الثقافية - محمد هليل الرويلي:
شذى الخطيب روائية يمنية جعلت من الحكمة اليمان منطلقا لمشوارها الكتابي الذي عايشته في المملكة العربية السعودية منذ نعومة أظفارها لأكثر من عقدين.. «المجلة الثقافية» ومن منطلق دعمها واحتوائها سلطت الضوء في هذا العدد على أحد الأقلام الشابة التي تتسلق سلم الإبداع وترسم تقاسيم جماله من خلال عمق خبراتها ورؤيتها للنفس الإنسانية وإدراكها لحساسية القضايا والتفاعلات المجتمعية من الداخل..
للرواية في حياة كل شخص قصة ميلاد ونشأة ومعاش بعوالم كل روائي.. شذى كيف عاشت هذه الميلاد في روايتها «بيت البنفسج»؟
- عام 2006 فكرت أن أكتب رواية وكانت عندي مجموعة من الأفكار والخيالات التي أود طرحها في رواية وكانت فكرة رواية بيت البنفسج تراودني بقوة وكتبتها بأسلوب مختلف مع احتفاظي بذات الشخصيات الواردة في الرواية. احتفظت بها في «فلوبي ديسك» ولكن مع تقدم التقنية لم يعد يجدي نفعا استخدام الفلوبي الذي حبست الرواية فيه إلى أن جاء عام 2009 وقررت احتراف عالم الكتابة وكتبت العديد من القصص الطويلة والقصيرة حتى قررت إعادة كتابة بيت البنفسج، ولكن البدء فيها من حيث ما انتهيت في النسخة التي ضاعت أي أكملت على الأحداث التي كتبتها لأني وقتها وتوقفت عن الاستمرار لعدم قدرتي على سرد أحداث جديدة مشوقة. وهي عبارة عن خبرات طويلة في مجال القراءة والكتابة والخبرات الحياتية جمعتها في كتاب واحد.
اختزلت تجربتك الأدبية في هذه الرواية كما ذكرت وعدت في صياغتها ما الجديد الذي قدمتِه لها وكيف تختلف عن بقية رواياتك التي سبق لك نشرها؟
- امتازت بكثرة عدد صفحاتها 432 بخلاف بقية رواياتي: الزنبقة السوداء، وأوراق رابعة، وابنة الريح، التي لم يتجاوز عدد صفحاتها 140. لذلك اعتبرها قصصا طويلة وليست روايات بالمعنى الحرفي. وتميزت بكثرة الشخصيات والعديد من القصائد النثرية التي وردت على لسان الشخصيات تعبيرًا عن حالة نفسية معينة ضمن أحداث الرواية.
روايتك (بيت البنفسج) عنوان جاذب. ما سر التسمية؟ ولماذا لم تتركي نهاية الرواية مفتوحة كعادة بعض الكتاب؟
- بيت البنفسج كما سيلاحظ القارئ في بداية الفصل الأول تتحدث عن بيت زرعت في حديقته أزهار البنفسج وقد زرعتها سيدة البيت تعبيرًا عن حبها الصامت لزوجها فهي تربت في بيئة محافظة تخجل من التعبير عن مشاعرها فقررت زراعة أزهار البنفسج تعبيرًا عن حبها الصامت لزوجها وهذا ما تعنيه أزهار البنفسج. أما بالنسبة لموضوع النهاية المفتوحة فلم يعد يجدي نفعًا، ذلك خاصة أننا في عصر التلفاز والنت. وهو أسلوب اعتمد عليه الكثير من الأدباء العالميين وهذا يريح القارئ كثيرًا ولا يجعله يسأل لماذا لم يرحني الكاتب وأعطاني نهاية واضحة؟ لذلك فضلت أن أعطيه وجبة دسمة من الأفكار والمشاعر ونهاية مقنعة لكي أشعره بأنه لم يضع وقته في قراءة كتابي وندمه على شرائه. بل تكون أفكاري ومشاعري لها تأثير قوي على القارئ مما يشجعه على قراءة الرواية مرة أخرى.
