ زهرْ
يحملُ الآمالَ للأطفال والأجيال...
وعلى جبهته، رفتْ بروقٌ ومطرْ
مر لا يثقله الهمُ ...
ولا تبكيه أشتاتُ العَـنا
فرأى الطفلُ سياجاً، من ورودٍ وثمر
وطيوراً شربت حباً، وأشجاها الغِـنا
وتـُناجيها ابتهاجاتُ الصباحاتِ..
بأحضان الشجرْ
مر ثم اجتاز أبواب الرضا
فبكى، عند جراحات البشرْ
شهد الطفلُ انكساراتٍ
كأ ضراس الحجر
وبكاءً وارتهاناتِ كدرْ
كلما أثقلهُ الهمُ وأضناهُ الضجرْ
وتماها كي يريقَ الحزنَ من أشجانهِ
أسْـرَجتْ إدلاجَها عينُ السهرْ
طاف هذا الطفلُ في كل المدائنْ
يحمل الآمال.. يستجدي
مقاماتِ العُـلا
فرأى الناسَََ بأصفاد الصراعات
رهائنْ
ورأى في الساحة الحمرا
دماءً وبكاءً وهِـياجاَ وضَغائنْ
كان (لينينُ) المسجى ...
واقفاَ في الساحة الحمراءِ مكلومَ الفؤادْ
يخطبُ الناسَ وفي العينين دمعٌ وسُهادْ
يحملُ المطرقة َالحمرا وفي يُـسراهُ كأسٌ من رمادْ
كم شربتِ من دماء الناس، يا أيـتـُها الأرضُ البوارْ؟!
أين ذاك الدم ُ ...ذاك الحلمُ، يا أقسى الديار؟!
كان بُـؤساَ كان وهماَ، كان كفراَ وعنادْ
كان جُرحاَ، أفرزتهُ حُقبُ الطغيان ِ، والأحقادِ والأصفادْ
2
سمع الطفلُ هياجاَ في سماء الصينْ
(ماو تسي تنقْ)...
يرتدي بدلتـَه الزرقا
ينادي بالمريدين
يلعبُ النردَ مع الصبية، في مقهى شِـنـْغـَهاي
ويقودُ الحرسَ الأحمرَ في ساحات بكين
والشبابُ الحمر...
يلقون تعاليمَ كونـْفـُوشـْيـُس، في مياه البحر
ويسوقون لاوتسُو، نحو سيفِ المقصلة ْ
ويرون حكمة َالصين، ومجداَ قد بنـَتـْهُ
عبرَ آلاف السنين
عفنَ الماضي، وجذرَ المعضلة ْ
يعقدون حِلق الرقص، على أشلاء تـِنـّين
ويرون الشمسَ حمراءَ تـَبـَدَتْ لشعوب ِالأرض
من مفرق ماو
وسِلالَ الخُصبِ، نهراً في اليدينْ
3
أين (لي بو).. شاعرُ الحب الذي كان يُغني...
عشرَ آلاف قصيدةْ
يملأ الصينَ، ابتهاجاً وطربْ
في السُهوب الخضر
في ظلال الخوخ والصفصاف
والماءُ جرى مثل اليـَشـَبْ
يتلوى بين زهرٍ وعُـشـُب
ويغني لمروج الإقحوان
وعناقيد العـِنب:
أيها الريحُ التي مرتْ على أحبابنا
املأي الوجدان... عشقاًَ وغناءْ
وخـُذيني، من كآبات الليالي..
ومقاساة العناءْ
وامسحي عن جبهتي... هذا التعبْ
4
قرع الطفلُ بخفيه، رصيفَ العابرين
ومشى ثم مشى، نحو مغيب الشمس
قاده تيهُ المفازات، لعـُتـْمـَات الأنين
يحملُ الدَهْـشة َوالرَعْـشة ..َفي لحن الجنوب
ويُغني لمسارات الشعوب
فاجأته، ريحة ُالبارودِ سوداءَ
وضجاتُ الجنودْ
وبـُكائياتُ أطفال ِالهنودْ
حينها باغته، دمعٌ على الخد انـْحدرْ
ربطوا الخيلَ بأذناب البقرْ
ومضوا... تسفعهم ريحُ التعالي والرعونة ْ
يزرعون الشجر المر، ويقتاتـُون بغياً وعُـفـُونة ْ
أوقدوا النارَ بأكواخ الهنودِ الحمر
رقصوا في ظلمة الليل، على آلام شعبٍ يقـتلونه
طبخوا الأجسادَ في نهرٍ جرى في هِيْـرُوشِـيما
واستباحوا حرمة َالإنسان، في كل الصورْ
يستحمُ (الفوهرر)، بنهر السين...
