أنا..لا أحد
وأنت من تكون!..هل أنت أيضا لا أحد؟
وإذاً..
فثمة اثنان منا، وإياك أن تخبر أحدا!
وإلا ألقوا بنا في المنفى.
إيملي ديكين
سأعترف اليوم أنه ما من شهية للكتابة. وأنها ما عادت تكفي أو تليق بالوجع الذي اتسع على كل المساحات.
وأعترف أيضا أن هذا لا يعني أحدا سواي أنا لكني أقوله على الأقل من أجل المساحة التي وهبت لي ومن أجل الاعتذار من كل المحبين.
ولكم كنا نظن اننا نغوي الدنيا بهذه الكتابة ونغري الشجر أن يتجاوز ظله قليلا بما يكفي لموطئ فراشة غير أننا انتهينا للسواد.. ولم نعد أكثر من منادين على بضاعة في مزاد كساد أو مغنيين لمقاعد منسية في أحسن الأحوال.
وآن لنا أن نعترف وربما للمرة الألف أننا عاجزون عن جعل هذا العالم أكثر تسامحا وعاجزون عن رسم نافذة صغيرة في جدار وحتى عن التبشير بالأمل وما هو الأمل.؟
وأننا لسنا أكثر من حالمين يشربون القهوة بالحبر ويلونون السماء بلثغة الأطفال ويحلمون.
ولكم حاولنا ردم هذه المساحات بالحبر والمصافحة وأحيانا بالغناء هذا النشاز الذي ينبت في الغمازات ردائم فل.
وأحايين كثيرة بالتغابي غير أنها (وأعني الكتابة) لم تعد أكثر من مشاركة غير نزيهة في احتفالية عبثية تجاوزت كل فنتازيات الخيال.
حتى أننا عجزنا أن نضيف للحياة رصيفا صغيراً لعاشقين طاردتهما الأمكنة وعجزنا عن رسم شاطئاً بعيداً تستريح فيه النورس العائدة من رحلة شتاء طويلة نحو دفء الجنوب وأكرر أيضا أننا عجزنا أن نجعل هذا العالم أوسع قليلا..قليلا بما يكفي ليعود الصدى إلينا ولا يبتلعه الفراغ ولكن خاب كل شيء..وفاز الفراغ بكل شيء... وبقينا.
واليوم لا شيء يليق بهذا الوجع عدا الصمت والذهاب بعيدا نحو تخوم الغياب وربما الحلم
ولكن هل يجزئ الحلم ويغفر الغياب ؟ ثم إنه ويل للحالمين وويل للذين بلا أحلام أيضا. والوقت مباح لمجانية الحياة وللسنوات التي لم تعد تعني شيئا وللعمر المتقافز بين أيدينا كحبات البرد وللقتل
وهل الفرار نحو الأمام الملاذ.؟
وهل فراغ الأيام من كل ما يبهج مبرر كاف لاستنساخ الأمس وما قبل الأمس وما قبله والركض نحو تخوم النهاية عل هناك ما يبهج ولا شيء هناك لا شيء. وأعرف أنهم وحدها قبيلتنا قبلية الحزانى من سوف يبكي من أجلنا إن صمتنا وتبكي علينا ومن إجلنا إذا ما ضاقت بالصلاة الملاذات وأنهم وحدهم قبيلتنا من قال يكفي أنك تكتبنا ونحن سنصمت فما عاد من حبر ينصف الأبجدية..وما عاد من حبر يوحد مساءات أقارب الفقد ويكون البديل عن تذاكر السفر،
البديل عن الغياب.
عمرو العامري - جدة