الأستاذة الدكتورة وسمية المنصور عطاء ووفاء شخصية راقية، وأستاذة قديرة، وباحثة قلَّ لها نظير، إنْ تحدَّثتْ أصغتْ لها الآذان، وأُشِير إليها بالبنان، وإنْ غابتْ اشتاقتْ لها القلوب، وحَنَّتْ لعطائها الدؤوب، لا ينكر فضلَها إلا جاحد، ولا ينْسى عظيمَ مناقبها إلا حاسد. إنَّها الأستاذة الدكتورة وسميَّة بنت عبدالمحسن المنصور، أستاذة النحو والصرف في قسم اللغة العربية -كلية الآداب- جامعة الملك سعود، وُلدتْ بالكويت، وحصلت على درجة الليسانس في الآداب والفلسفة، كلية الآداب جامعة القاهرة - ودرجة الماجستير في النحو والصرف، كلية البنات جامعة عين شمس القاهرة،عن بحث: (صيغ الجموع في القرآن الكريم وحصلت على درجة الدكتوراه في النحو والصرف، كلية الآداب جامعة القاهرة، عن بحث: (أبنية المصدر في الشعر الجاهلي). وعملت بجامعة الملك سعود منذ عام 1408هـ، 1988م، وتدرجت في الترقية إلى أستاذ دكتور في عام 1428هـ. أما جهودها العلمية والعملية فهي أكثر من تُحصى في هذه الوريقات، وسآتي على ذكر بعض منها. الأستاذة الإنسانة الفاضلة الدكتور وسمية عرفتها قبل أكثر من ثماني سنوات، ومازلتُ أذكر أوَّل لقاء جمعني بها في مكتبها بقسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود، فبادرتني بالترحيب، واحتضنتني بين ذراعيها، وأفاضت عليَّ بحبها وحنانها -ولم تكن تعرفني من قبل-، فجذبتني بتواضعها، ورائع حديثها، وصدق مشاعرها، فكان لي الفخر بشرف معرفتها، وكريم صحبتها. وقد تأثَّرْتُ بأُستاذتي الإنسانة الراقية، وبنُبْل أخلاقها، فالعطاء أساس في تكوين شخصيتها، والوفاء هي أصله، تذكر مَنْ له فضل عليها ولا تنكره، فطالما تحدثت وأثنت على أساتذتها ومَن علَّمها حرفا، وكان لأستاذها وزوجها الأستاذ الدكتور أبي أوس إبراهيم الشمسان النصيب الأوفر من المدح والثناء والشكر، كما تملك روح المرح والتفاؤل، تُدْهشك سرعة بديهتها، وبلاغة منطقها، إنْ تحدَّثتْ في العربية أبدعت، وإنْ تناولتِ الشعر والأدب أدهشت. تغمُرُك بكرمها، وحُسْن ضيافتِها فكأنَّك بجود حاتم تنعمُ. وتفيض بالحكمة وبُعد النظر وسداد الرأي فكأنَّها من حكمة لُقمَان تنهلُ، فقد علمتنا أنَّه ينبغي لنا أنْ نزرع دربَ الحياة بالمحبة، ونفرشه بالصبر، ونضيئه بالتفاؤل، ونمشي فيه بإيمان من غير شك، وثقة من غير غرور، وتواضع من غير ذل، وطموح من غير طمع. وأُعْجِبْتُ بشخصيتها العلميَّة فهي باحثة متميزة، وعالمة مبدعة، يبدولك جليًّا في اختيارها لموضوعات أبحاثها، وطريقة عرضها للمسائل ومناقشتها، وإبداء الرأي في شجاعة أدبيَّة تعبِّر عن ثقتها بنفسها، متحرية الصواب، ومعتمدة على الحجة والدليل، وكأنَّ لسان حالها يقول: وإنِّي وإنْ كُنْتُ الأخيرَ زمانُه لآتٍ بما لم تستطعه الأوائلُ وبلا مبالغة لو كان للعربية إمام من النِّساء لكانتْ أهلا له، يشهد لذلك الكم الوافر، من الأبحاث والدراسات، والندوات، والمناقشات، والدورات. والأسلوب الساحر في التحليل والاستنباط. والمتأمل في آثارها العلمية سيدرك أنه أمام موسوعة علمية ثقافية، حائزة على الريادة، ومستحقة للسيادة، وإليكم بعضا من دراساتها ومؤلفاتها، منها على سبيل المثال لا الحصر:
-نقل الحركة في الصحيح- كان وأخواتها من المعجمية إلى الوظيفية.
