زائرة الليل جاءت تسألني
تسألني عن حزني وعن وألمي..
تريد أن تعرف عن أدب الأحزان تريد أن تسافر إلى أعماقي..
أن تستبيح سيادة الأعماق... وأن تتسور ذاتي
تتشوق إلى تفاصيل جراحي... وتري العصفور بين أضلعي كيف يئن بصمت
سيدتي.... زائرة الليل
يا من تقرئي قصة حياتي على شمعة صغيرة في ليل الفراق
في قصاصات الورق بين يديك نقوش يدي... رسمت أمام الناس أطلس العمر
أطلس فيه تشابهت عذوبة النهر بمرارة البحر.. تضاريس الدروب صخور حادة وأشواك تدمي العابرين... وكثبان رملية ترضع فيها العشبة من ثدي الصحراء الضما
وعلى جزء من الخريطة يوجد... مطر وشجر... شمس وظل... أمل وحلم.... والورد الجوري يهمس للياسمين... واحة سكنتها الطيور الجميلة....
وعندما هبت العاصفة هاجرت. وعندما تهاجر الطيور تصبح الأماكن والأزمنة خالية وموحشة!!
ريش أجنحة الطيور وعشها المتطاير... وأوراق الشجر... ونظراتي والدموع المتساقطة التي كلما أمطرت المكان ارتوى الخريف بالخريف!!!
زائرة الليل
في ليلة تأملك أوراقي وذكرياتي أخاف أن تكون نصوصي لصوص... تسرق منك المتعة والفرحة وتهبك الألم وتصيب عقاقير الحبر قلبك السعيد بفيروس الحزن!!
أريد أن أهديك منديلا مطرزاً من كبريائي كي لا يتساقط الدمع من عينيك على هامة الشمعة الصَّغيرة في الليل وتنطفئ!
لا أريد أن تترمد ذكريات أودعتها قلبي وأوراقي في ليل كان رغيف البوح هو زادي الوحيد!!
سيدتي
وأنا الشريد البعيد عنك أحلم أن أبقى الطليق في أسر أعماقك..!
دعي ذكرى اللحظات التي عشناها تعيد القمر الذي رحل إلى منازل يكون فيه هو البدر
وتعزف على ربابة الحزن ألحانًا لا يطرب لها ألّا قلبي وقلبك!
في أوراقي رسمت جسر من الدموع كلما حاولت أن أعبر منه محيط الحبر غرقت فيه!
سيدتي زائرة الليل
لقد أبحر بي مركب الفراق إلى البعيد هناك في عرض البحر ليتك تضعين لي على شاطئك وسادة رمل لتتخيلي لحظة نعاسي... صحوة مناماتي الجميلة.... وأنا معك وأنت معي!!
ما أقسى الحنين حين يكون العنوان الوحيد في قصتي معك!!!
حنين ليس له من اللغة بكل أسمائها وضمائرها وأفعالها بكل صفاتها وأدوات الإعراب فيها.. بكل قواميسها ومعاجمها ودواوين الشعر والقصص والراويات فيها
ليس له منها سواء حرف النداء.. (يا)!!
وهل أستطيع بحرف النداء فقط أن أكتب رواية بلا فقد...أو قصيدة مطلعها ميلاد وآخرها لا يرثي مطلعها حين يموت!
سيدتي....
أشعلي الشمعة الصَّغيرة في شيخوخة هذا الظل لتشرق الشمس على كوكب صغير بين يديك لتقرئي عالمي الخاص على معاني رائعة.... دهاء القلوب يكتب ألغاز الحب والتضحية.. الحنان والحرمان!
أشعلي الشمعة في ليلك لتري شمسي ونهاري... وفتشي بين نقاط الحروف وبين مفاصل الكلمات عنا.... وعن أحلامنا ومخاوفنا... هل ضاعت منا... أم نحن الذين ضعنا!!
اسمك واسمي.... أسماؤنا القديمة... أما زالت لنا..!
أسماؤنا القديمة... أما زالت بيننا.. ومن ينادي من...! ؟
سيدتي..... زائرة الليل
أنت عنوانك قلبي حتى إن كان قلبي بلا عنوان.. الفراق لا يمحو خلود اللقاء!!
أنت حسناء ذاكرتي الرقيقة رغم قسوة تضاريس ذاكرتي
لقائي معك كان على جسر الوداع ذات مساء وأنت في هودج الرحيل!!!
يا سيدتي.... يا أليفتي..... يا سيدة ملكت حق الاحتلال العادل لخاطري
ما أقسى الحنين حين يكون عنواني الوحيد معك!!!
سيدتي.... زائرة الليل
أشعلي الشمعة منتصف الليل كي تري الشمس مكتوبة على أورقي
وتري فجيعتي عند الغروب.. وتري لهفتي ساعات السحر لبزوغ رضيع
وفي أوراقي تسمعي أنيني وبكائي حين كانت تخيفني هواجس كسوف شمسي.. أوراقي خواطري قصصي وأشعاري... هي قلبي بين يديك
سيدتي.... زائرة الليل
روايتنا من الغلاف إلى الغلاف
من مبتدأ الكلام إلى نهايته
من أنهر الحبر إلى الضفاف... البطولة قلب وقلب!
هديل الحمام.. وحفيف الريح... وأنيننا على لوعة الفراق... وهمسنا الذي كان.. وصوتك حين كنت تغنين.. وضحكنا على موال منك... ودندنة مني!!!
هذه الأصوات في روايتنا تختبئ اليوم في ضجيج صمتنا الصاخب في الأعماق
ضعي أوراقي عند أذنك لتسمعي.. كيف تلبس الحبر بخفق وآه وأنين..!
سيدتي
في ظلمة هذا الليل وصمته دعي الشعلة الصَّغيرة تتراقص على مسرح الظل
وتتمايل بين كلماتي المسجاة على الأوراق أمام عينيك
واذكريني...... واذكريني بصمت وهمس
واذكري كؤوس الدموع التي كنا نحتسيها في أعياد لقاءاتنا
واذكري... كيف كنا نفر من تفكيرنا الصعب إلى أفكارنا البسيطة
سيدتي.... زائرة الليل
ليتني استطعت أن أغلق قارورة الحبر
وأعدت همس أعماقي إلى صمتها
استليت أناملي من بين أوتار عودي كي يموت البكاء المغنى في أوردة الكلام
ليتني وليتني وليت... ما كانت رمضاء الدروب... رمضاء السطور بين يديك!
سيدتي....
لملمي أوراقي بكل ما فيها من نزف وعزف ... وافتحي نافذتك والقيها في جوف الريح ليمضغها ويلقيها ويبعثرها بين أوتار حفيف الريح الباردة.. وعودي إلى دفء غرفتك وسكون سريرك الوثير
واطفئي الشمعة .... دعي المغيب يسكن عينيك
أما أنا كما هو التشرد في أوراقي سأتشرد وأكثر!!!
أروع ما في نقوش يدي أن بعض ما يبكيني يضحكني...
وأن يومي بات فرساً أصيلا يمتطيه أمسي !!
قطرة الوداع
ما حيلتي ... وعيوني جنينها الدمع لا يعرف السقوط ..!
عبد العزيز حمد الجطيلي - عنيزة
twitter : @aljetaily - e-mail: ayamcan@hotmail.com