في الرواية العديد من الشخصيات والنصوص كيف استطعت الحفاظ قوة سرد الرواية؟
- لا أنتقل من فكرة إلى أخرى إلا وأعلم جيدًا أنني أقفلت الفكرة بشيء يرضي القارئ مع ترك مساحة من التشويق له لمعرفة نهاية كل حدث أو فكرة وردت في الرواية. النصوص قد تكون طويلة بعض الشيء ولكن ما يهم جمالها الذي يعبر عن الحالة النفسية للشخصية التي سوف يستمتع بها القارئ ويجد نفسه بها وكأنها تعبر عن دواخله ورغباته ومشاعره وأفكاره الخاصة الذي ربما لا يمكنه البوح بها.
ما سبب تأجيلك لرواية بيت البنفسج رغم أنك كتبتِها عام 2010؟
- كانت الرواية قد نشرتها في الفيس بوك كبقية كتاباتي عام 2010 وكانت أيام لا تنسى كنت أكتب فصولها وأنشرها بذات اليوم وقد حظيت بشهرة كبيرة ومتابعين كثر وكانوا متشوقين لقراءة بقية الأحداث والبعض لا ينام إلا إذا قرأ منها جزءا أو فصلا. فعرفت قيمتها لذلك تركتها جانبا لأنها تستحق أن تأخذ وقتا للمراجعة وبأفكار جديدة قوية تضاف عليها. عرضتها على دار ورق الإماراتية والمتمثلة بشخصية السيدة عائشة سلطان التي أشكرها على نصيحتها بأن علي أن أزيد أحداثا على الرواية وأعطي للشخصيات بعدا أكبر، وقد استفدت جدًا من نصيحتها وأعطيت للشخصيات مساحة أكبر وأعطيت روحًا لشخصيات كانت مجرد اسم في الرواية. وأضفت نصوصا كنت كتبتها بشكل منفصل عن الرواية. ووضعتها بما يتناسب وحدث الرواية. وشاء القدر أن تنشرها دار سما التي حظيت بنشر «ابنة الريح» معهم ثم «بيت البنفسج».
لك خبرة في مجال القصة الطويلة والقصيرة خاصة أن لك تجربة بنشر خمس قصص قصيرة في مجلات خليجية ولكن لم نجد لك كتابا فيه مجموعة قصص. فاعتمدت على الرواية فقط ولماذا؟
- القارئ حاليًا له شغف بقراءة الرواية لذلك صنعت لنفسي اسما أولا في مجال الرواية وبعد ذلك عندي الآن مشروع قصصي بعنوان للكبار فقط، يتكون من ثلاثة أبواب؛ الباب الأول عبارة عن حوار بين زوجين بعنوان هذيان زوجين ويتناول حوارا اجتماعيا عاطفيا نفسيا لمختلف القضايا الاجتماعية والتربوية المهمة التي يعاني منها المجتمع العربي. حوار هادف لا يخلو من التهكم والسخرية أحيانا. تجد نفسك أمام هذيان جميل مفعم بالحياة والروح. الباب الثاني عبارة عن قصص طويلة تتحدث عن مشاكل المرأة في عالمنا العربي من حيث القضايا الإنسانية والقصص نماذج كاملة للحوار التي دار بين الزوجين في الباب الأول، حيث تكلمت عن الهجرة والخيانة والعفة وغيرها. أما الباب الثالث فهو عبارة عن قصص قصيرة مكملة أيضا للحوار الزوجي على لسان شخصية محددة فقط وهي جاهزة للطبع.
درست في الأردن وتخصصت في الإرشاد والتوجيه التربوي النفسي والاجتماعي ماذا كان تأثير كل ذلك على كتاباتك؟
- تمتاز الأردن بطبيعة جميلة، خاصة أن الحياة التي عشتها في السكن الداخلي للطالبات أعطتني الكثير من الأفكار بالإضافة إلى أن السكن يطل على مروج تتلون على حسب الفصول وسماء رحبة تمكني من تأمل النجوم ليلاً وأصوات البدو ومعازفهم ورعيهم كل ذلك ساهم على حبي للطبيعة وجمالها وأعطاني بعدًا غنيًا من الأفكار الجميلة وعشقت الطبيعية بكل ما فيها ودراستي لها الخير الكثير فيما أكتبه فقد جعلتني أمر بتجارب مهنية جميلة جدًا عرفتني على الكثير من النماذج البشرية التي ربما لن ألتقي بها إذا درست تخصصا آخر. كل فئات المجتمع من خلال دراستي عرفته وتقربت منه كما جعلتني أفهم السلوك الإنساني وأتوغل به وأصفه كما هو دون مبالغة، لذلك الكثير يشعرون وكأنني أكتب عنهم. برأيي الكاتب الجيد عليه أن يدرس علم النفس ويتمكن منه لكي يصبح كاتبًا خلاقًا.
