- من الطبيعي أن يختلف الناس دائماً حول التعبير الأدبي ومدى توافقه ومطابقته للمجتمع الذي هو فيه فمن (المجتمع) تخرج (الكتابة) موسومة بجينات (الكاتب)
ثلاثي لا ينفكّ عن العملية الأدبية الإبداعية..
- يقول مؤلف كتاب «لقاء بين جيلين» الكاتب المصري محمد عبدالحليم:
أذكر أنني جلست مع أحد الأساتذة ودار بيننا حديث جرّنا إلى مجهوداتي الأدبية، فقلت له ببساطة إنني على وشك أن أُخرِجَ مجموعة قصصية جديدة..
فَرَدَّ عليَّ ملاطِفاً خائفاً أن يجرح شعوري قائلاً: أعتقد أنه من الخير لك في المستقبل أن تؤلّف بحثاً أو رسالة!
- ومن هذا المأزق غرَّد الشاعر إياد حكمي بصوت مُدوٍ قبل أيام كاتباً:
(لا تُشجّعوا الكُتَّاب المبتدئين على الطباعة والنشر, لا تُجاملوهم وقاطعوا مؤلفاتهم وإن كانوا أصدقاءكم.. بذلك تكونون مخلصين لهم و لضمائركم وللفن والجمال)!
يُلِحُّ عليّ هذا المطلب منذ وقت طويل..
فأنا وكثيرٌ من القُرّاء تشغلنا لابد القضايا الجمالية الناضجة ومهما تعاطفنا مع الكاتب الذي يُمثِّل مصدر إلهاء كبير إلا أنه قد طفح الكيل والمكيال!
- صحيح أنَّ الكاتب المبتدِئ اليوم في سَعَة من أمره, فلم تعد الكتابة والطباعة والنشر تُمثّل له هاجساً عسيراً..وخصوصاً أنَّ أغلب دُور النشر ماعادت تُركّز على كل ما هو إبداعي أو قِيَمي مما زاد لدى الكاتب المبتدئ قوة شعورية وشحنة وجدانية مصبّها شغف الأكثر مبيعاً والتمركز حول الصدارة الشرائية لا القرائية, أليس هذا مصدر ترف وأُبَّهة لكل من يفاخِر بِـ(صدَر لي)؟!
وقد يكون السبب في فقدان المهارة الكتابية في كثير من الإصدارات التي تحتاج إعادة صقل وكتابة فكيف نريد أن يُدِرَّ الكتَاب قُرَّاءَ وهناك من يسهم في الترويج له كبضاعة إستهلاكية تشبع الخواء الذوقي والمعرفي؟!
- سوق الكساد..
بعد هذين السؤالين:
(ما معنى الكتابة دون قارئ عادي؟)
(وما معنى كتابة قصة أو رواية لن يقرأها غير النقاد؟)
نعرف كيف يفكر بعض الناشرون أيضاً في الإسهام بإصدار الرديء والضعيف لغوياً وأدبياً المقتول أسلوبا و فكرةً فحين يكون المحرِّك تجارياً ربحياً يتضح مبرر التشجيع للمواهب الصاعدة والكفاءات الأدبية.
- نعم أنا أعي أننا قبل أن نكتب بمهارة سنواجه الكثير من الكتابة العادية وهنا يأتي دور الصبر والاشتغال على ما نصبر من أجله وهذا من تقديرنا لأنفسنا حول التجربة الكتابية..
- تجربتي مع مجموعتي القصصية الأولى (عوانٌ بين ذلك) ذات القطع الصغير كانت حلماً قديماً يراودني عن نفسه حتى استطعتُ إليه سبيلاً قبل أن تُعطِّلهُ الحياة حولي..
جمَعتُ ما نُشِر لي بالصحيفة من (ق.ق.ج) لتجريب العالم الورقي مطبوعاً ولكنه كأي مولود بِكر يبقى محط (بروفة) لقادمٍ أشتغل عليه بعونٍ من الله وتُكلان بعد أن يصبح الناشر والمختص في مجاله والرقيب والناقد كلهم أصدقاءٌ لك كي تصل لما هو أفضل لأنهم إن صفقوا لخيباتك فلا هُم أمسكوكَ بمعروفٍ ولا سرّحوكَ بإحسان!
- واعذروني إن قلت «إذا كانت القراءة التي تأخذ وقتنا بلا عائد أو مردود يُهذّب عقولنا و يقوي ألسنتنا ويُضيف لمعرفتنا ما نبني به حضارتنا و نفاخر به أوطاننا فلا أهلاً بالكاتب ولا المكتوب!»
إيمان الأمير - مكة المكرمة
@emanalameer