كان اللقاء الأول بيننا في دورة لتدريب المدربين أقيمت في الرياض إثر مشاركة صوتية لها، صوت أشعرني بالهيبة وكلمات تستتر خلفها معاني حكمة السنون عرف الجميع بأنفسهم وكان كثير منهم يعرف بنفسه من خلال ألقابه ومناصبه وأحياناً منجزاته فيطيل حتى ننسى اسمه إلا هي؛ قالت بتواضع زادها رفعة أختكم وسمية المنصور، فقط هذا كل شيء وماذا عساها أن تقول قبل أوبعد اسمها، وهي التي تعرف بنضجها الفكري وقلبها النقي أن تعريف الإنسان بألقابه ألقى به خارج حدود القلوب وما هي إلا بعض كلمات ومداخلات وتساؤلات فحتى أدركت أن الله منحني وسام الفخر بحضور أمثالها كنت مخطئة، تعلمت منك كذا، لا أدري، أشكرك لتصحيح مفهومي، كلمات لا يقوى عليها سوى الكبار فلم يمنعها قدرها ولا عمرها من أن تتعلم ممن هو أقل علماً وعمراً وقدراً وختمت الدورة بقولها وأمام الجميع، ياليتني تعلمت ذلك قبل ثلاثين سنة من الآن أي قلب يتسع لذلك وأي نفس تقوى على ذلك وأي خلق يقدر على ذلك انتهت الدورة لتبدأ العلاقة العلمية مرة بتواصل مباشر ومرات أجدني متصلاً بها عبر مقالاتها وكتاباتها وتعليقاتها كنت أسمع عن العالم الموسوعي ولكني لم أجد ساحله إلا في بحر علوم أستاذتي وسمية أقرأ لها في النحو فأخالها خلقت له، وأقرأ لها في الصرف فأقول هي ممنوعة عن غيره من الصرف تكتب عن الأنثى فأقول سفيرة عنها، فأقلب منتجاتها الفكرية فأجد (صورة المسن في التراث اللغوي) تحت مشرط نقدها ومحاورة لفتى مع الحجاج فوق مائدة طرحها، حتى الطفل لم يفطم من مأثور قولها ومنقولها تنوع فئوي لا يقدر عليه كل أحد، هي تكتب للعقل ولا يحدها العمر أوالجنس أوالشكل تعلمت في مصر وغيرها وعلمت في السعودية وغيرها، لذا تجدها تكتب دون الاعتراف بالحدود الجغرافية فمن أمثال القصيم إلى قيم فلسطين ومن الكويت إلى جوار الكميت ظننتها تركز على التراث والقديم ولكني اكتشفت أن عجلة إداركها تواكب الزمن فتكتب عن لغة الإعلام وعن لغة الجوال إن صحت التسمية وعن مستجدات اللغة المعاصرة كما تسميها (العربيزي) حين تكتب فإنها تكتب بشمولية بعيدا عن التهويل أو التهوين وبعيدا عن الحدية في الرأي والإسقاط على الآخر والتهميش سألتها مرة عن رأي ما فأجابت بإجابات كثيرة محتملة تؤيده وتعارضه من عدة أوجه وسألتها عن الترجيح لديها فقالت الآن لا أدري فتذكرت قول بعض السلف إذا زاد علم المرء زاد تردده - زادها الله من فضله - انتهى وصفي لساحلحرها ولم ينته عجبي من حرصها على الطلب والتعلم ومن تواضعها ورقي تواصلها مع الجميع.
- ياسر الحزيمي