والسينُ لهيبٌ ودموعٌ وبكاءْ
ثم يستلقي يغني، بسرير الكبرياءْ
عندما يجتاح باريسَ.. رجيعُ الغثيانْ
عندما ينتظر الموتُ.. مُريبا ًوغريباً
كان (كامو)، في الجزائر
يلعقُ الطاعونَ، في أسواق قِـسْطِـيْن َووهرانْ
كان فرناندو يحملُ السيفَ الذي
يقطرُ كُـفراً ودماء
قطعَ الحبلَ الذي يوصلُ مابين شهودِ الأرض...
وأبوابِ السماءْ
سيرة ٌأورثها الأباءُ للأبناء
إنهم فيها سواء بسواءْ
غاية ُاللذات في محْـفـَلِهم، أن يشربوا نخبَ التعالي
أن يديروا شهوة َالمكر، وأن يستعبدوا كلَ البشر
شرحُوا، واجْـتـَرَحُوا، وبأشلاء الضحايا فـَرِحُوا
وأداروا بينهم، أنخابَ ليلٍ مُعْـتـَكِـرْ
آه (لوركا )...كم تـَغنيتَ لمجد الضعفاءْ
ولخبز الفقراءْ
ولآلام الغجرْ
مُتَ حتفَ الأنف، في غرناطا
وينعاك القمرْ
5
كان ليلاً حالكاً... يثقـِلُهُ النومُ
وكان الليلُ.. غولاً يتـَعَسْعَسْ
أشرقتْ في الغار اقرأ...
فتـدلى الروحُ، إلى قلب محمد
قاب قوسين وأدنى
ف (إذا الصبحُ تـَنـَفسْ)
فإذا الآفاق نورٌ، فُتحتْ.. مابين أرض ٍوسماءْ
وإذا الطفلُ تملـّى، سورة َالإخلاص
وعهدَ الأنبياءْ
قمرٌ.. هدْهـَدَهُ الوجدُ على وديان سينا
والرمالُ العفرُ، تكتضُ بأشواق الحنين
وبتذكار التـَجلي
وبنار المصطلينْ
وحمامٌ طار من أروقةِ القدس.. مَهـِيضاً
بين جاكرتا وطنجة ْ
يسألُ النهرينَ، عن أرض السوادْ
وعن الفجر الذي يحجـُبُه الليلُ
وتقصيه ارتهاناتُ البلادْ
والفراتُ العذبُ، يجري قانياً
بعبيط الدم
والعصافيرُ أبـَتْ أن تتغـنـّى
ونخيلٌ وقفتْ مثلَ شيوخ ٍ
صدعتهم حادثاتُ الدهرِ
والإعصارُ، نخـلٌ يتـثـنـّى
أيها الليلُ الذي.. قد أُسْرِجتْ
خيلُهُ، تركضُ بالتيه، وتقتاتُ غبارَ العاصفة ْ
وتنادي الشامَ، والشامُ جـِراحٌ راعفة ْ
أطفـَئوا الشمسَ
ولكنْ بيقيني.. وبإشراقات صبري، ونضالي
والأماني الواقفة ْ
عانقَ الطفلُ خيوط َالفجر...
صلى ركعتين
ثم نادى: يا شعوبَ الأرض... يا كلَ الشعوب
إنه الفجرُ الذي لابدَ أن يأتي... وإن طالَ السفرْ
فوق غيمٍ، سح مجداً، سح نوراً، وانعتاقاً ومطرْ.
سليمان عبد العزيز العتيق - حائل في 21 - 5 - 1436هـ
تويتر: @solimanalateeq