الثقافية - علياء الناجي:
بين مؤيد ومعارض، عدّ عدد من الأكاديميين والنقاد الأدبيين أن سلاسل كتب «تعلم في أسبوع» ونحوها، لا تعدو عن كونها استخفافاً بعقول القراء، وانتقاصاً واضحا للمعرفة والمعلومة على حدٍ سواء.
وفي المقابل عدّ نقاد آخرون أن كتب الـ«تيك أوي» تتعاطى مع القدرات والقوى الذاتية للفرد، إذا كانت سلاسل الكتب السريعة ذات مرجعية علمية لها قدرة على التغيير والتعلم وتضم بمحتواها أشكالاً من المعرفة، وتساهم بدورها بشكل كبير في اتساع مدارك الإنسان وتعتمد على قدراته الشخصية.
في حين أرجع عدد منهم إقبال القراء على هذه النوعية من كتب الـ «تيك أوي» إلى تدني العلم والمعرفة للبعض، وإلى ما تعمد إليه تلك الكتب من وسائل لتبسيط المعرفة وإيصالها في أسرع وقت إلى أكبر شريحة من القراء.
وعدّ نقاد آخرون أنها وسيلة لمُلاّك دور النشر للربح المادي السريع كون المتلقي قد تنطلي عليه بعض المعلومات غير الصحيحة ومعلومات أخرى فاسدة وصوفها بـ«معلومات العكش»، إضافة لفضول غالبية القراء وبحثهم عن المعرفة من أيسر السُبل.
من جهته، عدّ أستاذ النقد الحديث بجامعة القصيم الدكتور نجيب العمامي، أن سلاسل «الكتب السريعة» لا تعدّ انتقاصاً من المعارف المختصة بها إذا كان لكُتّابها ما يكفي من القدرة على إيصال المعلومات في مدة قصيرة وبصورة مركزة.
وقال العمامي: «إن معنى الأيام الخمسة أو الستة ونحوها للتعلم في الكتب السريعة ليست بالضرورة المقصود بها فعلياً عدد الأيام بقدر ما هو يعني سهولة تعلمها على أي فرد منا وسهولة تطبيقها في ذات الوقت».
وأرجع العمامي سر إقبال الناس على الكتب السريعة «تيك أوي» إلى حظ هؤلاء المتدني من العلم والمعرفة وإلى ما تعمد إليه تلك الكتب من وسائل لتبسيط المعرفة وإيصالها في أسرع وقت إلى شريحة كبيرة من الناس، إضافة إلى فضول القراء وبحثهم عن المعرفة من أيسر السُبل.
وفي السياق ذاته، قال أكاديمي سابق في أدب اللغة الإنجليزية بالمعهد العسكري وعضو في الجمعية العلمية السعودية للغات والترجمة دحام العنزي: «من الناحية التثقيفية لا بأس بها كمعلومة عابرة، ولكن من الناحية العلمية لا تعدو عن كونها أحرف متراصة لا تخرج بالتعليم الأصيل وليست طريقة للتعلم الأكاديمي الذي يفيد الفرد في مراحل حياته كونها لا تعطي معلومة حقيقية مثبته علمياً».
وردّ العنزي انتشار نوعية تلك الكتب إلى استخفاف مُلاك دور النشر بالعقول حيث تعتبر انتقاصاً واضحاً للمعرفة والمعلومة، إذا لم ترتبط الكتب السريعة للتعلم بسلاسل كتب مرتبطة بأكاديميات وجامعات ومعاهد معروفة ومعتمدة حول العالم، مشيراً إلى كونها كتب تعبأ رؤوس القراء بـ«العكش»، على حد وصفه، والمعلومات الفاسدة والتي لا طائل علميّ منها، معتبراً إياها اجتهادات فردية لا تعبر إلا عن آرائهم الشخصية المبنية على اللا مرجعية علمية، وأي شيء لا مرجعية له بالتالي لا حقيقة مثبتة له.
وفي المقابل لذلك رأى الشاعر العماني عبدالله العريمي أن بعض سلاسل الكتب السريعة ذات المرجعية العلمية لها قدرة على تغيير المعرفة وتضم بمحتواها أشكالاً مختلفة من المعرفة وتساهم بشكل كبير في اتساع مدارك الإنسان، موضحاً أن الاصطدام بها لا يعيدنا كما كنا قبلها، وبأنها قادرة على التغيير، مثل سلاسل كتب «الثابت والمتحول» و «فتنة المتخيل» و«لسان العرب» وغيرها.
وأكد العريمي أن سلسلة الأجزاء المتعددة قادرة على التغيير والتنوير على حدٍ سواء، مضيفا: «ولكن كتب التيك آوي، للتعلم فهي برأيي تتعاطى مع القدرات والقوى الذاتية ونحوها وهي وسيلة تجارية ويد يغمسها صاحبها في جيوب القارئ البسيط، وتعد حينها انتقاصاً واستخفافاً بالقراء».
وأشار العريمي إلى أن سرعة انتشار الكتب السريعة يرجع أسبابها إلى أن الناس والقراء ليسوا سواء في الفهم والتلقي وقد تنطلي كذبة المعلومة السريعة على البعض منهم، والإنسان بطبيعته إنسان باحث عن فهم عوالمه «الجوانية» ويملك نزوعاً للمعرفة باختلاف الرؤية والسبيل الذي يتبعه أحدنا.