-من أمثال القصيم- دراسة في المضمون والصياغة.
- عيوب الكلام (دراسة لما يعاب في الكلام عند اللغويين العرب).
- ظاهرة التعدد في الأبنية الصرفية.
- توظيف المأثور القولي في تنمية لغة الطفل.
- بحث (الدلالات النفسية والسلوكية لدى المتحدث باللغة الأجنبية في غير سياقها).
- التواصل غير المنطوق في ديوان عمر بن أبي ربيعة- مستوى التبادل البصري نموذجا) - من مستجدات الخطاب والتواصل - رسائل الجوال نموذجاً. وكانت لها محاضرات وندوات داخل الجامعة في قسم اللغة العربية، والأقسام الأخرى، وكذلك خارج الجامعة فلم تضنّ بوقتها وعلمها، فكانت كالغيث حيثما وقع نفع، فاستفاد منها القاصي والداني، وتنوعت موضوعاتها ما بين لغويَّة، وثقافية، ولم تنسَ قضايا المجتمع واهتماماته، فلقي ذلك استحسان كُلَّ من حظِي بالاستماع إليها.
ومن تلك المحاضرات:
- لغة الشباب في مواقع التواصل الاجتماعي في قسم الإعلام - جامعة الملك سعود - محاضرة (مزايا الإنترنت وعيوبه). كلية العلوم- الملز / جامعة الملك سعود - محاضرة ( ثقافة الاستهلاك) مركز الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في القصيم - محاضرة (من مستجدات لغة الخطاب والتواصل - رسائل الجوال نموذجا)؛ اليوم الثقافي - كلية الآداب - جامعة الملك سعود.
- محاضرة (نعم للاختلاف لا للخلاف)؛ مهرجان عنيزة - الجمعية الصالحية - وللإعلام نصيب من اهتمامها وإبداعاتها المتنوعة، فلها زاوية أسبوعية ثابتة في صحيفة اليوم السعودية منذ عام 1418هـ/1998م، إلى 16-7- 2009م. كما شاركت في رسالة الجامعة. جامعة الملك سعود (زاوية أسبوعية). من 2002- 2003م، إضافة إلى مشاركتها في العديد من البرامج الثقافية في الإذاعة والتلفزيون. وإضافة إلى هذه الجهود الكبيرة فهي أستاذة قديرة، وقدوة صالحة، في الأخلاق واحترام الأنظمة، وأداء رسالتها في التدريس ومناقشة الرسائل العلميّة، والإشراف على الرسائل بتفان وإخلاص، ولمستُ شخصيًّا -عندما كنتُ وكيلة لقسم اللغة العربية- محبة واحترام الطالبات لها، وحرص الجادات منهنَّ والمحبات للعلم، ورغبتهنَّ وإلحاحهنَّ الدائم على التسجيل في شعب موادها. وعلى رغم عظم المسئولية التي تحملتها، وتعدد مهامها، نجدها مبتسمة ودودة متفائلة، تتجاوز عن الهفوة، وتسامح من أساء إليها، وتُذكي شعلة الأمل في النفوس، تمدَّ يد المساعدة لكلِّ مَنْ قصدها، فكم أزالت العثرة، ومسحت الدمعة، فوَسَمَتْ في القلوب محبتها، وخلَّدتْ في الأذهان ذكراها، وكم آلمنا جميعا قرارها بالتقاعد عن العمل، إذ يصعب تعويض شخصها، فقل أنْ جاد الزمان بمثلها. وكم أسعدتني -في الوقت نفسه- تلك المبادرة الطيبة بتكريم أستاذتنا الغالية، فالوفاء لأهل الوفاء من شِيَم الكرام، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان. واعترافًا بفضل أستاذتنا الفاضلة الدكتورة وسميَّة المنصور فإنني آمل أن تكون أعمالها وآراؤها عنوانا لأبحاث ودراسات تليق بعطائها وجهودها الرائعة.
وبعد.. فما ذكرته عن أستاذتي غيض من فيض، وقطرة في بحر علمها وعطائها، أمَدَّ الله بعمرها، وبارك لها في جهودها، وجزاها عنَّا خير ما يجزي به عباده المخلصين المؤمنين. وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
د. وداد بنت أحمد القحطاني - وكيلة قسم اللغة العربية جامعة الملك سعود سابقاً، وعضو هيئة التدريس بالقسم