هكذا كنتَ:
تفرحكَ أفراحُ غيرِكَ
وتحزنكَ أحزانك..
كأنما أنتَ الذي راحتْ على كفّيهِ راحاتٌ
وتساقطتْ من حاجبيهِ أتربةٌ
لم تصل إلى الخدّين إلاّ كقطعةٍ من الطين الباردِ
ينتظرُ بعضَ الهواء..
ينتظرُ بعضَ الشموس، لينضجَ كعرقٍ نافرٍ
يأخذكَ إلى أوّل الشلاّلِ
حيثُ الجبالُ تميلُ إلى قواعدها
والأشياءُ تفلتُ الأشياءَ، وتُسلِمها إلى المسامير
هل تجدي المساميرُ في ذمّة الماء؟
قال أحدُ العرّافين: أمامكَ، أياً كنتَ، سكّة سفر
والسفرُ عادةُ بعضِ الماء
وأنتَ محكومٌ ببعض المسامير
كن إذاً أكثرَ غربةً؛ واطمئنْ.
* * *
هكذا أنت:
تفرحُكَ أفراحُ غيرِكَ
وتحزنكَ أحزانك..
كأنكَ تسيطرُ على أيامكَ الماضيةِ تباعاً
وتتركُ تبعاتها تسيطرُ عليك..
تمتصّ آخرَ قطرةٍ من أحلامكَ، وترميها خلفكَ
لتعودَ من حيثُ أتيت.
ويعودُ إليكَ وجهُكَ مصدوماً بالمرآةِ نفسِها
يتقلَّبُ في الطرقاتِ نفسِها
ويقفُ عندَ الكأسِ الفارغة.
أنتَ أخبرُ الناسِ بالكأسِ، لأنك تتأمَّلُها وهي فارغةٌ
إلاّ من الصور التي انهمرَ سكونُها
واحتبستْ عن الحَراك.
هكذا الكأسُ تَراك:
صاحبَ الموقفِ الأولِ، وما دونَ الأخير
وهكذا النوافير:
يدفعها شيءٌ إلى أعلى، وتسحبها عينٌ إلى عين.
* * *
* هكذا:
كلّما التفتَ الغبارُ إلى جهاتٍ
عدتَ أنتَ من الجهاتِ بلا التفاتْ
وكأنما كنتَ المسيَّر في حياةٍ
لم يكن فيها مسارٌ للحياةْ
فإن اقتربتَ، أو ابتعدتَ، أو انتظرتَ إلى النهايةِ
سوفَ تمضي..
هكذا انتهتِ الحكاياتُ التي ابتدأتْ لديكَ وأنتَ آتْ
هكذا تمضي؛ وتمضي الأمنياتْ.
(*): من كتاب يصدر قريباً.
- الرياض
ffnff69@hotmail.com