تتحدثين في نصوصك الأدبية عن الوطن والألم والدم ما سبب ذلك؟
- نحن في فترة عربية صعبة وكلما مرت تزداد قسوة وألما خاصة بما يمر به وطني من مأساة بسبب المخلوع علي صالح والحوثي المستبد، وهنا أشكر الملك سلمان الذي عمل مع التحالف العربي على إنقاذ اليمن من شر هؤلاء والنصر قريبًا -بإذن الله- وقد كتبت نصا أشكره نشر في الصحافة السعودية. لذلك شيء طبيعي أن أتفاعل أدبيًا بكل ما أعيشه من أحداث سياسية واجتماعية وهناك مشروع رواية سوف تتناول ما يجري من أحداث في اليمن. كنت قد كتبت سابقا رواية تتحدث عن الحروب التي مرت بها اليمن بشكل خاصة الحروب التي مرت بها منطقتنا العربية بشكل عام والآن جاء وقتها لأكملها لما وصلنا له من أحداث من حيث الربيع العربي وأيضا من حيث ما يجري في اليمن وعاصفة الحزم والأمل وستكون مادة تاريخية جميلة لكل قارئ عربي بإذن الله. لذلك أنتظر انتهاء الحرب حتى أبدأ بإعادة صياغتها لنشرها والنصر بإذن الله حليفنا.
الأزمة الأخيرة في اليمن شغلت المبدعين بالمتابعات السياسية كيف ترين تأثير تلك الأزمة على المشهد الثقافي؟
- انشغل الكتاب وتحديدًا عبر مواقع الحوار كالفيس بوك بإعطاء رأيهم حول الضربة معظم الكتاب إن لم يكونوا كلهم وتحديدًا من كان منهم خارج اليمن كانوا مع الضربة لما وجدوا فيها من خلاص لحياة البؤس الذي يعيشها المجتمع اليمني مقارنة بالدول الأخرى بالإضافة أن الحياة العلمية والأدبية كانت تتدخل فيها الواسطات والمحسوبيات في البحث عن الشهرة والنجاح. بشكل عام الكاتب اليمني كاتب حر ورغم هذه الحرية إلا أنها لم تعط نتيجة في إصلاح النظام الذي كان ديدنه (اكتبوا ما شئتم وسوف أفعل ما أشاء).
هناك الكثير من المراكز الثقافية في مدينة تعز التي تعتبر عاصمة للثقافة التي أنجبت الكثير من المثقفين سواء كان على المستوى الأدبي أو المهني. والحركة الثقافية متمثلة بشخصيات متميزة وهناك الكثير من الكتاب الشباب سواء في اليمن أو خارجها عالم الكتابة قدمني للتعرف على أشخاص لم أكن أحلم بالتواصل معهم.. مثل السيد أحمد المسند مدير إستراتيجية حي «كتارا» الثقافي في قطر، والشاعرة القطرية الجميلة سميرة عبيد، والكاتبة الصحفية حليمة مضفر، والشاعر السعودي المبدع محمد جبر الحربي.
كل ما أتمناه أن أرفع اسم وطني والعالم العربي بما أكتبه من رقي إنساني وأن أكون حاضرة دوما في المشهد الثقافي لتحقيق ما أصبو إليه وأن أنشر الحب والسلام الداخلي في الإنسان لأننا بالحب نبني الأوطان والكلمة الأدبية الجميلة لها تأثيرها على النفس الإنسانية، خاصة أننا شعوب عاطفية فعلينا أن نهتم بما نقوله وكيف نوصله للقارئ العربي الشغوف لكل كلمة جميلة وأن كان البعض يحارب ذلك إلا أننا بالاجتهاد والمثابرة سوف نصل لتحقيق ما نريده.